الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا كان كذلك فالذي يكون به الاستبراء ما قدمناه في استبراء أم الولد فإن كانت حاملا فيوضع الحمل ، وإن كانت من ذوات الشهور فعلى قولين : أحدهما : تستبرأ بشهر واحد . والثاني : بثلاثة أشهر . وإن كانت من ذوات الحيض والطهر فاستبراؤها بقرء واحد ، والذي نص عليه هاهنا أن المعتبر فيه الحيض فتستبرئ نفسها بحيضة كاملة ، وهو معنى قول الشافعي " ثم تحيض حيضة معروفة " يعني كاملة ، ويكون الفرق بين استبراء الأمة وعدة الحرة ما قدمناه ، وفيه وجه ثان ذهب إليه كثير من أصحابنا : أن الاعتبار فيه بالطهر كالحرة وحملوا قول الشافعي هاهنا : " ثم تحيض حيضة معروفة " ليقوى بها ما تقدم من الطهر الذي لم يكمل ، وفيه وجه ثالث ذهب إليه البصريون من أصحابنا : أن كلا الأمرين من الحيض والطهر معتبر مقصوده ؛ لأنه لما تفرد استبراء الأمة بقرء واحد جمع فيه بين الأمرين تقوية لحكمه ، وزيادة في الاستظهار به ، وقد ذكرنا من اعتبار حالهما على اختلاف هذه الوجوه الثلاثة ما أغنى عن الإعادة ، فعلى هذا لو تباعد حيضها كانت في حكم الحرة إذا تباعد حيضها في العدة ، فإن كان لعلة مكثت حتى تحيض فتستبرئ نفسها بقرء أو تبلغ زمان الإياس فتستبرئ بشهر في أحد القولين وبثلاثة أشهر في القول الثاني ، وإن كان لغير علة ففيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها تتربص بنفسها غالب الحمل ستة أشهر ثم تستبرئ بالشهور . والقول الثاني : تتربص بنفسها مدة أكثر الحمل أربع سنين ، ثم تستبرئ بالشهور . والقول الثالث : أنها تستبرئ تتربص بنفسها أبدا حتى تبلغ زمان الإياس ثم تستبرئ بالشهور .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية