الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كانت المتوفى عنها حاملا فعدتها أن تضع حملها سواء تعجل أو تأخر ، وبه قال أكثر الصحابة والتابعين . قال عمر رضي الله عنه : لو وضعت وزوجها على السرير حلت ، وهو قول جمهور الفقهاء ، وحكي عن علي ، وابن عباس أنها تعتد بأقصى الأجلين من الشهور أو الحمل . والدليل على اعتدادها بالحمل ما رواه سعيد بن المسيب عن أبي بن كعب قال : قلت : يا رسول الله هذه الآية مشتركة قال : أي آية ؟ قلت : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ الطلاق : 4 ] المطلقة والمتوفى عنها زوجها ، قال : نعم . وروى الشافعي حديث سبيعة الأسلمية من طرق شتى بألفاظ مختلفة ، ومعان [ ص: 236 ] متفقة أن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا وأنه لقيهم في الطريق فقتلوه فوضعت سبيعة حملها بعد قتل زوجها بنحو من نصف شهر ، فمر بها أبو السنابل بن بعكك وكان يريد خطبتها وقد كرهته : لأنه شيخ وقد خطبها شاب فقال : أراك قد تصنعت للأزواج : وإنما عليك أربعة أشهر وعشر ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال : كذب أبو السنابل : قد حللت قد حللت فانكحي من شئت . وقوله كذب أبو السنابل يعني أخطأ كما قال الشاعر .

                                                                                                                                            كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا

                                                                                                                                            قيل : وكانت هذه القصة بعد حجة الوداع التي لم يعش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها إلا شهورا . وروى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن بعض الصحابة هذا الحديث ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : يا سبيعة أربعي بنفسك فتأوله من ألزمها أقصى الأجلين أقيمي في ربعك لبقائها في العدة ، وتأوله من قال بانقضاء عدته اسكني أي ربع شئت : لانقضاء عدتها ، وهذا التأويل أصح لما روي أن ابن عباس ، وأبا هريرة اختلفا في عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا . فقال ابن عباس : أقصى الأجلين . وقال أبو هريرة : وضع الحمل فأرسلوا أبا سلمة بن عبد الرحمن إلى أم سلمة فذكرت لهم قصة سبيعة الأسلمية فرجع ابن عباس إلى قولها . واستدل ابن مسعود لذلك بمعنى صحيح ، فقال : لما لحقها التغليظ إذا تأخر ، لحقها التخفيف إذا تقدم ؛ ولأنه لما لم تعتبر الأقراء مع الحمل لم تعتبر الشهور مع الحمل : لأن العدة لا يجمع فيها بين جنسين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية