الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن كان لا يكون تمرا أعلم الوالي ليأمر من يبيع معه عشره رطبا ، فإن لم يفعل خرصه ليصير عليه عشره ، ثم صدق ربه فيما بلغ رطبه وأخذ عشر ثمنه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال .

                                                                                                                                            ما لا يتميز من الثمار ضربان :

                                                                                                                                            ضرب لا يصير تمرا لضعفه .

                                                                                                                                            وضرب يصير تمرا لكن لا يجفف لقلة منفعته ، وكلاهما سواء يؤخذ عشرها رطبا ، أو ثمن عشرها فإن كانت ثمرة الرجل لا يصير تمرا أو كرمه لا يصير زبيبا أعلم الوالي وطالعه به ، لتزول تهمته عنه ، ثم يكون الجواب فيما يصنعه الوالي معه على ما مضى فيمن أراد قطع ثمرته لأجل العطش سواء لا فرق بينهما ، فإن أراد أن يقاسمه عليها خرصا كان على قولين وإن أراد بيعها كان بالخيار بين أن يبيعها عليه ، أو يوكله في بيعها ، أو يبيعها على غيره ، أو يوكل الغير في بيعها في نصابها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : إذا تلفت خمسة أوسق رطبا وجبت زكاتها : لأن ما لا يجفف من الرطب فالرطب غايته فوجب اعتبار الأوسق في حال غايته .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : نصابه أن يبلغ قدرا يجيء من ثمره خمسة أوسق : لأن هذا نادر من جنسه فاعتبر حكمه بغالب جنسه فعلى هذا هل يعتبر بنفسه في جفافه أو يعتبر بجفاف الغالب من جنسه ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعتبر قدر نصابه بجفافه في نفسه دون غيره فإذا بلغ قدرا يجيء من رطبه خمسة أوسق تمرا فهو النصاب وجبت فيه الزكاة ، وإن نقص عنه فلا زكاة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يعتبر قدر نصابه بجفاف غيره من جنسه لتعذر جفافه في نفسه كجراح الحر ، وشجاجه الذي لم يقدر إرشه لما تعذر تقويمه حرا قوم لو كان عبدا ، فإذا بلغ هذا الرطب قدرا يجيء من غيره من الأرطاب خمسة أوسق تمرا فهو النصاب ، ولا شيء فيما دونه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية