الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإذا لم تكن حاملا فإن مات نصف النهار وقد مضى من الهلال عشر ليال أحصت ما بقي من الهلال ، فإن كان عشرين حفظتها ، ثم اعتدت ثلاثة أشهر بالأهلة ، ثم استقبلت الشهر الرابع ، فأحصت عدة أيامه فإذا كمل لها ثلاثون يوما بلياليها ، فقد أوفت أربعة أشهر ، واستقبلت عشرا بلياليها فإذا أوفت لها عشرا إلى الساعة التي مات فيها فقد انقضت عدتها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وقد مضى حكم هذه العدة في المطلقة إذا اعتدت بالشهور وذكرنا ما فيها من خلاف أبي حنيفة وغيره ، وهي في عدة الوفاة بمثابة وذلك أنه لا يخلو [ ص: 239 ] حال الوفاة من أن يكون في مستهل شهر أو في تضاعيفه ، فإن كانت في مستهل شهر ومع أول هلاله اعتدت أربعة أشهر بالأهلة بحسب وجودها من كمال ونقصان ، ثم بعشرة أيام من الشهر الخامس ، وإن كان في تضاعيف الشهر اعتدت باقيه ، فإن كان الباقي منه عشرة أيام احتسبتها واعتدت بثلاثة أشهر بعدها بالأهلة ، ثم استكملت شهر الوفاة ثلاثين يوما عددا سواء كان كاملا أو ناقصا فتأتي من الشهر الرابع بعشرين يوما تكملة الشهر الأول سواء كان الماضي منه عشرين يوما لكماله ، أو تسعة عشر يوما لنقصانه ، ثم تعتد بعد كمال الأربعة أشهر بعشرة أيام إلى مثل ساعة من اليوم الذي مات فيه زوجها فإن قيل فلم زيد في عدة الوفاة على عدة الطلاق قيل : يحتمل أن يكون ذلك لأمرين : أحدهما : لتمسكه بعصمتها وحفظه لزمامها بخلاف المطلق الذي أبت عصمتها وقطع زمامها فجوزي عليه بالزيادة فيها لحفظ حرمته والرعاية لحسن صحبته . والثاني : ليكون فقد الزوج في استيفاء العدة عليها مجبورا بالزيادة في عدتها ، فإن قيل : فلم قدرها بأربعة أشهر وعشر ، قيل : لمصلحة استأثر بها ، ويجوز أن يكون لأنه أقرب الزمان الذي يتكامل فيه خلق الولد وينفخ فيه الروح ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يكون خلق أحدكم نطفة أربعين يوما ، ثم علقة أربعين يوما ، ثم مضغة أربعين يوما ، ثم يبعث الله ملكا ينفخ فيه الروح فصار نفخ الروح في العشر التي بعد أربعة أشهر ، فلذلك قدرت بأربعة أشهر والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية