الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما تضرب به مع الغرماء ، وكان مقدرا بثلاثة أشهر في الأقراء وبتسعة أشهر مع الحمل نظر أجرة مثل سكناها في هذه المدة فإن كانت ستين درهما نظر مال المفلس مع ديونه ، فإن كان بقدر نصفها ضربت معهم بثلثها وذلك عشرون درهما فإذا أخذتها تولى الزوج استئجار المسكن لها بذلك دونها : لأن حقها في السكنى دون الأجرة فإذا سكنت تلك المدة سكنت بعدها في بقية المدة حيث شاءت ؛ لأن للزوج أن يحصنها في العدة حيث يشاء إذا أقام لها بالسكنى ، فإذا لم يقم به سقط خياره ، وكان الأمر لها في السكنى حيث تشاء من المواضع المأمونة على مثلها وكان ما بقي لها من أجرة السكنى معتبر المقدار بانقضاء العدة ، ولا يخلو حالها في انقضائها من ثلاثة أقسام : أحدها : أن ينقضي في مدة مثل المدة المقدرة لها من غير زيادة ولا نقصان وتضع حملها في تسعة أشهر وينقضي أقراؤها في ثلاثة أشهر فقد استوفت ما استحقته مع الغرماء ، وإن كان الباقي دينا لها في ذمة الزوج يرجع به عليه إذا أيسر . والقسم الثاني : أن تنقضي عدتها في أقل من المدة المقدرة لها فتضع حملها في ستة أشهر ، وتقضي ثلاثة أقراء في شهرين فتصير مدة العدة ثلثي المدة المقدرة فترد على الغرماء ثلث ما أخذته : لأنها ضربت معهم بما هي مستحقة لثلثيه . والقسم الثالث : أن تنقضي عدتها في أكثر من العدة المقدرة لها فتضع حملها في سنة وتقضي أقراءها في أربعة أشهر فتزيد عدتها ثلث العدة المقدرة لها فهل ترجع به على الغرماء أو يكون في ذمة الزوج على ثلاثة أوجه . أحدها : أنها ترجع به على الغرماء كما لو ظهر غريم ضرب معهم بقدر حقه . والوجه الثاني : أنها لا ترجع به على الغرماء ويكون مع بقية السكنى دينا على [ ص: 256 ] الزوج بخلاف الغريم إذا حدث : لأنها ضربت بهذا القدر مع العلم بجواز الزيادة عليه وخالف الغريم الذي لم يعلم به . والوجه الثالث : إن كانت الزيادة في مدة الحمل رجعت بها على الغرماء ، وإن كانت في مدة الأقراء لم يرجع بها عليهم ؛ لأن وضع الحمل مشاهد يمكن أن تقوم به بينة ، ومدة الأقراء مظنونة لا تقوم بها بينة ويرجع إلى قولها في حق الزوج دون غيره فافترقا ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية