[ ص: 334 ] الباب الثاني في أحكام الوقف الصحيح
إذا صح الوقف ، ترتب عليه أحكام ، منها : . ما ينشأ من اللفظ المستعمل في الوقف ويختلف باختلاف الألفاظ
ومنها : ما يقتضيه المعنى ، فلا يختلف باختلاف اللفظ ، ويجمع الباب طرفان .
[ الطرف ] الأول : في الأحكام اللفظية ، والأصل فيه أن شروط الواقف مرعية ما لم يكن فيها ما ينافي الوقف ، وفيه مسائل .
[ المسألة ] الأولى : ، فلا ترتيب ، بل يسوى بين الجميع ، ولو زاد فقال : ما تناسلوا ، أو بطنا بعد بطن ، فكذلك ، ويحمل على التعميم على الصحيح . وقال قال : وقفت على أولادي ، وأولاد أولادي الزيادي : قوله : بطنا بعد بطن ، يقتضي الترتيب ، ولو قال : على أولادي ، ثم على أولاد أولادي ، ثم على أولاد أولاد أولادي ما تناسلوا ، أو بطنا بعد بطن ، فهو للترتيب ، ولا يصرف إلى البطن الثاني شيء ما بقي من الأول واحد ، ولا إلى الثالث ما بقي من الثاني أحد ، كذا أطلقه الجمهور . والقياس فيما إذا مات واحد من البطن الأول ، أن يجيء في نصيبه الخلاف السابق فيما لو ؟ ولم أر تعرضا إليه إلا وقف على شخصين ، أو جماعة ، ثم على المساكين فمات واحد ، فإلى من يصرف نصيبه لأبي الفرج السرخسي ، فإنه سوى بين الصورتين ، وحكى فيهما وجهين ، أحدهما : أن نصيب الميت لصاحبه ، والثاني : أنه لأقرب الناس إلى الواقف ، وكذا ذكر صاحب " الإيضاح " أن يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف .
[ ص: 335 ] قلت : الصحيح : ما أطلقه الجمهور ، لأن من بقي بعد موت بعض الأولاد يسمون أولادا ، بخلاف ما إذا مات أحد الشخصين . ثم إن مراعاة الترتيب لا تنتهي عند البطن الثالث ، والرابع بل يعتبر الترتيب في جميع البطون ، فلا يصرف إلى بطن وهناك أحد من بطن أقرب ، صرح به البغوي ، وغيره . - والله أعلم - .
ولو ، فمقتضاه الترتيب أيضا . ولو قال : فمن مات من أولادي فنصيبه لولده ، اتبع شرطه . قال : على أولادي وأولاد أولادي الأعلى فالأعلى ، أو الأقرب ، فالأقرب ، أو الأول فالأول ، أو يبدأ بالأعلى منهم ، أو على أن لا حق لبطن ، وهناك أحد فوقهم
فرع
قال : على أولادي ، ثم على أولاد أولادي ، وأولاد أولاد أولادي ، فمقتضاه الترتيب بين البطن الأول ، ومن دونهم ، والجمع بين من دونهم . ولو قال : على أولادي ، وأولاد أولادي ، ثم على أولاد أولاد أولادي ، فمقتضاه الجمع أولا ، والترتيب ثانيا .
فرع
، فنصيبه لأولاده خاصة ، ويشاركون الباقين فيما عدا نصيب أبيهم . المسألة الثانية : إذا قال : على أولادي ، وأولاد أولادي ، ومن مات منهم ، فنصيبه لأولاده ، فمات واحد ، ففي دخول أولاد الأولاد ثلاثة أوجه : أصحها : لا يدخلون ، والثاني : يدخلون ، والثالث : يدخل أولاد البنين دون [ ص: 336 ] أولاد البنات ، وهذا الخلاف عند الإطلاق ، وقد يقرن باللفظ ما يقتضي الجزم بخروجهم ، كقوله : وقف على الأولاد ، ولو وقفت على أولادي ، فإذا انقرضوا فلأحفادي الثلث ، والباقي للفقراء ، حمل اللفظ عليهم ، قاله وقف على الأولاد ، ولم يكن له إلا أولاد الأولاد المتولي ، وغيره ، ولو ، ففي دخول أولاد أولاد أولاده الخلاف ، الثالثة : وقف على أولاده وأولاد أولاده . الرابعة : الوقف على الأولاد ، يدخل فيه البنون ، والبنات ، والخنثى المشكل ، وفي دخول بني البنين ، والبنات الأوجه الثلاثة . الخامسة : الوقف على البنين ، لا يدخل فيه الخنثى ، وفي بنات الأولاد الأوجه . السادسة : الوقف على البنات ، لا يدخل فيه الخنثى ، وقيل : لا لأنه لا يعد من هؤلاء ، ولا من هؤلاء . السابعة : وقف على وقف على البنين والبنات ، دخل الخنثى على الأصح بني تميم ، وصححنا مثل هذا الوقف ، ففي دخول نسائهم وجهان : أحدهما : المنع ، كالوقف على بني زيد ، وأصحهما : الدخول لأنه يعبر به عن القبيلة . الثامنة : ، دخل فيه أولاد البنين ، والبنات ، فإن قال : على من ينتسب إلي من أولاد أولادي ، لم يدخل أولاد البنات على الصحيح . وقف على أولاده ، وأولاد أولاده
فرع
المستحقون في هذه الألفاظ ، لو ؟ فيه وجهان حكاهما كان أحدهم حملا عند الوقف ، هل يدخل حتى يوقف له شيء المتولي . أحدهما : نعم ، كالميراث ، ويستحق [ ص: 337 ] الغلة في مدة الحمل . والصحيح : لا ، لأنه قبل الانفصال لا يسمى ولدا ، وأما غلة ما بعد الانفصال ، فيستحقها قطعا ، وكذا الأولاد الحادث علوقهم بعد الوقف ، يستحقون إذا انفصلوا . هذا هو الصحيح المقطوع به في الكتب ، وفي أمالي السرخسي خلافه .
قلت : ومما يتفرع على الصحيح أنه لا يستحق غلة مدة الحمل : أنه لو كان الموقوف نخلة ، فخرجت ثمرتها قبل خروج الحمل ، لا يكون له من تلك الثمرة شيء ، كذا قطع به الفوراني ، والبغوي ، وأطلقاه . وقال الدارمي في " الاستذكار " : في الثمرة التي أطلعت ، ولم تؤبر ، قولان : هل لها حكم المؤبرة ، فتكون للبطن الأول ، أو لا ، فتكون للثاني ؟ وهذان القولان يجريان هنا - والله أعلم - .
فرع
، وخروجه عن كونه ولدا ، وعن المنفي باللعان ، لا يستحق شيئا ، لانقطاع نسبه أبي إسحاق : أنه يستحق ، وأثر اللعان مقصور على الملاعن .
قلت : فلو استلحقه بعد نفيه دخل في الوقف قطعا ، ذكره البغوي - والله أعلم - .
التاسعة : دخل فيه أولاد البنين والبنات ، قريبهم ، وبعيدهم ، ولو حدث حمل ، قال قال : وقفت على ذريتي ، أو عقبي ، أو نسلي المتولي : يوقف نصيبه قطعا ، لأنه من نسله ، وعقبه قطعا ، ولو وقف على عترته ، قال ، ابن الأعرابي وثعلب : هم ذريته ، وقال القتيبي : هم عشيرته ، وهما وجهان للأصحاب ، أصحهما : الثاني ، وقد روي ذلك عن . زيد بن أرقم
[ ص: 338 ] قلت : هذان المذهبان مشهوران لأهل اللغة غير مختصين بالمذكورين ، لكن أكثر من جعلهم عشيرته خصهم بالأقربين ، قال الأزهري : قال بعض أهل اللغة : عترته : عشيرته الأدنون ، وقال الجوهري : عترته : نسله ورهطه الأدنون . وقال الزبيري : عترته : أقرباؤه من ولد ، وغيره ، ومقتضى هذه الأقوال أنه يدخل ذريته عشيرته الأدنون ، وهذا هو الظاهر المختار والله أعلم .
العاشرة : قال : على عشيرتي ، فهو كقوله : على قرابتي . وإذا قال : على قرابتي ، أو أقرب الناس إلي ، فعلى ما سنذكره في الوصية - إن شاء الله تعالى - وقال المتولي : ، لا يدخل فيه إلا قرابة الأب ، ثم إذا كانوا غير محصورين ، ففيهم الخلاف السابق ، ثم من حدث بعد الوقف يشاركون الموجودين عند الوقف على الصحيح ، وعن قوله : على قبيلتي ، أو عشيرتي منعه . البويطي
الحادية عشرة : اسم المولى يقع على المعتق ، ويقال له : المولى الأعلى ، وعلى العتيق ، ويقال له : المولى الأسفل ، فإذا وقف على مواليه ، وليس له إلا أحدهما ، فالوقف عليه ، وإن ؟ فيه أربعة أوجه : أصحها في " التنبيه " الأول ، وفي " الوجيز " الرابع . وجدا جميعا ، فهل يقسم بينهما ، أم يختص به الأعلى ، أم الأسفل ، أم يبطل الوقف
قلت : الأصح الأول ، وقد صححه أيضا الجرجاني في " التحرير " ، وحكى الدارمي وجها خامسا ، أنه موقوف حتى يصطلحوا ، وليس بشيء والله أعلم .