الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو تكارت فإن الكراء كان لها من يوم تطلبه وما مضى حق تركته " . قال الماوردي : وهذا صحيح إذا طالبت المعتدة بالسكنى بعد مضي المدة حكم لها بسكنى ما بقي من العدة ، وسقط حقها فيما مضى قبل المطالبة هذا منصوص الشافعي ، ولو كانت هذه المبتوتة ذات حمل وطالبت نفقتها بعد مضي بعض المدة حكم لها بنفقة ما مضى وما بقي ، وهذا نص الشافعي في نفقة الحامل فخالف فيما مضى بين السكنى والنفقة ، واختلف أصحابنا فكان بعضهم يجمع بين الحولين ، ويخرج اختلاف نصه فيهما على اختلاف قولين : أحدهما : يحكم لها بالسكنى والنفقة على ما نص عليه في النفقة . والقول الثاني : لا يحكم لها بالسكنى ولا بالنفقة على ما نص عليه الشافعي في السكنى ، وذهب أكثر أصحابنا إلى حمل الجواب منهما على ظاهره فيحكم لها فيما مضى بالنفقة ولا يحكم لها بالسكنى . والفرق بينهما : أن السكنى تشتمل على حق لها ، وعلى حق عليها ؛ لأن لها المسكن وعليها المقام ، فإذا تركت الحق الذي عليها في تحصين ماء الزوج حيث [ ص: 271 ] يشاء ، وأقامت حيث شاءت سقط الحق الذي لها كما أسقطت الحق الذي عليها : لأن الحقين إذا تقابلا كان سقوط أحدهما موجبا لسقوط الآخر ، وليس كذلك نفقة الحامل : لأنه حق لها تفردت به إما بحملها ، وإما لها لأجل الحمل ، وليس مقابلة حق عليها فلم يسقط بمضي زمانه لوجود معنى استحقاقها كالديون .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية