[ ص: 438 ] المسألة السابعة
; فذلك أبلغ ما يكون في التأسي بالنسبة إلى المكلفين لأن فعله عليه الصلاة والسلام واقع على أزكى ما يمكن في وضع التكاليف ; فالاقتداء به في ذلك العمل في أعلى مراتب الصحة . القول منه صلى الله عليه وسلم إذا قارنه الفعل
بخلاف ما إذا لم يطابقه الفعل ; فإنه وإن كان القول يقتضي الصحة ; فذلك لا يدل على أفضلية ولا مفضولية .
ومثاله ما روي ثم إنه لم يفعل مثل ما أجازه ، بل لما وعد عزم على أن لا يفعل ، وذلك حين أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : أأكذب لامرأتي ؟ قال : لا خير في الكذب قال : أفأعدها وأقول لها ؟ قال : لا جناح عليك يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك [ التحريم : 1 ] وكان قادرا على أن يعد ويقول ، ولكنه عزم بيمين علقها على نفسه ، أو تحريم عقده ; حتى رده الله إلى تحلة الأيمان . شرب عند بعض أزواجه عسلا ; فقال له بعض أزواجه إني أجد منك [ ص: 439 ] ريح مغافير كأنه مما يتأذى من ريحه ; فحلف أن لا يشربه ، أو حرمه على نفسه ويرجع إلى الأول ; فقال الله له :
وأيضا ; فلما قال للرجل الواهب لابنه : أشهد غيري كان ظاهرا في الإجازة ، ولما امتنع هو من الشهادة ; دل على مرجوحية مقتضى القول .
[ ص: 440 ] وأمر عليه الصلاة والسلام حسان وغيره بإنشاد الشعر ، وأذن لهم فيه ، ومع ذلك ; فقد منعه عليه الصلاة والسلام ولم يعلمه ، وذلك يدل على [ ص: 441 ] مرجوحيته ولقوله : وما ينبغي له [ يس : 69 ] وقال لحسان : وجبريل معك ; فهذا إذن في الهجاء ، ولم يذم عليه الصلاة والسلام أحدا بعيب فيه ، خلاف عيب الدين ، ولا هجا أحدا بمنثور ، كما لم يتأت له المنظوم أيضا ومن أوصافه عليه الصلاة والسلام أنه لم يكن عيابا ولا فحاشا ، وأذن لأقوام في أن يقولوا لمنافع كانت لهم في القول أو نضال عن الإسلام ، ولم [ ص: 442 ] يفعل هو شيئا من ذلك ، وإنما كان منه التورية ; كقوله : نحن من ماء ، وفي التوجه إلى الغزو ; فكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها ، فإذا كان كذلك ; فالاقتداء بالقول الذي مفهومه الإذن إذا تركه قصدا مما لا حرج فيه ، وإن تركه اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام أحسن لمن قدر على ذلك ، فمن أتى شيئا من ذلك ; فالتوسعة على وفق القول مبذولة ، وباب التيسير مفتوح ، والحمد لله . اهجهم