الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        وأما الكناية ، فيقع بها الطلاق مع النية بالإجماع ، ولا يقع بلا نية وهي كثيرة ، كقوله : أنت خلية وبرية ، وبتة وبتلة ، وبائن وحرام ، وحرة ، وأنت واحدة ، واعتدي واستبرئي رحمك ، والحقي بأهلك ، وحبلك على غاربك ، ولا أنده سربك ، أي : لا أزجر إبلك ، ومعناه : لا أهتم بشأنك ، واغربي واعزبي ، واخرجي واذهبي ، وسافري وتجنبي ، وتجردي وتقنعي ، وتستري ، والزمي الطريق ، وبيني [ ص: 27 ] وأبعدي وودعيني ودعيني ، وبرئت منك ، ولا حاجة لي فيك ، وأنت وشأنك ، وأنت مطلقة ومنطلقة ، وتجرعي وذوقي ، وتزودي وما أشبه ذلك . وفي قوله : اشربي ، وجهان : الأصح المنصوص ، كناية . وقال أبو إسحاق : ليس كناية ، بل هو لغو ، وكلي ، كاشربي كناية على المذهب ، وقيل : ليس كناية قطعا . وفي قوله : أغناك الله ، وقوله : قومي ، وجهان ، أصحهما : ليس كناية .

                                                                                                                                                                        وأما الألفاظ التي لا تحتمل الطلاق إلا على تقدير متعسف ، فلا أثر لها ، فلا يقع بها طلاق وإن نوى ، وذلك كقوله : بارك الله فيك ، وأحسن الله جزاءك ، وما أحسن وجهك ، وتعالي واقربي واغزلي واسقيني ، وأطعميني وزوديني ، واقعدي وما أشبه ذلك ، وحكي وجه في : اقعدي وأحسن الله جزاءك ، وزوديني ونحوها ، أنها كناية وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال لزوجته : أنت حرة أو معتقة ، أو أعتقتك ونوى الطلاق ، طلقت . ولو قال لعبده : طلقتك ونوى العتق ، عتق . وللمناسبة والمشاركة بين الملكين يصلح كل واحدة منهما كناية في الآخر ، وكما أن صريح كل واحد منهما كناية في الآخر ، فكناياتها مشتركة مؤثرة في العقدين جميعا بالنية ، لكن لو قال للعبد : اعتد أو استبرئ رحمك ونوى العتق ، لم ينفذ لاستحالته في حقه ، ولو قال ذلك لأمته ونوى العتق ، أو لزوجته قبل الدخول ونوى الطلاق ، نفذ على الأصح ، والظهار والطلاق ليس أحدهما كناية في الآخر .

                                                                                                                                                                        ولو قال لأمته : أنت علي كظهر أمي ونوى العتق عتقت على الصحيح ، وقيل : لا لأنه لا يزيل الملك ، بخلاف الطلاق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية