الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مدرس مشهد أبي حنيفة وشيخ الحنفية ببغداد ، الشيخ أبو الفضل أحمد بن مسعود بن علي التركستاني
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، وكان إليه المظالم ، ودفن بالمشهد المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 37 ] والشيخ أبو محمد إسماعيل بن علي بن الحسين فخر الدين الحنبلي ، ويعرف بابن الماشطة ، ويقال له : الفخر . غلام ابن المني . له تعليقة في الخلاف ، وكانت له حلقة بجامع الخليفة ، وكان يلي النظر في قرايا الخليفة ، ثم عزله فلزم بيته فقيرا لا شيء له إلى أن مات ، رحمه الله ، وكان ولده محمد مدبرا شيطانا مريدا ، كثير الهجاء والسعاية بالناس إلى أولياء الأمر بالباطل ، فقطع لسانه ، وحبس إلى أن مات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والوزير معز الدين أبو المعالي سعيد بن علي بن أحمد بن حديدة ، من سلالة الصحابي قطبة بن عامر بن حديدة الأنصاري ، ولي الوزارة للناصر في سنة أربع وثمانين ، ثم عزله عن سفارة ابن مهدي ، فهرب إلى مراغة ، ثم عاد بعد موت ابن مهدي ، فأقام ببغداد معظما محترما ، وكان كثير الصدقات والإحسان إلى الناس ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وسنجر بن عبد الله الناصري الخليفي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كانت له أموال كثيرة وأملاك وإقطاعات متسعة ، وكان مع ذلك بخيلا ذليلا ساقط النفس ، اتفق أنه خرج أمير [ ص: 38 ] الحاج في سنة تسع وثمانين وخمسمائة ، فاعترضه بعض الأعراب في نفر يسير ، وكان مع سنجر خمسمائة فارس ، فدخله الذل من الأعرابي ، فطلب منه الأعرابي خمسين ألف دينار ، فجباها سنجر من الحجيج ، ودفعها إليه ، فلما عاد إلى بغداد أخذ الخليفة منه خمسين ألف دينار ، ودفعها إلى أصحابها وعزله ، وولى طاشتكين مكانه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقاضي السلامية

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ظهير الدين أبو إسحاق إبراهيم بن نصر بن عسكر ، الفقيه الشافعي الأديب ، ذكره العماد في " الخريدة " ، وابن خلكان في " الوفيات " ، وأثنى عليه ، وأنشد من شعره في شيخ زاوية وأصحابه ، فقال :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألا قل لمكي قول النصوح فحق النصيحة أن تستمع     متى سمع الناس في دينهم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بأن الغنا سنة تتبع     وأن يأكل المرء أكل البعير
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ويرقص في الجمع حتى يقع     ولو كان طاوي الحشا جائعا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لما دار من طرب واستمع     وقالوا سكرنا بحب الإله
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما أسكر القوم إلا القصع     كذاك الحمير إذا أخصبت
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ينقزها ريها والشبع

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وتاج الأمناء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن [ ص: 39 ] عساكر ، من بيت الحديث والرواية ، وهو أكبر من أخويه زين الأمناء والفخر عبد الرحمن ، سمع عميه الحافظ أبا القاسم والصائن ، وكان صديقا للشيخ تاج الدين الكندي ، وكانت وفاته يوم الأحد ثاني رجب ، ودفن قبلي محراب مسجد القدم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تاج العلا النسابة الحلبي الحسني

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      اجتمع بآمد بالشيخ أبي الخطاب بن دحية ، وكان ينسب إلى دحية الكلبي ، فقال له تاج العلا : إن دحية لم يعقب . فرماه ابن دحية بالكذب في مسائله الموصلية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الأثير في " الكامل " : وفي المحرم منها توفي المهذب الطبيب المشهور .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهو علي بن أحمد بن هبل الموصلي سمع الحديث ، وكان أعلم أهل زمانه بالطب ، وله فيه تصنيف حسن ، وكان كثير الصدقة حسن الأخلاق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن خروف

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      شارح " سيبويه " و " جمل الزجاجي " ، هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الحضرمي الأندلسي الإشبيلي ، أحد المشاهير في هذه الصناعة ، وكتبه تدل على تقدمه وعلمه وفضله ، وكان شيخه فيها ابن طاهر ، المعروف بالخدب الأندلسي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 40 ] الجزولي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب المقدمة المسماة ب " القانون "

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      هو أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي - بطن من البربر - ثم اليزدكتني النحوي المغربي مصنف المقدمة المشهورة البديعة ، وقد شرحها هو وتلامذته ، وكلهم يعترفون بتقصيرهم عن فهم مراده في أماكن كثيرة منها ، قدم ديار مصر ، وأخذ عن ابن بري ، ثم عاد إلى بلاده ، وولي خطابة مراكش ، وكانت وفاته في هذه السنة ، وقيل : قبلها . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية