فصل
إذا ، فقد يكون الشفيع والمشتري أجنبيين ، أو وارثين ، وقد يكون المشتري وارثا فقط ، أو عكسه ، فهذه أربعة أضرب . باع في مرض موته شقصا ، وحابى
الأول : إذا كانا أجنبيين ، فإن احتمل الثلث المحاباة ، صح البيع ، وأخذ الشقص بالشفعة . وإن لم يحتمله ، بأن باع شقصا يساوي ألفين بألف ، ولا مال له غيره ، نظر ، إن رده الوارث ، بطل البيع في قدر المحاباة . وفي صحته في الباقي طريقان . أحدهما : فيه قولا تفريق الصفقة . والثاني : القطع بالصحة . وإذا قلنا بالصحة ، ففيما يصح فيه البيع ؟ قولان . أحدهما : يصح في قدر الثلث ، والقدر الذي يوازي الثمن بجميع الثمن .
والثاني : لا يسقط شيء من المبيع إلا ويسقط ما يقابله من [ ص: 81 ] الثمن . وقد سبق بيان الأظهر من القولين في باب تفريق الصفقة . فإن قلنا بالقول الأول ، صح البيع في الصورة المذكورة في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن . وإن قلنا بالثاني ، دارت المسألة . وحسابها أن يقال : يصح البيع في شيء من الشقص بنصف شيء ، يبقى مع الورثة ألفان إلا نصف شيء ، وذلك يعدل مثلي المحاباة ، وهي نصف شيء ، فمثلاها شيء ، فنجبر ونقابل ، فيكون ألفان معادلين لشيء ونصف ، والشيء من شيء ونصف ثلثاه ، فعلمنا أن البيع صح في ثلثي الشقص ، وقيمته ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث بثلثي الثمن ، وهو نصف هذا المبلغ ، فتكون المحاباة ستمائة وستة وستين وثلثين ، يبقى للورثة ثلث الشقص وثلثا الثمن ، وهما ألف وثلاثمائة وثلاثون وثلث ، وذلك ضعف وثلاثة المحاباة . وعلى القولين جميعا ، للمشتري الخيار ، لأن جميع المبيع لم يسلم له . فإن أجاز أخذ الشفيع خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن على القول الأول وثلثيه بثلث الثمن على الثاني . وإن أراد أن يفسخ ، وطلب الشفيع ، فأيهما يجاب ؟ فيه الخلاف السابق في الرد بالعيب ، وكذا لو فسخ قبل طلب الشفيع ، هل تبطل الشفعة ، أم للشفيع رد الفسخ ؟ فيه ما سبق من الخلاف . وإن أجاز الورثة ، صح البيع في الكل . ثم إن قلنا : إن إجازتهم تنفيذ لما فعل الميت أخذ الشفيع الكل بكل الثمن . وإن قلنا : إنها ابتداء عطية منهم ، لم يأخذ القدر المنفذ بإجازتهم ، ويأخذ المستغني عن إجازتهم ، وفيه القولان المذكوران عند الرد .
الضرب الثاني والثالث : : أن يكونا وارثين ، أو المشتري وارثا ، فيكون هذا البيع محاباة مع الوارث ، وهي مردودة . فإن لم نفرق الصفقة ، بطل البيع في الكل ، وإن فرقناها ، فإن قلنا في الضرب الأول - والتصوير كما سبق - : إن البيع يصح في [ ص: 82 ] خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن ، فهنا في مثل تلك الصورة يصح البيع في نصفه بجميع الثمن ، وإن قلنا هناك : يصح في ثلثيه بثلثي الثمن ، فهنا يبطل البيع في الكل ، كذا ذكره القفال وغيره ، وفيه نظر . وينبغي أن يفرق بين الإجازة والرد ، كالضرب الأول .
الضرب الرابع : أن يكون الشفيع وارثا دون المشتري . فإن احتمل الثلث المحاباة ، أو لم يحتمل ، وصححنا البيع في بعض المحاباة في الضرب الأول ، ومكنا الشفيع من أخذه ، فهنا أوجه . أصحها عند الجمهور : يصح البيع ويأخذه الوارث بالشفعة ، لأن المحاباة مع المشتري لا مع الوارث . والثاني : يصح ولا يأخذه الوارث بالشفعة . والثالث : لا يصح البيع أصلا لتناقض الأحكام . والرابع : يصح في الجميع ويأخذ الشفيع ما يقابل الثمن ، ويبقى الباقي للمشتري مجانا . والخامس : لا يصح البيع إلا في القدر المقابل للثمن .