الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الحكم الثاني وهو قدر الضمان إذا وجب على المرضعة فقد قال الشافعي : ترجع عليه بنصف المهر ، وقال في الشاهدين " إذا شهدا على رجل بطلاق زوجته قبل الدخول ، ثم رجعا عن الشهادة غرما له جميع المهر " فيما نقله المزني عنه بخلاف الرضاع ، ونقل الربيع عنه أنه يرجع عليها بنصف المهر كالرضاع ، واختلف أصحابنا في الرضاع والشهادة على ثلاثة طرق : أحدها : وهي طريقة أبي سعيد الإصطخري أن جمعوا بين المسألتين وخرجوها على قولين : أحدهما : يرجع في الرضاع والشهادة بنصف المهر على ما نص عليه في الرضاع ؛ لأنه القدر الذي غرمه الزوج فلم يرجع بأكثر منه . [ ص: 383 ] والقول الثاني : أنه يرجع في الرضاع والشهادة بجميع المهر على ما نص عليه في الشهادة لما فيهما من استهلاك البضع عليه بالإحالة بينه وبينه ، فوجب ضمان قيمته ، وهو جميع المهر . والطريقة الثانية : وهي طريقة أبي إسحاق المروزي أن الجواب على ظاهره في الموضعين فيرجع في الرضاع بنصف المهر ، ويرجع في الشهادة بجميع المهر ، والفرق بينهما أن الفرقة في الرضاع وقعت في الظاهر والباطن حقيقة ، والزوج بها معترف ، وقد رجع إليه نصف المهر فلم يرجع على المرضعة إلا بالنصف الذي التزمه ، وخالف الشهادة لوقوع الفرقة بها في الظاهر واعتراف الشهود بإحلالها له ، وأنه لم يسترجع من المهر شيئا ، فلذلك رجع عليهم بقيمة ما فوتوه عليه من البضع وهو جميع المهر . والطريقة الثالثة : أنه يرجع في الرضاع بنصف المهر ، فأما الشهادة فعلى اختلاف حالين فالموضع الذي قال يرجع على الشاهدين بجميع المهر ، إذا كان الزوج قد ساق إليها جميعه ؛ لأنه بإنكار الطلاق لا يرجع عليها بشيء منه فصار ملتزما بجميعه ، فلذلك رجع بجميعه على الشهود ، والموضع الذي يرجع بنصف المهر إذا لم يكن قد دفع إليها جميع الصداق فلا يلزمه إلا دفع نصفه ؛ لأن الزوجة بادعاء الطلاق قبل الدخول لا تستحق إلا نصف المهر ، فصار الذي لزمه نصف المهر فلا يرجع على الشاهدين بأكثر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية