الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي في هذه السنة من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحافظ أبو طاهر السلفي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم سلفة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحافظ الكبير المعمر ، أبو طاهر السلفي الأصبهاني ، وإنما قيل له لجده إبراهيم : سلفة ; لأنه كان مشقوق إحدى الشفتين ، فكان له ثلاث شفاه فسمته الأعاجم بذلك . قال القاضي ابن خلكان وكان السلفي يلقب بصدر الدين ، وكان شافعي المذهب ، ورد بغداد واشتغل بها على إلكيا الهراسي ، وأخذ اللغة عن الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي ، وسمع الحديث الكثير ، ورحل في طلبه إلى الآفاق ، ثم نزل ثغر الإسكندرية في سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، وبنى له العادل أبو الحسن علي بن السلار وزير الخليفة الظافر مدرسة ، وفوض أمرها إليه ، فهي معروفة إلى الآن . قال ابن خلكان : وأماليه وتعاليقه كثيرة جدا ، وكان مولده فيما ذكر المصريون في سنة ثنتين وسبعين [ ص: 549 ] وأربعمائة ، ونقل الحافظ عبد الغني المقدسي عنه أنه قال : أذكر مقتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وأربعمائة ببغداد ، وأنا ابن عشر تقريبا . ونقل أبو الحافظ أبو القاسم الصفراوي أنه قال : مولدي بالتخمين لا باليقين سنة ثمان وسبعين ، فيكون مبلغ عمره ثمانيا وتسعين سنة ; لأنه توفي ليلة الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة بثغر الإسكندرية ودفن بوعلة ، وفيها جماعة من الصالحين ، رحمه الله تعالى ، وقد رجح ابن خلكان قول الصفراوي ، قال : ولم يبلغنا من نحو ثلاثمائة سنة أن أحدا جاوز المائة إلا القاضي أبا الطيب الطبري ، رحمه الله ، وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " ترجمة حسنة ، وإن كان قد مات قبله بخمس سنين ، فذكر رحلته في طلب الحديث ، ودورانه في الأقاليم ، وأنه كان يتصوف أولا ، ثم أقام بثغر الإسكندرية وتزوج امرأة ذات يسار ، فحسنت حاله ، ووقفت عليه مدرسة هناك ، وذكر طرفا من أشعاره فمن ذلك قوله ، رحمه الله تعالى :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أنأمن إلمام المنية بغتة وأمن الفتى جهل وقد خبر الدهرا     وليس يحابي الدهر في دورانه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أراذل أهليه ولا السادة الزهرا     وكيف وقد مات النبي وصحبه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأزواجه طرا وفاطمة الزهرا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 550 ] ومن شعر الحافظ السلفي الذي أورده ابن عساكر قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا قاصدا علم الحديث يذمه     إذ ضل عن طرق الهداية وهمه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إن العلوم كما علمت كثيرة     وأجلها فقه الحديث وعلمه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من كان طالبه وفيه تيقظ     فأتم سهم في المعالي سهمه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لولا الحديث وأهله لم يستقم     دين النبي وشذ عنا حكمه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وإذا استراب بقولنا متحذلق     فأكل فهم في البسيطة فهمه



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية