[ ص: 155 ]
وأورد عليه : أن وأن قوله : التفصيلية ، لا فائدة له ، إذ كل دليل في فن ، فهو تفصيلي بالنسبة إليه ، لوجوب تطابق الدليل والمدلول . وأن الأحكام ، إن أريد بها البعض ، دخل المقلد لعلمه ببعض الأحكام وليس فقيها ، وإن أريد جميع الأحكام ، لم يوجد فقه ولا فقيه ، إذ جميعها لا يحيط بها بشر ، لأن الأئمة سئلوا فقالوا : لا ندري . الأحكام الفرعية مظنونة لا معلومة ،
وأجيب عن الأول : بأن الحكم معلوم ، والظن في طريقه ، وبيانه أن الفقيه إذا غلب على ظنه أن الحكم كذا ، علم ذلك قطعا بحصول ذلك الظن ، وبوجوب العمل عليه بمقتضاه ، بناء على ما ثبت من أن الظن موجب للعمل .
واعلم أن هذا يقتضي أن تقدير الكلام ، العلم بوجوب العمل بالأحكام الشرعية ، أو العلم بحصول ظن الأحكام إلى آخره . وفيه تعسف لا يليق بالتعريفات . وقيل : المراد بالعلم الظن مجازا ، وهو أيضا لا يليق .
وعن الثالث : بأن المراد بعض الأحكام بأدلتها أو أماراتها . والمقلد لا يعلمها كذلك . أو بأن المراد جميعها بالقوة القريبة من الفعل ، أي تهيؤه للعلم بالجميع ، لأهليته للاجتهاد ، ولا يلزم منه علمه بجميعها بالفعل ، فلا يضر قول الأئمة : لا ندري ، مع تمكنهم من علم ذلك بالاجتهاد قريبا .
ولو قيل : ظن جملة من الأحكام الشرعية الفرعية ، باستنباطها من أدلة تفصيلية ، لحصل المقصود وخف الإشكال .