الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          والعلف نية ، في وجه ، فلو سامت بنفسها أو أسامها غاصب وجبت الزكاة ، كغصبه حبا وزرعا في أرض ربه فيه العشر على مالكه ، كنباته بلا زرع ، [ ص: 356 ] وإن اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب فلا زكاة ، لفقد السوم المشترط ، والمحرم الغصب لا العلف ، ويعتبر لهما النية في وجه آخر ، فلا زكاة إذا سامت بنفسها أو أسامها غاصب ( م 2 ) لأن ربها لم يرض بإسامتها ففقد [ ص: 357 ] قصد الإسامة المشترطة ، زاد صاحب المغني والمحرر : كما لو سامت من غير أن يسيمها ، فجعلاه أصلا قطع به أبو المعالي ، وتجب إذا اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب ، لأن فعله محرم ، كما لو غصب أثمانا وصاغها حليا ، ولعدم المؤنة ، كما لو ضلت فأكلت من المباح ، قال صاحب المحرر : وطرده : ما لو سلمها إلى راع ليسيمها فعلفها ، وعكسه : ما لو تبرع حاكم ووصى بعلف ماشية يتيم وصديق بذلك ، بإذن صديقه ، لفقد قصد الإسامة ممن يعتبر وجوده منه ، وقيل : تجب إذا علفها غاصب ، اختاره غير واحد ، فقيل : لتحريم فعله ، وقيل لانتفاء المؤنة عن ربها ( م 3 ) وقيل : تجب إن أسامها ، لتحقق الشرط ، كما لو كمل النصاب بيد الغاصب ، فهذه خمسة أوجه في مسائل [ ص: 358 ] السوم الخمسة .

                                                                                                          [ ص: 355 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 355 ] ( مسألة 2 ) قوله : ولا يعتبر للسوم والعلف نية في وجه ، فلو سامت بنفسها أو أسامها غاصب وجبت الزكاة ، وإن اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب فلا زكاة ، لفقد السوم المشترط ، والمحرم الغصب لا العلف ، ويعتبر لها النية في وجه آخر ، فلا زكاة إذا سامت بنفسها أو أسامها غاصب ، انتهى . وأطلقهما في الرعايتين والحاويين [ ص: 357 ] والزركشي ، وأطلقهما في المغني والشرح وشرح ابن رزين فيما إذا كانت معلوفة عند المالك سائمة عند الغاصب ، وقدموا في عكسها عدم الزكاة ، ونصره في المغني والشرح ، أحدهما لا يعتبر لهما النية ، وحجه أبو المعالي ، قال ابن تميم وصاحب الفائق والمصنف في حواشي المقنع : لا يعتبر في السوم والعلف نية في أصح الوجهين ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : وهو الصواب ، والوجه الثاني يعتبر لها النية ، قال المجد في شرحه : وهو أصح ، وصححه في مجمع البحرين ، هو ظاهر كلام الخرقي .

                                                                                                          ( مسألة 3 ) قوله : وقيل : تجب إذا علفها غاصب ، اختاره غير واحد ، فقيل : لتحريم فعله ، وقيل : لانتفاء المؤنة عن ربها ، انتهى . وأطلقهما في الرعاية الكبرى ومختصر ابن تميم ، أحدهما إنما تجب لتحريم فعله ، واختاره القاضي ، وجزم به ابن رزين في شرحه . والقول الثاني لانتفاء المؤنة ، اختاره الآمدي .

                                                                                                          ( قلت ) : وهو الصواب . وأبطل الشيخ والشارح التعليلين بناء منهما على عدم وجوب الزكاة إذا علفها الغاصب ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية