السبب الثاني : زوال الفراش عن موطوءة بملك يمين ، فإذا ، لزمها الاستبراء ، لأنه زال عنها الفراش ، فأشبهت الحرة ، ويكون استبراؤها بقرء ، كالممتلكة . أعتق أمته التي وطئها ، أو مستولدته ، أو مات عنها ، وليست في زوجية ولا عدة نكاح
ولو ، أو مات عنها ، فهل يكفي ذلك ، أم يلزمها الاستبراء بعد العتق ؟ وجهان ، وقيل : قولان . أصحهما : الثاني ، كما لا تعتد المنكوحة بما تقدم من الأقراء على ارتفاع النكاح ، والخلاف مبني على أن أم الولد ، هل تخرج عن كونها فراشا بالاستبراء أو الولادة ، وهل تعود فراشا للسيد إذا مات زوجها أو طلقها وانقضت عدتها ، أم لا تعود ولا تحل له إلا بالاستبراء ؟ ولو استبرأ الأمة الموطوءة ، ثم أعتقها ، قال الأصحاب : لا استبراء عليها ، ولها أن تتزوج في الحال ، ولم يطردوا فيها الخلاف الذي في المستولدة ، لأن المستولدة يشبه فراشها فراش النكاح ، ولو لم تكن الأمة موطوءة ، لم تكن فراشا ، ولم يجب الاستبراء بإعتاقها . مضت مدة الاستبراء على أم الولد ، ثم أعتقها سيدها
فرع
لا يجوز تزويج الأمة الموطوءة قبل الاستبراء ، بخلاف بيعها ، لأن مقصود النكاح الوطء ، فينبغي أن يستعقب الحل . وفي جواز تزويج أم الولد خلاف [ ص: 434 ] مذكور في " باب أمهات الأولاد " الأصح الصحة . فعلى هذا ، لا تزوج حتى تستبرأ . ولو استبرأها ، ثم أعتقها ، فهل يجوز تزويجها في الحال ، أم تحتاج إلى استبراء جديد ؟ وجهان .
قلت : أصحهما . والله أعلم .
ولو اشترى أمة وأراد تزويجها قبل الاستبراء ، فإن كان البائع وطئها ، لم يجز إلا أن يزوجها به . وإن لم يكن وطئها البائع ، أو وطئها واستبرأها قبل البيع ، أو كان الانتقال من امرأة أو صبي ، جاز تزويجها في الحال على الأصح ، كما كان للبائع تزويجها بعد الاستبراء .
فرع
إذا أعتق مستولدته ، أو مات عنها وهي في نكاح أو عدة زوج ، فلا استبراء عليها ، لأنها ليست فراشا للسيد . وخرج ابن سريج قولا أنه يلزمها الاستبراء بعد فراغ عدة الزوج . وحكى السرخسي هذا قولا قديما ، وحكي أيضا عن الإصطخري ، والمذهب الأول ، وهو المنصوص ، وبه قطع الجمهور . وقال الشيخ أبو علي : فعلى المذهب متى انقضت عدة الزوج ، وكان السيد حيا ، عادت فراشا له ، وعلى التخريج لا تعود فراشا حتى يستبرئها . ولو أعتقها ، أو مات عقب انقضاء عدة الزوج ، فقيل : لا استبراء عليها ، والصحيح المنصوص وجوبه . لكن هل يشترط لوجوبه أن يقع إعتاق السيد أو موته بعد انقضاء العدة بلحظة لتعود فيها فراشا للسيد ، أم لا لكون مصيرها فراشا أمرا حكميا لا يحتاج إلى زمن حسي ؟ وجهان . أرجحهما الثاني .
[ ص: 435 ] ولو انقضت عدتها ولم يمت السيد ولم يعتقها ، فالمذهب والمنصوص في الجديد : أنها تعود فراشا للسيد ، وتحل له بلا استبراء . وحكي قول قديم : أنها لا تحل له بلا استبراء ، فعلى المذهب ، لو مات السيد بعد ذلك ، لزمها الاستبراء ، وعلى القديم : لا استبراء . والخلاف في حل أم الولد إذا زال حق الزوج ، كالخلاف فيما إذا زال حق الزوج عن الأمة المزوجة ، هل يحتاج السيد إلى استبرائها ؟ لكن الراجح في الأمة الاحتياج . ونقله البندنيجي عن النص ، لأن فراش أم الولد أشبه بالنكاح ، ولهذا ولد أم الولد يلحقه إذا ولدته بعد ستة أشهر من حين استبرائها ، وولد الأمة لا يلحقه ، كذا قاله الروياني .
ولو أعتق مستولدته ، أو مات عنها وهي في عدة وطء شبهة ، فهل يلزمها الاستبراء تفريعا على المنصوص فيما إذا كانت في عدة زوج ؟ وجهان . أصحهما الوجوب .
فرع
، جاز على الأصح ، كما يتزوج المعتدة منه بنكاح أو وطء شبهة . أعتق مستولدته ، وأراد أن يتزوجها قبل تمام الاستبراء
فرع
المستولدة المزوجة ، إذا مات عنها سيدها وزوجها جميعا ، فلها أحوال .
أحدها : أن يموت السيد أولا ، فقد مات وهي مزوجة ، وقد ذكرنا أنه لا استبراء عليها على المذهب ، فإذا مات الزوج بعده ، اعتدت عدة حرة ، وكذا لو طلقها .
الحال الثاني : أن يموت الزوج أولا ، فتعتد عدة أمة شهرين وخمسة أيام ، فإن مات السيد وهي في عدة الزوج ، فقد عتقت في أثناء العدة ، وقد سبق في [ ص: 436 ] أول كتاب العدد الخلاف ، في أنها هل تكمل عدة حرة أم عدة أمة ؟ والمذهب أنه لا استبراء عليها كما ذكرناه قريبا . وإن أوجبناه ، فإن كانت من ذوات الأشهر ، استبرأت بشهر بعد العدة ، وإن كانت من ذوات الأقراء ، استبرأت بحيضة بعد العدة إن لم تحض في العدة ، فإن حاضت في العدة بعد ما عتقت ، كفاها ذلك .
وإن مات السيد بعد خروجها من العدة ، لزمه الاستبراء على الأصح تفريعا على عودها فراشا .
الحال الثالث : أن يموت السيد والزوج معا ، فلا استبراء ، لأنها لم تعد إلى فراشه . ويجيء فيه الخلاف المذكور ، فيما إذا عتقت وهي معتدة ، وهل تعتد عدة أمة ، أم عدة حرة ؟ وجهان . أصحهما عند : عدة أمة ، وقطع الغزالي البغوي بعدة حرة احتياطا .
الحال الرابع : أن يتقدم أحدهما ويشكل السابق ، فله صور .
إحداها : أن يعلم أنه لم يتخلل بين موتهما شهران وخمسة أيام ، فعليها أربعة أشهر وعشر من موت آخرهما موتا ، لاحتمال أن السيد مات أولا ، ثم مات الزوج وهي حرة ، ولا استبراء عليها على الصحيح ، لأنها عند موت السيد زوجة أو معتدة . وإن أوجبنا الاستبراء ، فحكمه كما نذكره إن شاء الله تعالى في الصورة الثانية .
ولو تخلل شهران وخمسة أيام بلا مزيد ، فهل هو كما لو كان المتخلل أقل من هذه المدة ، أم كما لو كان أكثر منها ؟ فيه الوجهان السابقان .
الصورة الثانية : أن يعلم أنه تخلل بين الموتين أكثر من شهرين وخمسة أيام ، فعليها الاعتداد بأربعة أشهر وعشرة أيام من موت آخرهما موتا ، ثم إن لم تحض [ ص: 437 ] في هذه المدة ، فعليها أن تتربص بعدها بحيضة لاحتمال أن الزوج مات أولا ، وانقضت عدتها ، وعادت فراشا للسيد ، وإن حاضت في هذه المدة ، فلا شيء عليها ، وسواء كان الحيض في أول المدة أو آخرها . وقيل : يشترط كونه بعد شهرين وخمسة أيام من هذه المدة لئلا يقع الاستبراء وعدة الوفاة في وقت واحد . قال الأصحاب : هذا غلط ، لأن الاستبراء إنما يجب على تقدير تأخر موت السيد ، وحينئذ تكون عدة الوفاة منقضية بالمدة المتخللة ، ولا يتصور الاجتماع سواء كان الحيض في أول هذه المدة أو آخرها . ولو كانت المستولدة ممن لا تحيض ، كفاها أربعة أشهر وعشرة أيام .
الصورة الثالثة : أن لا يعلم كم المدة المتخللة ، فعليها التربص كما ذكرناه في الصورة الثانية ، أخذا بالأحوط ، ولا نورثها من الزوج إذا شككنا في أسبقهما موتا ، فإن ادعت علم الورثة أنها كانت حرة يوم موت الزوج ، فعليهم الحلف على نفي العلم .
فصل
متى ، صدقت بلا يمين . قالت المستبرأة : حضت
ولو امتنعت على السيد فقال : قد أخبرتني بانقضاء الاستبراء ، صدق السيد على الأصح ، لأن الاستبراء مفوض إلى أمانة السيد ، ولهذا لا يحال بينه وبينها ، بخلاف المعتدة من وطء بشبهة ، فإنه يحال بين الزوج وبينها . وهل لها تحليف السيد ؟ وجهان . حقيقتهما : أنه هل للأمة المخاصمة ؟ ويقرب منه ما إذا ورث جارية فادعت أن مورثها وطئها ، وأنها حرمت عليه بوطئه ، فلا يلزمه تصديقها . وطريق الورع لا يخفى . وهل لها تحليفه ؟ فيه هذان الوجهان .
قلت : الأصح أن لها التحليف في الصورتين ، وعليها الامتناع من التمكين إذا تحققت بقاء شيء من زمن الاستبراء وإن أبحناها له في الظاهر . والله أعلم .
[ ص: 438 ] فصل
وطئ السيد أمته في عدتها عن وفاة زوج ، ثم مات السيد ، فعليها إكمال عدة الوفاة ، ثم تتربص بحيضة لموت السيد . فلو مرت بها حيضة في بقية عدة الوفاة ، لم يعتد بها ، لأنهما واجبان لشخصين ، فلا يتداخلان . ولو لم يمت السيد ، لكن أراد تزويجها ، فكذلك تكمل عدة الوفاة ، ثم تتربص بحيضة ، ثم يتزوجها ، ولو أراد أن يطأها بعد عدة الوفاة ، فالصحيح جوازه ، ولا حاجة إلى الاستبراء ، ولو كانت في عدة طلاق ، فوطئها السيد ، ثم مات ، أكملت عدة الطلاق ، ثم تربصت بحيضة لموت السيد ، ولا تحسب المدة من وقت وطء السيد إلى موته إن كان يستفرشها ، كما لو نكحت في العدة وكان الزوج الثاني يستفرشها جاهلا ، هذا كله إذا وطئها ولم يظهر بها حمل .
أما إذا وطئها السيد في عدة الوفاة ومات ، فظهر بها حمل وولدت لزمن يمكن أن يكون من الزوج ، وأن يكون من السيد ، عرض على القائف ، فإن ألحقه بالزوج ، انقضت عدتها بالوضع ، وعليها حيضة بعد طهرها من النفاس ، وإن ألحقه بالسيد ، حصل الاستبراء بوضعه ، وعليها بعد إتمام عدة الوفاة . فإن لم يكن قائف ، فعليها إتمام بقية العدة بعد الوضع على تقدير كون الولد من السيد ، وعلى تقدير كونه من الزوج ، فعليها التربص بحيضة بعد الوضع ، فيلزمها أطول المدتين ، فإن وقعت الحيضة في بقية عدة الوفاة ، كفاها ذلك .
ولو ظهر بها حمل والصورة في عدة الطلاق ، فولدت لزمان يحتملها ، فإن ألحق بالزوج ، فعليها بعد الوضع حيضة ، وإن ألحق بالسيد ، فعليها بعده بقية العدة ، وإن أشكل ، فعليها بقية العدة ، أو حيضة فتأخذ بأكثرهما .
فرع
اشترى مزوجة ، فوطئها قبل العلم بأنها مزوجة ، وظهر بها حمل ، ومات الزوج ، فإن ولدت لزمن يحتمل كونه منهما ، بأن ولدت لستة أشهر فصاعدا من [ ص: 439 ] وطء السيد ، ولأربع سنين فأقل من وطء الزوج ، عرض على القائف . فإن ألحقه بالزوج ، انقضت العدة بالوضع ، وإن ألحقه بالسيد ، لم تنقض بالوضع ، وكذا لو لم يكن قائف ، أو أشكل عليه ، لم تنقض العدة بالوضع ، لاحتمال كونه من السيد ، وعليها إتمام عدة الوفاة شهرين وخمسة أيام ، ولا تحسب مدة افتراش السيد من العدة .
وإن احتمل أن يكون الولد من السيد دون الزوج ، فكذا الحكم ، وإن احتمل كونه من الزوج دون السيد ، انقضت العدة بوضعه ، وهل على السيد الاستبراء بعد العدة ؟ فيه الخلاف السابق ، ولو لم يظهر بها حمل والتصوير كما ذكرنا ، فإما أن يموت الزوج عقب الوطء ، وإما بعده بمدة ، فإن مات عقبه ، اعتدت عدة الوفاة . وهل تحل بعدها للسيد ، أم تحتاج إلى استبراء ؟ فيه الخلاف . ولا يجوز تزويجها إلا بعد الاستبراء بلا خلاف . وإن عاش بعد الوطء مدة ، لزمه اعتزالها إذا علم الحال حتى تنقضي مدة الاستبراء ، كالمنكوحة توطأ بالشبهة . وإذا مات بعد انقضائها ، فليس عليها إلا عدة الوفاة ، وتحل للسيد بعدها ، وله تزويجها بلا استبراء جديد . ولو استفرشها الزوج بعد وطء السيد جاهلا ثم مات ، فإذا قضت عدته ، فهل تحل للسيد بغير استبراء ؟ فيه الخلاف السابق . ولا يجوز تزويجها إلا بعد الاستبراء .
فرع
رجل له زوجة وأمة مزوجة ، حنث في طلاق الزوجة أو عتق الأمة ومات قبل البيان ، ثم مات زوج الأمة ، لزمها أن تعتد بأربعة أشهر وعشرة أيام من يوم مات الزوج ، لاحتمال أن السيد حنث في عتقها ، ويلزم امرأته الأكثر من أربعة أشهر وعشر ، وثلاثة أقراء . فلو كان لزوج الأمة أمة أيضا ، وحنث أيضا هو في عتقها ، أو طلاق زوجته الأمة وماتا قبل البيان ، فعلى كل واحدة الأكثر من أربعة أشهر وعشر ، وثلاثة أقراء .