الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خلافة المعتمد على الله أحمد ابن المتوكل على الله ويعرف بابن فتيان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من رجب من سنة ست وخمسين ومائتين في دار الأمير يارجوخ ، وذلك قبل خلع المهتدي بأيام ، ثم كانت بيعة العامة يوم الإثنين لثمان بقين من رجب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولعشر بقين من رجب دخل موسى بن بغا ، ومفلح إلى سر من رأى ، فنزل موسى في داره وسكن الناس ، وخمدت الفتنة هنالك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأما صاحب الزنج المدعي أنه علوي فهو محاصر للبصرة ، والجيوش الخليفية في وجهه دونها ، وهو في كل وقت يقهرها ، ويغنم ما يفد إليهم في المراكب من [ ص: 525 ] الأطعمة وغيرها ، واستحوذ بعد ذلك على الأبلة وعبادان وغيرهما من البلاد ، وخاف منه أهل البصرة خوفا شديدا ، وكل ما لأمره يقوى ، ولجيوشه تكثر ، ولعدده يتزايد ، ولم يزل ذلك دأبه إلى انسلاخها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة خرج رجل آخر بالكوفة يقال له : علي بن زيد الطالبي ، وجاءه جيش من جهة الخليفة فكسره الطالبي ، واستفحل أمره بالكوفة وقويت شوكته ، وتفاقم أمره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وثب محمد بن واصل التميمي على نائب فارس الحارث بن سيما الشرابي ، فقتله واستحوذ على بلاد فارس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي رمضان منها تغلب الحسن بن زيد الطالبي على بلاد الري فتوجه إليه موسى بن بغا في شوال من عند المعتمد ، وخرج الخليفة لتوديعه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت وقعة عظيمة على باب دمشق بين أماجور نائب دمشق ولم يكن معه إلا قريب من أربعمائة فارس وبين ابن لعيسى ابن الشيخ ، وهو في قريب من عشرين ألفا ، فهزمه أماجور . وجاءت من الخليفة ولاية لابن الشيخ ; بلاد أرمينية على أن يترك أهل الشام فقبل ذلك وانصرف عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة محمد بن أحمد بن عيسى بن أبي جعفر المنصور ، وكان في جملة الحجاج أبو أحمد ابن المتوكل ، فتعجل وعجل السير إلى سامرا ، [ ص: 526 ] فدخلها ليلة الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية