فصل
الصفة ، والاستثناء عقيب الجمل المعطوف بعضها على بعض يرجعان إلى الجميع . مثال الصفة : . ومثال الاستثناء : وقفت على أولادي وأحفادي ، وإخوتي المحتاجين منهم ، هكذا أطلقه الأصحاب ، ورأى الإمام تقييده بقيدين : أحدهما : أن يكون العطف بالواو ، فإن كان بـ " ثم " اختصت الصفة ، والاستثناء بالجملة الأخيرة . والثاني : أن لا يتخلل بين الجملتين كلام طويل ، فإن تخلل كقوله : على أن من مات منهم ، وله عقب ، فنصيبه بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن لم يعقب ، فنصيبه للذين في درجته ، فإذا انقرضوا ، فهو مصروف إلى إخوتي إلا أن يفسق أحدهم ، فالاستثناء يختص بالأخوة ، والصفة المتقدمة على جميع الجمل ، كقوله : وقفت على فقراء أولادي ، وأولاد أولادي ، وإخوتي ، كالمتأخرة عن جميعها ، حتى يعتبر الفقر في الكل . وقفت على أولادي وأحفادي ، وإخوتي ، إلا أن يفسق واحد منهم
فرع
البطن الثاني هل يتلقون الوقف من الواقف ، أم من البطن الأول ؟ فيه وجهان . أصحهما : من الواقف .
[ ص: 342 ] الطرف الثاني : في الأحكام المعنوية ، فمنها اللزوم في الحال ، سواء أضافه إلى ما بعد الموت ، أم لم يضفه ، وسواء سلمه ، أم لم يسلمه ، قضى به قاض ، أم لا .
قلت : وسواء في هذا كان الوقف على جهة ، أو شخص ، وسواء قلنا : الملك في رقبة الوقف لله تعالى ، أم للموقوف عليه ، أم باق للواقف ، ولا خلاف في هذا بين أصحابنا إلا ما شذ به الجرجاني في " التحرير " فقال : إذا كان على شخص وقلنا : الملك للموقوف عليه ، افتقر إلى قبضه كالهبة ، وهذا غلط ظاهر ، وشذوذ مردود ، نبهت عليه لئلا يغتر به والله أعلم .
وإذا لزم امتنعت التصرفات القادحة في غرض الوقف ، وفي شرطه ، وسواء في امتناعها الواقف وغيره ، وأما رقبة الوقف ، فالمذهب وهو نصه في " المختصر " هنا : أن الملك فيها انتقل إلى الله تعالى . وفي قول : إلى الموقوف عليه . وخرج قول : أنه باق على ملك الواقف . وقيل : بالأول قطعا ، وقيل : بالثاني قطعا ، وقيل : إن كان الوقف على معين ملكه قطعا ، وإن كان على جهة انتقل إلى الله تعالى قطعا ، واختاره ، ولا فرق عند جمهور الأصحاب ، هذا كله إذا وقف على شخص ، أو جهة عامة ، فأما إذا جعل البقعة مسجدا ، أو مقبرة ، فهو فك عن الملك كتحرير الرقيق ، فينقطع عنها اختصاصات الآدميين قطعا . الغزالي