فصل
في الأصل للواقف ، فإن شرطها لنفسه ، أو لغيره اتبع شرطه ، وأشار في " النهاية " إلى خلاف فيما إذا كان الوقف على معين وشرط [ ص: 347 ] التولية لأجنبي ، هل يتبع شرطه إذا فرعنا على أن الملك في الوقف للموقوف عليه ؟ والمذهب : الأول ، وبه قطع الجمهور ، وسواء فرض في الحياة ، أو أوصى فكل منهما معمول به ، وإن حق تولية أمر الوقف ، فثلاثة طرق : أحدها : هل النظر للواقف ، أم للموقوف عليه أم للحاكم ؟ فيه ثلاثة أوجه ، والطريق الثاني : يبنى على الخلاف في ملك الرقبة ، فإن قلنا : هو للواقف ، فالتولية له على الأصح ، وقيل : للحاكم لتعلق حق الغير به ، وإن قلنا : لله تعالى فهي للحاكم ، وقيل : للواقف إذا كان الوقف على جهة عامة ، فإن قيامه بأمر الوقف من تتمة القربة ، وقيل : للموقوف عليه إن كان معينا ، لأن الغلة ، والمنفعة له ، وإن قلنا : الملك للموقوف عليه فالتولية له ، والطريق الثالث قاله كثيرون : التولية للواقف بلا خلاف ، والذي يقتضي كلام معظم الأصحاب الفتوى به أن يقال : إن كان الوقف على جهة عامة فالتولية للحاكم كما لو وقف على مسجد ، أو رباط ، وإن كان على معين ، فكذلك إن قلنا : الملك ينتقل إلى الله تعالى ، وإن جعلناه للواقف ، أو الموقوف عليه ، فكذلك التولية . وقف ولم يشرط التولية لحد
فرع
لا بد من ، والصلاحية بالأمانة ، والكفاية في التصرف ، واعتبارهما كاعتبارهما في الوصي ، والقيم ، وسواء في اشتراطهما المنصوب للتولية والواقف إذا قلنا : هو المتولي عند الإطلاق ، وسواء الوقف على الجهة العامة ، والأشخاص المعينين . وقيل : لا تشترط العدالة إذا كان الوقف على معينين ، ولا طفل فيهم ، فإن خان حملوه على السداد ، والصواب المعروف هو الأول . حتى لو فوض إلى [ ص: 348 ] موصوف بالأمانة والكفاية ، فاختلت إحداهما ، انتزع الحاكم الوقف منه ، وقبول المتولي ينبغي أن يجيء فيه ما في قبول الوكيل والموقوف عليه . صلاحية المتولي لشغل التولية
فرع
العمارة ، والإجارة ، وتحصيل الغلة ، وقسمتها على المستحقين ، وحفظ الأصول والغلات على الاحتياط ، هذا عند الإطلاق ، ويجوز أن ينصب الواقف متوليا لبعض الأمور دون بعض ، بأن يجعل إلى واحد العمارة ، وتحصيل الغلة ، وإلى آخر حفظها ، وقسمتها على المستحقين ، أو يشرط لواحد الحفظ ، واليد ، ولآخر التصرف ، ولو فرض إلى اثنين ، لم يستقل أحدهما بالتصرف ، ولو وظيفة المتولي ، فإن لم يكن فيهم إلا عدل واحد ، ضم إليه الحاكم عدلا آخر . قال : وقفت على أولادي على أن يكون النظر لعدلين منهم
فرع
لو جاز ، وكان ذلك أجرة عمله ، فلو لم يشرط شيئا ، ففي استحقاقه أجرة عمله الخلاف السابق فيما لو استعمل إنسانا ، ولم يذكر له أجرة ، ولو شرط الواقف للمتولي شيئا من الغلة بطل استحقاقه ، وإن لم يتعرض لكونه أجرة ، ففي فتاوى شرط للمتولي عشر الغلة أجرة لعمله ثم عزله القفال : أنه لا يبطل استحقاقه ، لأن العشر وقف عليه ، فهو كأحد الموقوف عليهم ، ويجوز أن يقال : إذا أثبتنا الأجرة بمجرد التفويض أخذا من العادة ، فالعادة تقتضي أن المشروط للمتولي أجرة عمله ، وإن لم يصفه بأنه أجرة ، ويلزم من ذلك بطلان الاستحقاق بالعزل .
[ ص: 349 ] فرع
، ولا يجوز ضم الضمان إلى مال الوقف ، ليس للمتولي أن يأخذ من مال الوقف شيئا على أن يضمنه ، ولو فعل ضمن ، حكمه حكم إقراض مال الصبي . وإقراض مال الوقف
فرع
للواقف أن يعزل من ولاه وينصب غيره ، كما يعزل الوكيل ، وكأن المتولي نائب عنه ، هذا هو الصحيح وبه قال الإصطخري ، وأبو الطيب بن سلمة ، وفي وجه : ليس له العزل لأن ملكه زال فلا تبقى ولايته عليه ، ويشبه أن تكون المسألة مفروضة في التولية بعد تمام الوقف دون ما إذا ، لأن في فتاوى وقف بشرط أن تكون التولية لفلان البغوي : أنه لو - رضي الله عنه - ثم قال لعالم : فوضت إليك تدريسها ، أو اذهب ودرس فيها الشافعي ، كان له إبداله بغيره ، ولو وقف مدرسة على أصحاب ، فهو لازم لا يجوز تبديله ، كما لو وقف على أولاده الفقراء ، لا يجوز التبديل بالأغنياء ، وهذا حسن في صيغة الشرط ، وغير متضح في قوله : وقفتها وفوضت التدريس إليه . وقف بشرط أن يكون هو مدرسها ، أو قال حال الوقف : فوضت تدريسها إلى فلان
قلت : هذا الذي استحسنه الإمام الرافعي ، هو الأصح ، أو الصحيح ، ويتعين أن تكون صورة المسألة كما ذكر ، ومن أطلقها ، فكلامه محمول على هذا ، وفي فتاوى - رحمه الله تعالى - : أنه ليس للواقف تبديل من شرط النظر له حال إنشاء الوقف ، وإن رأى المصلحة في تبديله ، ولا حكم له [ ص: 350 ] في ذلك وأمثاله بعد تمام الوقف ، ولو الشيخ أبي عمرو بن الصلاح ، فليس للواقف نصب غيره ، فإنه لا نظر له بعد أن جعل النظر في حالة الوقف لغيره ، بل ينصب الحاكم ناظرا . عزل الناظر المعين حالة إنشاء الوقف نفسه
وفيها : أنه إذا ، لم ينفذ عزله ، ولا يملك الواقف عزل زيد في الحال ، ولا بعدها كما تقدم . جعل في حالة الوقف النظر لزيد بعد انتقال الوقف من عمرو إلى الفقراء ، فعزل زيد نفسه قبل انتقاله إلى الفقراء
وفيها :
[ أنه ] ليس للناظر أن يسند ما جعل له من الإسناد قبل مصير النظر إليه .
وفيها : أنه لو ثبت له النظر . شرط النظر للأرشد من أولاد أولاده فكان الأرشد من أولاد البنات
وفيها : أنه إذا ، اشتركوا في النظر من غير استقلال إذا وجدت الأهلية في جميعهم ، فإن وجدت في بعضهم اختص بذلك ، لأن البينات تعارضت في الأرشد ، فتساقطت وبقي أصل الرشد ، فصار كما لو قامت البينة برشد الجميع من غير تفصيل ، وحكمه التشريك لعدم المزية ، وأما عدم الاستقلال ، فكما لو أوصى إلى شخصين مطلقا وفيها : أنه لو كان له النظر على مواضع في بلدان ، فأثبت أهلية نظره في مكان منها ، ثبت أهليته في باقي الأماكن من حيث الأمانة ، ولا تثبت من حيث الكفاية ، إلا أن تثبت أهليته للنظر في سائر الوقوف - والله أعلم - . شرط النظر للأرشد من أولاده فأثبت كل واحد منهم أنه الأرشد
[ ص: 351 ] فرع
في فتاوى البغوي : أنه ، كأنه يجعل بعد موته كالوصي . لا يبدل بعد موت الواقف القيم الذي نصبه