الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2554 10 - حدثنا محمد بن رافع قال : حدثنا سريج بن النعمان قال : حدثنا فليح ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت ، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية ، وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ، ولا يحمل سلاحا عليهم إلا سيوفا ، ولا يقيم بها إلا ما أحبوا ، فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم ، فلما أقام بها ثلاثا أمروه أن يخرج فخرج .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " وقاضاهم " لأن في المقاضاة معنى الصلح ، ومحمد بن رافع بالفاء والعين المهملة ابن أبي زيد القشيري النيسابوري ، مات سنة خمس وأربعين ومائتين ، وسريج بضم السين المهملة وبالجيم أبو الحسين البغدادي الجوهري ، روى عنه البخاري ، وروى عن محمد بن رافع عنه هنا ، وروى عن محمد غير منسوب عنه في الحج ، وفليح بضم الفاء وفتح اللام وفي آخره حاء مهملة ابن سليمان بن المغيرة ، وكان اسمه عبد الملك ولقبه فليح فاشتهر به ، يكنى أبا يحيى الخزاعي .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 280 ] قوله : ( معتمرا ) حال ، قوله : ( فحال كفار قريش ) أي منعوا بينه وبين البيت ، قوله : ( وقاضاهم ) أي صالحهم ، وهذه المصالحة ترتبت عليها المصلحة العظيمة وهي ما ظهر من ثمراتها فتح مكة ودخول الناس في الدين أفواجا ، وذلك أنهم كانوا قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين ولا يعرفون طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مفصلة ، فلما حصل الصلح واختلطوا بهم وعرفوا أحواله من المعجزات الباهرة وحسن السيرة وجميل الطريقة تألفت نفوسهم إلى الإسلام ، فأسلموا قبل الفتح كثيرا ويوم الفتح كلهم ، وكانت العرب في البوادي ينتظرون إسلام أهل مكة ، فلما أسلموا أسلم العرب كلهم والحمد لله .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية