فصل
يجب ، فلا تخرج إلا لضرورة أو عذر ، فإن خرجت ، أثمت ، وللزوج منعها ، وكذا لوارثه عند موته ، وتعذر في الخروج في مواضع . على المعتدة ملازمة مسكن العدة
منها : إذا ، فلها الخروج ، سواء فيه عدة الوفاة والطلاق ، وكذا لو لم تكن الدار حصينة وخافت لصوصا ، أو كانت بين فسقة تخاف على نفسها ، أو تتأذى من الجيران أو الأحماء تأذيا شديدا ، أو تبذو أو تستطيل بلسانها عليهم ، يجوز إخراجها من المسكن ، ثم في " التهذيب " أنها إذا بذت على أحمائها ، سقطت سكناها ، وعليها أن تعتد في بيت أهلها ، والذي ذكره العراقيون خافت على نفسها أو مالها من هدم أو حريق ، أو غرق والجمهور : أنه ينقلها الزوج إلى مسكن آخر ، ويتحرى القرب من مسكن العدة . ثم موضع النقل بالبذاء ما إذا كانت الأحماء معها في دار تسع جميعهم ، وإن كانت ضيقة لا تسع جميعهم ، نقل الزوج الأحماء وترك الدار لها ، وإن كان الأحماء في دار أخرى ، لم ينقل المعتدة بالبذاء عن دارها ، ونقل والروياني المتولي أنها تنقل لإيذاء الجيران كما تنقل [ ص: 416 ] لإيذاء الأحماء .
فعلى هذا ، إذا كانت في دار والأحماء في القرى ، فإنها لا تنتقل بالبذاء إذا لم تكن الداران متجاورتين ، ولو كان البذاء من الأحماء دونها ، نقلوا دونها ، ولو كانت في دار أبويها لكون الزوج كان يسكن دارهما ، فبذت على الأبوين ، أو بذا الأبوان عليها ، لم ينقل واحد منهم ، لأن الشر والوحشة لا تطول بينهم ، فلو كان أحماؤها في دار أبويها أيضا ، وبذت عليهم ، نقلوا دونها ، لأنها أحق بدار أبويها .
ومنها : إذا احتاجت إلى شراء طعام ، أو قطن ، أو بيع غزل ونحو ذلك ، نظر ، إن كانت رجعية ، فهي زوجته ، فعليه القيام بكفايتها ، فلا تخرج إلا بإذنه . قال المتولي : وكذا الحكم في الجارية المشتراة ، والمسيبة في مدة الاستبراء .
وأما سائر المعتدات : فيجوز للمعتدة عن وفاة الخروج لهذه الحاجات نهارا ، وكذا لها أن تخرج بالليل إلى دار بعض الجيران للغزل والحديث ، لكن لا تبيت عندهم ، بل تعود إلى مسكنها للنوم . وحكم العدة عن شبهة أو نكاح فاسد حكم عدة الوفاة . قال المتولي : إلا أن تكون حاملا . وقلنا : إنها تستحق النفقة ، فلا يباح لها الخروج .
وفي البائن بطلاق أو فسخ ، قولان . القديم : ليس لها الخروج ، والجديد : جوازه كالمتوفى عنها ، قال المتولي : هذا في الحائل ، أما الحامل : إذا قلنا : تعجل نفقتها ، فهي مكفية فلا تخرج إلا لضرورة .
ومنها : لو لزمها عدة وهي في دار الحرب ، لزمها أن تهاجر إلى دار الإسلام . قال المتولي : إلا أن تكون في موضع لا تخاف على نفسها ، ولا على دينها ، فلا تخرج حتى تعتد .
[ ص: 417 ] ومنها : إذا لزمها حق ، واحتيج إلى استيفائه ، فإن أمكن استيفاؤه في مسكنها ، كالدين والوديعة ، فعل ، وإن لم يمكن ، واحتيج فيه إلى الحاكم ، بأن توجه عليها حد أو يمين في دعوى ، فإن كانت برزة خرجت وحدت ، أو حلفت ، ثم تعود إلى المسكن ، وإن كانت مخدرة ، بعث الحاكم إليها نائبا ، أو أحضرها بنفسه .
ومنها : إذا كان المسكن مستعارا ، أو مستأجرا ، فرجع المعير ، أو مضت المدة ، وطلبه المالك ، فلا بد من الخروج .
ومنها : البدوية تفارق المنزل وترتحل مع القوم إذا ارتحلوا .
فرع
لا تعذر في الخروج لأغراض تعد من الزيادات دون المهمات ، كالزيارة والعمارة واستنماء المال بالتجارة ، وتعجيل حجة الإسلام وأشباهها .
فرع
زنت المعتدة عن وفاة في عدتها وهي بكر ، فعلى السلطان تغريبها ، ولا يؤخره إلى انقضاء عدتها ، وقيل : لا تغريب ، والصحيح الأول .
فصل
على الزوج أن يسكن مستحقة السكنى من المعتدات مسكنا يصلح لمثلها ، فإن كان مسكن النكاح كذلك ، فلا معدل عنه . وحيث قلنا : تجب ملازمة مسكن النكاح ، فهذا مرادنا به ، فإن أسكنها في النكاح دارا فوق سكنى مثلها ، فطلقها وهي فيها ، فله أن لا يرضى الآن ، وينقلها إلى دار بصفة استحقاقها ، ولو رضيت بدار خسيسة ، فطلقها وهي فيها ، فلها أن تطلب النقل إلى ما يليق بها ، ويلزمه الإبدال . وفي الصورتين احتمال ذكره في " البسيط " ، والمعروف للأصحاب ما سبق ، [ ص: 418 ] وينبغي أن ينقلها إلى مسكن قريب من موضعها الأول ، ولا تنقل إلى الأبعد مع وجود الأقرب . وظاهر كلام الأصحاب أن رعاية هذا القريب واجبة ، واستبعد الوجوب ، وتردد في الاستحباب . الغزالي