الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          والمال الموصى به يزكيه من حال الحول على ملكه ، وإن وصى بنفع [ ص: 337 ] نصاب سائمة زكاها مالك الأصل ، ويحتمل : لا زكاة إن وصى به أبدا ، ولا زكاة في حصة المضارب ، ولا ينعقد الحول قبل استقراره ، نص عليه ، واختاره أبو بكر والقاضي والشيخ وغيره ، وذكره في الوسيلة ظاهر المذهب ، لعدم الملك أو لضعفه ; لأنه وقاية رأس المال ، واختاره أبو الخطاب وغيره وقدمه في المستوعب وغيره : تجب الزكاة ، وينعقد حوله بملكه بظهور الربح ( و هـ ش ) أو بغيره ، على خلاف يأتي ، كمغصوب ودين على مفلس ، وأولى ليده وتنميته ، فعلى هذا يعتبر بلوغ حصته نصابا ، ودونه ينبني على الخلطة ، ومذهب ( م ) يزكيها ، وإن قلت بحول المالك ، ولا يلزمه عندنا إخراجها قبل القبض ، كالدين ، ولا يجوز له إخراجها من مال المضاربة بلا إذن ، نص عليه ; لأنه وقاية ، وقيل : يجوز ، لدخولهما على حكم الإسلام ، صححه صاحب المستوعب والمحرر ، وقيل : يزكيها رب المال ( هـ ) بحول أصله ; لأنه نماؤه ، والعامل لا يملكه على هذا ، وأوجب أبو حنيفة فيمن اشترى بألف المضاربة عبدين فصار يساوي كل منهما ألفا زكاة قيمتهما على المالك ، لشغل رأس ماله كلا منهما ، كشغل الدين ذمة الضامن والمضمون ، فلم يفضل ما يملكه المضارب ، ولهذا لو أعتق المالك أحدهما عتق كله ، واستوفى رأس ماله ، وعندنا أن ذلك ممنوع ، والحكم كعبد واحد مطلقا ( و ش ) ويزكي رب المال حصته نص عليه ( و ) كالأصل ; لأنه يملكه بظهوره ، زاد بعضهم : في أظهر الروايتين ، وهو سهو [ ص: 338 ] قبل قبضها ، وفيه احتمال ، ويحتمل سقوطها قبله ، لتزلزله ، وإذا أداها من غيره فرأس المال باق ، وإن أدى منه حسب من المال والربح ، ذكره القاضي وتبعه صاحب المستوعب والمحرر وغيرهما .

                                                                                                          وفي المغني : تحتسب من الربح ، ورأس المال باق ، لأنه وقاية ، ولا يقال مؤنة كسائر المؤن ، لأنه يلزم أن يحسب عليها .

                                                                                                          وفي الكافي : هي من رأس المال ، ونص عليه أحمد ، لأنه واجب عليه كدينه ، وليس لعامل إخراج زكاة تلزم رب المال إلا بإذنه ، نص عليه ، ومن شرط منهما زكاة حصته على الآخر جاز ; لأنه شرط لنفسه نصف الربح وثمن عشره ، ولا يصح أن يشترط رب المال زكاة رأس المال أو بعضه من الربح ; لأنه قد يحيط بالربح ، فهو كشرط فضل دراهم ، سأله المروذي : يشترط المضارب على رب المال أن الزكاة من الربح ، قال : لا ، الزكاة على رب المال ، وصححه شيخنا ، كما يختص بنفعه في المساقاة إذا لم يثمر الشجر ، وركوب الفرس في الجهاد إذا لم يغنموا ، كذا قال ، قال الشيخ في فتاويه : ويصح شرطها في المساقاة على العامل ; لأنه جزء من النماء المشترك ، فمعناه القدر المسمى [ لك ] مما يفضل عنها ، ويحتمل أن لا يصح ; لأنا لا نعلم هل يوجد من الثمرة ما فيه العشر أو لا ؟ فيصير نصيبه مجهولا ; ولأنه يفضي إلى أن يصح له القليل إذا كثرت الثمرة ، والكثير إذا قلت ، ولا نظير له .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية