فصل
خصال الكفارة ثلاث . الأولى : العتق . ويشترط في الرقبة لتجزئ عن الكفارة ، أربعة شروط : الإسلام ، والسلامة ، وكمال الرق ، والخلو عن العوض .
الأول : ، فلا تجزئ كافرة في شيء من الكفارات ، ويجزئ الإسلام إذا كان أحد أبويه مسلما أصليا ، أو أسلم قبل انعقاده ، ولا يجزئ إذا كان أبواه كافرين ، لأنه محكوم بكفره ، ولو إعتاق الصغير ، فقد سبق فيه في كتاب " اللقيط " ثلاثة أوجه ، أصحهما : لا يصح ، وقال أسلم الصغير بنفسه الاصطخري : يصح إسلام المميز ، وقال غيره : موقوف ، إن بلغ وثبت عليه ، تبينا صحة إسلامه ، وإلا فلا ، فعلى قول الاصطخري ، يجزئ إعتاقه عن الكفارة ، وعلى الوقف : إن بلغ وثبت ففي إجزائه وجهان . ولو ، أجزأه عن الكفارة إن مات في صغره ، أو بعد بلوغه قبل تمكنه من اللفظ بالإسلام . ولو صرح بالكفر بعد البلوغ ، فقد ذكرنا في اللقيط ، أن الأظهر أنه مرتد ، والثاني : أنه كافر أصلي ، وبينا هناك حكم الكفارة على القولين ، وبهذا يقاس من أسلم بتبعية السابي ، على ما بيناه في " اللقيط " . أسلم أحد أبويه وهو صغير أو جنين
وفي " التهذيب " أنه لو سبا الصغير ساب ، وسبا أحد أبويه آخر ، فإن كانا في عسكر واحد ، لم يحكم بإسلامه ، بل هو تبع لأبويه ، وإن كانا في عسكرين ، كانا تبعا للسابي ، وأن حكم المجنون في تبعية الوالدين والدار حكم الصبي ، وإذا أفاق وصرح بالكفر ، فهل هو مرتد ، أم كافر أصلي ؟ فيه الخلاف المذكور في الصبي إذا بلغ وصرح بالكفر ، وأنه هل يجب التلفظ بكلمة الإسلام بعد البلوغ والإفاقة ؟ إن قلنا : لو صرح بالكفر كان مرتدا ، لم يجب ، لأنه [ ص: 282 ] محكوم بإسلامه ، وإن قلنا : لا يجعل مرتدا ، وجب ، حتى لو مات قبل التلفظ ، مات كافرا .
فرع
يصح ، ذكره صاحب " الشامل " وغيره ، ويشترط أن يعرف معنى الكلمة . فلو لقن العجمي الشهادة بالعربية ، فتلفظ بها وهو لا يعرف معناها ، لم يحكم بإسلامه ، وإذا إسلام الكافر بجميع اللغات ، فلا بد ممن يعرفه بلغته ليعتقه عن الكفارة . تلفظ العبد بالإسلام بلغته ، وسيده لا يعرف لغته
قلت : إسلامه بالعجمية صحيح ، إن لم يحسن العربية قطعا ، وكذا إن أحسنها على الصحيح . والوجه بالمنع مشهور في صفة الصلاة من " التتمة " وغيره ، ويكفي السيد في معرفة لغة العبد قول ثقة ، لأنه خبر ، كما يكفي في معرفة قول المفتي والمستفتي . - والله أعلم .
فرع
يصح . وقيل : لا يحكم بإسلامه إلا إذا صلى بعد الإشارة ، وهو ظاهر نصه في الأم والصحيح المعروف الأول ، وحمل النص على ما إذا لم تكن الإشارة مفهمة . إسلام الأخرس بالإشارة المفهمة
فرع
ذكر - رضي الله عنه - في " المختصر " في هذا الباب أن الشافعي محمدا رسول الله ، ويبرأ من كل دين خالف الإسلام ، واقتصر في مواضع على الشهادتين ، ولم يشترط البراءة ، فقال الجمهور : ليس فيه خلاف ، بل إن كان الكافر ممن يعترف بأصل رسالة نبينا الإسلام أن يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد - صلى الله عليه وسلم - كقوم من اليهود يقولون : مرسل إلى العرب فقط ، فلا بد من البراءة ، وإن [ ص: 283 ] كان ينكر أصل الرسالة كالوثني ، كفى في إسلامه الشهادتان . قال الشيخ أبو حامد : وقد رأيت هذا التفصيل منصوصا عليه في كتاب " قتال المشركين " ، ونقل الإمام خلافا للأصحاب ، وفي اشتراط البراءة قال : والأصح عدم الاشتراط .
قلت : في المسألة ثلاثة أوجه ، حكاها صاحب " الحاوي " . والصحيح التفصيل المذكور ، والثاني : أن التبرؤ شرط مطلقا ، والثالث : أنه يستحب مطلقا . - والله أعلم .
والمذهب الذي قطع به الجمهور ، أن كلمتي الشهادتين لا بد منهما ، ولا يحصل الإسلام إلا بهما ، وحكى الإمام مع ذلك طريقة أخرى منسوبة إلى المحققين ، أن من أتى من الشهادتين بكلمة تخالف معتقده ، حكم بإسلامه ، وإن أتى منهما بما يوافقه ، لم يحكم ، فإذا وحد الثنوي ، أو قال المعطل : لا إله إلا الله ، جعل مسلما ، وعرض عليه شهادة الرسالة ، فإن أنكر ، صار مرتدا . واليهودي إذا قال : محمد رسول الله ، حكم بإسلامه ، وحكى عن هذه الطريقة خلافا في أن وقال : ميل معظم المحققين إلى كونه إسلاما ، وعن القاضي اليهودي أو النصراني إذا اعترف بصلاة توافق ملتنا ، أو حكم يختص بشريعتنا ، هل يكون ذلك إسلاما ؟ حسين في ضبطه ، أنه قال : كلما كفر المسلم بجحده ، صار الكافر المخالف له مسلما بعقده . ثم إن كذب غير ما صدق به ، كان مرتدا ، والمذهب المعروف ما قدمناه .
فرع
استحب - رضي الله عنه - أن يمتحن الكافر عند إسلامه بإقراره بالبعث بعد الموت .
الشافعي