الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ كيفية القسمة ] .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : وينبغي للقاسم أن يحصي أهل القسم ومبلغ حقوقهم ، فإن كان فيهم من له سدس وثلث ونصف قسمه على أقل السهمان وهو السدس فيها ، فيجعل لصاحب السدس سهما ولصاحب الثلث سهمين ولصاحب النصف ثلاثة ثم يقسم الدار على ستة أجزاء ثم يكتب أسماء أهل السهمان في رقاع قراطيس صغار ثم يدرجها في بندق طين يدور وإذا استوت ألقاها في حجر من لم يحضر البندقة ولا الكتاب ثم سمى السهمان أولا وثانيا وثالثا ، ثم قال : أخرج على الأول بندقة واحدة فإذا أخرجها فضها فإذا خرج اسم صاحبها جعل له السهم الأول ، فإن كان صاحب السدس فهو له ولا شيء لهم غيره ، وإن كان صاحب الثلث فهو له والسهم الذي يليه ، وإن كان صاحب النصف فهو له والسهمان اللذان يليانه ثم قيل له أخرج بندقة على السهم الذي يلي ما خرج فإذا خرج فيها اسم رجل فهو له كما وصفت حتى تنفد السهمان " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا الذي وصفه الشافعي في القسمة يشتمل على فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : عمل القسمة .

                                                                                                                                            والثاني : صفة القرعة .

                                                                                                                                            [ ص: 253 ] عمل القسمة .

                                                                                                                                            فأما الفصل الأول : في عملها فهو أن يعرف القاسم قدر سهام الشركاء .

                                                                                                                                            فإن تساوت قسم الأرض على عددهم .

                                                                                                                                            وإن تفاضلت قسمها على أقل السهام لاشتمال الأكثر على الأقل .

                                                                                                                                            فإذا قسمها على عددهم لتساوي سهامهم كثلاثة شركاء في أرض متساوية الأجزاء هي بينهم بالسوية أثلاثا فيقسمها ثلاثة سهام معتدلة بالمساحة . فإن كانت ثلاثين جريبا جعل كل سهم منها عشرة أجربة ثم أقرع بينهم فيها .

                                                                                                                                            وهو في القرعة بالخيار وبين أن يكتب الأسماء ويخرج على السهام وبين أن يكتب السهام ويخرج على الأسماء .

                                                                                                                                            فإن كتب الأسماء وأخرج على السهام كتب أسماء الشركاء الثلاثة في رقاع ثلاث ، في أحدها زيد ، وفي الأخرى عمرو ، وفي الثالثة بكر ، ثم قال : اخرج على السهم الأول ، فإن خرج اسم زيد أخذ السهم الأول ، ثم قال اخرج على السهم الثاني ، فإن خرج اسم عمرو أخذ السهم الثاني وصار السهم الثالث لبكر .

                                                                                                                                            وإن كتب السهام وأخرج على الأسماء ، كتب في أحد الرقاع السهم الأول ، وفي أخرى السهم الثاني ، وفي أخرى السهم الثالث ، ثم قالا اخرج لزيد ، فإن خرج له السهم الأول ، ثم قال اخرج لعمرو فإن خرج له السهم الثالث أخذه ، وصار السهم الثاني لبكر .

                                                                                                                                            ثم على هذا المثال فيما قل من العدد أو كثر .

                                                                                                                                            فأما إن اختلفت سهام الشركاء ، كثلاثة شركاء في أرض متساوية الأجزاء لأحدهم سدسها ولآخر ثلثها ، ولآخر نصفها ، فهذه يقسمها على أقل السهام ، وهو السدس ، فيجعل كل سهم من الأرض التي مساحتها ثلاثون جريبا خمسة أجربة هي سدسها .

                                                                                                                                            ثم يقرع بينهم على وجه واحد . وهو أن يكتب الأسماء ويخرج على السهام فيقول اخرج على السهم الأول .

                                                                                                                                            فإن خرج اسم صاحب السدس أخذه وحده ، وقال اخرج على السهم الثاني فإن خرج اسم صاحب الثلث أخذه والسهم الذي يليه ، وهو الثالث ، لأن له سهمين وملكه يجمع في القسمة ولا يفرق ، وبقيت السهام الثلاثة لصاحب النصف ، وهو الرابع ، والخامس ، والسادس . ولو خرج على السهم الأول صاحب النصف أخذه ، واللذين يليانه وهما الثاني والثالث ، لما يلزم من جمع ملكه في القسمة ، ثم قال اخرج على [ ص: 254 ] السهم الرابع ، فإن خرج اسم صاحب الثالث أخذه والسهم الذي يليه ، وهو الخامس ، وبقي السهم السادس لصاحب السدس .

                                                                                                                                            ثم على هذا المثال فيما قل من السهام وكثر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية