فصل
، بأن ضرب الدابة أو كبحها فوق العادة ، وعادة الضرب تختلف في حق الراكب ، والرائض ، والراعي ، فكل يراعى فيه عادة أمثاله ، ويحتمل في الأجير للرياضة والرعي ما لا يحتمل في المستأجر للركوب . المستأجر يضمن بالتعدي
وأما ، فلا يوجب ضمانا ، ويخالف ضرب الزوج زوجته ، فإنه يضمن ، لأنه يمكن تأديبها بغير الضرب . ولو نام بالليل في الثوب الذي استأجره ، أو نقل فيه التراب ، أو ألبسه عصارا ، أو دباغا ، أو غيرهما ممن هو دون حاله ، أو أسكن الدار قصارا أو حدادا أو غيرهما ممن هو أشد ضررا منه ، أو أركب [ ص: 233 ] الدابة أثقل منه ، وجب الضمان ، وقراره على الثاني إن كان عالما ، وإلا ، فعلى الأول . وإن أركبها مثله ، فجاوز العادة في الضرب ، فالضمان على الثاني دون الأول ، لأنه لم يتعد . ولو اكترى لمائة رطل حديد ، فحمل مائة من القطن أو التبن ، أو بالعكس ، أو مائة رطل حنطة ، فحمل مائة رطل شعير أو عكسه ، ضمن ، لأن الشعير أخف ، ومأخذه من ظهر الدابة أكثر ، والحنطة يجتمع ثقلها في موضع واحد ، وكذا القطن والحديد . ولو اكترى لعشرة أقفزة حنطة ، فحمل عشرة شعيرا ، لم يضمن ، لأن قدرهما في الحجم سواء ، والشعير أخف ، وبالعكس يضمن . ولو اكترى ليركب بسرج ، فركب بلا شيء أو عكسه ، ضمن ، لأن الأول أضر بالدابة ، والثاني زيادة على المشروط . ولو اكترى ليحمل عليها بالإكاف ، فحمل بالسرج ، ضمن ، لأنه أشق عليها ، وبالعكس لا يضمن ، إلا أن يكون أثقل ، ولو اكترى ليركب بالسرج ، فركب بالإكاف ، ضمن ، وبالعكس لا يضمن ، إلا أن يكون أثقل ، وقس على [ هذا ] أشباهه . الضرب المعتاد ، إذا أفضى إلى تلف
فرع
، نظر ، إن كانت الزيادة بقدر ما يقع من التفاوت بين الكيلين من ذلك المبلغ ، فلا عبرة بها ، وإن كانت أكثر ، بأن كان المشروط عشرة آصع ، والمحمول أحد عشر ، فللمسألة ثلاثة أحوال . لو اكترى دابة لحمل مقدار سمياه ، فكان المحمول أكثر
أحدها : إذا كال المستأجر الطعام ، وحمله هو عليها ، فعليه أجرة المثل لما زاد على المشهور ، وفي قول : عليه أجرة المثل للجميع . وفي قول : يتخير بين المسمى وما دخل الدابة من نقص وبين أجرة المثل . وفي قول : يتخير بين المسمى وأجرة المثل للزيادة وبين أجرة المثل للجميع . فلو تلفت البهيمة بالحمل ، فإن انفراد المستأجر باليد ، ولم يكن معها صاحبها ، فعليه ضمانها ، لأنه صار غاصبا ، وإن كان معها صاحبها ، فهل [ ص: 234 ] يلزمه كل القيمة ، أم نصفها ، أم قسط الزيادة من جملة القيمة ؟ فيه أقوال . أظهرها : الثالث ، ورجحه الإمام وغيره . وعن الشيخ أبي محمد ، أن الثاني أظهر . ولو ، ضمن عند انفراده باليد ، ولم يضمن إذا لم ينفرد . و [ أما ] إذا لم يحمل المستأجر الطعام بنفسه ، ولكنه كاله وسلمه إلى المؤجر ، فحمله المؤجر على البهيمة ، فإن كان المؤجر جاهلا بالحال ، بأن قال له هو عشرة كاذبا ، وجب الضمان على المذهب ، كما لو حمل بنفسه . تلفت الدابة بسبب غير الحمل
وقيل : قولان ، لاجتماع الغرور والمباشرة . وإن كان عالما بالزيادة ، نظر ، إن لم يقل له المستأجر شيئا ، ولكن حمله المؤجر ، فحكمه ما يأتي في الحال الثاني ، لأنه حمل بغير إذن صاحبه ، ولا فرق بين أن يضعه المستأجر على الأرض فيحمله المؤجر على البهيمة ، وبين أن يضعه على ظهر الدابة وهى واقفة فيسيرها المؤجر . وإن قال المستأجر : احمل هذه الزيادة ، فأجابه ، قال المتولي : هو مستعير للبهيمة في الزيادة ، فلا أجرة لها ، وإذا تلفت البهيمة بالحمل ، فعليه الضمان . وفي كلام الأئمة ما ينازعه في الأجرة والضمان جميعا .
الحال الثاني : إذا كال المؤجر وحمله على البهيمة ، فلا أجرة لما زاد ، سواء غلط أو تعمد ، وسواء جهل المستأجر الزيادة أو علمها وسكت ، لأنه لم يأذن في نقل الزيادة ، فلا يجب عليه ضمان البهيمة ، وله مطالبة المؤجر برد الزيادة إلى الموضع المنقول منه ، وليس للمؤجر أن يردها دون رضاه . فلو لم يعلم المستأجر حتى عاد إلى البلد المنقول منه ، فله مطالبة المؤجر بردها . والأظهر أو الأصح : أن له مطالبته ببدلها في الحال ، كما لو أبق المغصوب من يد الغاصب .
والثاني : لا يطالبه ببدلها ، لأن عين ماله باقية ، وردها مقدور عليه . فإذا قلنا بالأول ، فغرم البدل ، فإذا ردها إلى ذلك البلد ، استرد البدل وردها إليه .
أما لو كال المؤجر ، وحمله المستأجر على البهيمة ، قال المتولي : إن كان المؤجر عالما بالزيادة ، فهو كما لو كال بنفسه وحمل ، [ ص: 235 ] لأنه لما علم بالزيادة كان من حقه أن لا يحملها . وإن كان جاهلا ، فوجهان مأخوذان مما لو قدم الطعام المغصوب إلى المالك فأكله جاهلا ، هل يبرأ من الضمان ؟ الحال الثالث : إذا كال أجنبي وحمل بلا إذن ، فعليه أجرة الزيادة للمؤجر ، وعليه الرد إلى الموضع المنقول منه إن طالبه المستأجر ، وضمان البهيمة على ما ذكرناه في حق المستأجر . وإن تولى الحمل بعد كيل الأجنبي أحد المتكاريين ، نظر ، أعالم هو ، أم جاهل ؟ ويقاس بما ذكرناه . هذا كله إذا اتفقا على الزيادة ، وعلى أنها للمستأجر ، فإن اختلفا في أصل الزيادة ، أو قدرها ، فالقول قول المنكر . وإن ادعى المؤجر أن الزيادة له ، والدابة في يده ، فالقول قوله . وإن لم يدعها واحد منهما ، تركت في يد من هي في يده حتى يظهر مستحقها ، ولا يلزم المستأجر أجرتها .
فرع
لو وجد المحمول على الدابة دون المشروط ، نظر ، إن كان النقص بقدر ما يقع من التفاوت بين الكيلين ، فلا عبرة به ، وإن كان أكثر ، قال المتولي : إن كال المؤجر ، حط من الأجرة بقسطه إن لم يعلم المستأجر . فإن علم ، فإن كانت الإجارة في الذمة ، فكذلك ، لأنه لم يف بالمشروط . وإن كانت إجارة عين ، فالحكم كما لو كال المستأجر بنفسه ونقص ، فلا يحط شيء من الأجرة ، لأن التمكين من الاستيفاء قد حصل ، وذلك كاف في تقرر الأجرة .
فرع
، ففيما يلزم المرتدف [ ص: 236 ] ثلاثة أوجه . أحدها : نصف القيمة . والثاني : ثلثها . والثالث : تقسط على أوزانهم ، فيلزمه حصة وزنه . اكترى اثنان دابة وركباها ، فارتدفهما ثالث بغير إذنهما ، فتلفت
قلت : أصحها : الثاني . قال الشيخ أبو حامد وغيره : لو ، لم يضمنها المسخر ، لأنها في يد صاحبها . والله أعلم . سخر رجلا مع بهيمته ، فتلفت البهيمة في يد صاحبها