الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4117 371 - حدثنا الصلت بن محمد قال: سمعت مهدي بن ميمون قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به، فإذا دخل شهر رجب قلنا ننصل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة، ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه، وألقيناه شهر رجب، [ ص: 25 ] وسمعت أبا رجاء يقول: كنت يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم غلاما أرعى الإبل على أهلي، فلما سمعنا بخروجه فررنا إلى النار إلى مسيلمة الكذاب.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "مسيلمة الكذاب" والصلت -بفتح الصاد المهملة، وسكون اللام، وفي آخره تاء مثناة من فوق- ابن محمد بن عبد الرحمن الخاركي بالخاء المعجمة البصري الثقة، وأبو رجاء -ضد الخوف- عمران بن ملحان العطاردي بالضم نسبة إلى عطارد، بطن من تميم، أسلم زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يره، وهذا لا يحسب من الثلاثيات؛ لأنه لم يرو حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بل حكى عن حاله فقط بخروجه أي بظهوره على قومه من قريش بفتح مكة، وليس المراد منه مبدأ ظهوره بالنبوة، ولا خروجه من مكة إلى المدينة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (هو أخير) بمعنى خير، وليس بمعنى أفعل التفضيل، وفي رواية الكشميهني "أحسن" بدل "أخير" والمراد بالخيرية الحسية من كونه أشد بياضا أو نعومة، ونحو ذلك من صفات الحجارة المستحسنة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (جثوة) بضم الجيم، وسكون الثاء المثلثة، وهي القطعة من التراب يجمع فيصير كوما، ويجمع على جثى.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فحلبنا عليه) أي على التراب، والحلب على التراب إما حقيقة، وإما مجازا عن التقرب إليه بصدقة له.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ننصل الأسنة) بضم النون الأولى، وسكون الثانية، وكسر الصاد المهملة، يقال: أنصلت الرمح إذا نزعت منه سنانه، ونصلته إذا جعلت له نصلا، وفي رواية الكشميهني بضم النون الأولى، وفتح الثانية، وتشديد الصاد، وكانوا ينزعون الحديد من السلاح إذا دخل شهر رجب؛ لترك القتال فيه؛ لتعظيمه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فلا ندع) إلى قوله: (وسمعت) تفسير لقوله: "ننصل الأسنة" وهو جمع سنان.

                                                                                                                                                                                  قوله: (شهر رجب) أي في شهر رجب، ويروى لشهر رجب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وسمعت أبا رجاء) إلخ حديث آخر متصل بالإسناد المذكور، وفاعل سمعت مهدي بن ميمون الراوي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلى مسيلمة الكذاب) بدل من قوله: (إلى النار) بتكرير العامل، والله أعلم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية