السابعة
، وانتشرت في أبواب الشريعة ، أو تكررت في مواطن بحسب الحاجة من غير تخصيص ; فهي مجراة على عمومها على كل حال وإن قلنا بجواز العمومات إذا اتحد معناها . التخصيص بالمنفصل
والدليل على ذلك الاستقراء ; فإن الشريعة قررت أن لا حرج علينا في الدين في مواضع كثيرة ، ولم تستثن منه موضعا ولا حالا ; فعده علماء الملة أصلا مطردا وعموما مرجوعا إليه من غير استثناء ، ولا طلب مخصص ولا احتشام من إلزام الحكم به ، ولا توقف في مقتضاه ، وليس ذلك إلا لما فهموا بالتكرار والتأكيد من القصد إلى التعميم التام .
وأيضا قررت أن ولا تزر وازرة وزر أخرى [ الأنعام : 164 ] ، فأعملت العلماء المعنى في مجاري عمومه ، وردوا ما خالفه من أفراد الأدلة بالتأويل [ ص: 70 ] وغيره وبينت بالتكرار أن لا ضرر ولا ضرار فأبى أهل العلم من تخصيصه ، وحملوه على عمومه ، وأن من سن سنة حسنة أو سيئة كان له ممن اقتدى به حظ إن حسنا وإن سيئا وأن من مات مسلما دخل الجنة ، ومن مات كافرا دخل النار .
وعلى الجملة فكل أصل تكرر تقريره وتأكد أمره وفهم ذلك من مجاري الكلام فهو مأخوذ على حسب عمومه ، وأكثر الأصول تكرارا الأصول المكية كالأمر بالعدل والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، والنهي عن الفحشاء والمنكر ، والبغي ، وأشباه ذلك .
فأما إن لم يكن العموم مكررا ولا مؤكدا ولا منتشرا في أبواب الفقه ; فالتمسك بمجرده فيه نظر ; فلابد من البحث عما يعارضه أو يخصصه ، وإنما حصلت التفرقة بين الصنفين ; لأن ما حصل فيه التكرار والتأكيد والانتشار صار ظاهره باحتفاف القرائن به إلى منزلة النص القاطع الذي لا احتمال فيه بخلاف [ ص: 71 ] ما لم يكن كذلك فإنه معرض لاحتمالات ; فيجب التوقف في القطع بمقتضاه حتى يعرض على غيره ويبحث عن وجود معارض فيه .