الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من توجيه الأقاويل الثلاثة ، فإن قيل لا خيار لها قبل الدخول وبعده كان دينا في ذمته ترجع به متى أيسر ، وتنظره به ما أعسر ، والقول في المعسر به قوله مع يمينه ، وإن قيل : لها الخيار كان خيارها على الفور بعد التنازع فيه إلى الحاكم : لأن الفسخ به لا يثبت إلا عند حاكم ، فإن أمسكت عن محاكمته بعد العلم بإعساره نظر ؛ فإن كان إمساكها قبل المطالبة بالصداق كانت على حقها من الخيار عند محاكمته : لأنه قد يجوز أن يوسر به عند مطالبته ، وإن كان إمساكها بعد المطالبة به سقط خيارها ، وكان الإمساك عن محاكمته رضا بإعساره ، ولو حاكمته وعرض عليها الحاكم الفسخ وخيرها فيه فاختارت المقام معه سقط خيارها ، فإن عادت تحاكمه وتطلب فسخ نكاحه فلا خيار لها : لأنه إن كانت المحاكمة الأولى بعد الدخول لاستوى إعساره في الحالين ، فسقط حكم الخيار فيه مع الرضا به كالخيار في جميع العيوب ، وإن كانت المحاكمة الأولى والرضا فيها بالمقام قبل الدخول والمحاكمة الثانية بعد الدخول ففي استحقاقها للخيار وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا خيار لها كما لو كانت المحاكمتان بعد الدخول .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لها الخيار في محاكمته بعد الأولى ، وإن رضيت بإعساره قبل الدخول : لأن ملكها قبل الدخول قد كان مستقرا على نصفه وبعد الدخول على جميعه ، فصار إعساره بعد الدخول بحق لم يكن مستقرا قبل الدخول فجاز أن تستجد به خيارا لم يكن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية