الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 264 ] قوله ( ويبطل التيمم بخروج الوقت ) .

فائدة : النذر ، وفرض الكفاية : كالفرض ، والجنازة ، والاستسقاء ، والكسوف وسجود التلاوة والشكر ، ومس المصحف ، والقراءة ، واللبث في المسجد : كالنفل قال ذلك في الرعاية . وفي قوله " الجنازة كالنفل " نظر ، مع قوله " وفرض الكفاية كالفرض " إلا أن يريد الصلاة عليها ثانيا . ويأتي بيان وقت ذلك عنه . قوله " ويبطل التيمم بخروج الوقت " .

تنبيه : ظاهر قوله ( الثاني : العجز عن استعمال الماء لعدمه ) أن العدم سواء كان حضرا أو سفرا ، وسواء كان العادم مطلقا أو محبوسا ، وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . وقيل : لا يباح التيمم للعدم ، إلا في السفر . اختاره الخلال . ويأتي في كلام المصنف آخر الباب " من حبس في المصر " فعلى المذهب : لا تلزمه الإعادة إذا وجد الماء على الصحيح من المذهب ، وعنه يعيد . وجزم في الإفادات بأن العاصي بسفره يعيد . ويأتي هناك في كلام المصنف . فائدتان :

إحداهما : يجوز التيمم في السفر المباح ، والمحرم ، والطويل ، والقصير على الصحيح من المذهب . وعليه جمهور الأصحاب . قال القاضي : ولو خرج إلى ضيعة له تقارب البنيان والمنازل ولو بخمسين خطوة : جاز له التيمم والصلاة على الراحلة ، وأكل الميتة للضرورة . وقيل : لا يباح التيمم إلا في السفر المباح الطويل . فعلى هذا القول : يصلي ويعيد بلا نزاع . وعلى المذهب : لا يعيد على الصحيح ، وقدمه في الرعاية الكبرى . وقيل : يعيد . وأطلقهما ابن تميم . ويأتي إذا خرج إلى أرض بلده لحاجة كالاحتطاب ونحوه . [ ص: 265 ] والثانية : لو عجز المريض عن الحركة وعمن يوضئه : فحكمه حكم العادم ، وإن خاف فوت الوقت إن انتظر من يوضئه : تيمم وصلى ولا يعيد على الصحيح من المذهب ، ذكره ابن أبي موسى . وصححه المجد ، وصاحب الفروع . وقيل : ينتظر من يوضئه ولا يتيمم ; لأنه مقيم ينتظر الماء قريبا . فأشبه المشتغل بالاستقاء . قوله ( أو لضرر في استعماله من جرح ) يجوز له التيمم إذا حصل له ضرر باستعماله في بدنه ، أو بقاء شين ، أو نظائره على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . ويصلي ولا يعيد . وعنه لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف التلف . اختاره بعضهم ، وهو من المفردات . قوله ( أو برد ) يجوز التيمم لخوف البرد بعد غسل ما يمكن على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . سواء كان في الحضر أو السفر . وعنه لا يتيمم لخوف البرد في الحضر وأما الإعادة : فتأتي في كلام المصنف .

فائدة : قوله " من جرح ، أو برد شديد ، أو مرض يخشى زيادته ، أو تطاوله " وكذا لو خاف حدوث نزلة ونحوها . قوله ( أو عطش يخافه على نفسه ) إذا خاف على نفسه العطش : حبس الماء ، وتيمم بلا نزاع . وحكاه ابن المنذر إجماعا . قوله ( أو رفيقه ) يعني المحترم . قاله الأصحاب . إذا وجد عطشانا يخاف تلفه لزمه سقيه وتيمم ، على الصحيح من المذهب ، قال ابن تميم : يجب الدفع إلى العطشان في أصح الوجهين ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والرعاية ، والفروع ، والفائق ، وابن عبيدان والتلخيص ، وغيرهم ، وجزم به في مجمع البحرين ، والشيخ تقي الدين . وقال [ ص: 266 ]

أبو بكر في مقنعه ، والقاضي : لا يلزمه بذله ، بل يستحب . فعلى المذهب ، هل يجب حبس الماء للعطش الغير المتوقع ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الفروع ، وشرح الهداية للمجد ، وابن عبيدان ، وابن تميم ، والزركشي . أحدهما : لا يجب . بل يستحب . قال المجد : وهو ظاهر كلام أحمد ، وقدمه في مجمع البحرين ، والرعاية الكبرى . والوجه الثاني : يجب ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا . وظاهر ما جزم به الشارح . قال في الفروع : والوجهان أيضا في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت . وقال في الرعاية : ولو خاف أن يعطش بعد ذلك هو أو أهله ، أو عبده أو أمته : لم يجب دفعه إليه . وقيل : بلى بثمنه ، إن وجب الدفع عن نفس العطشان ، وإلا فلا . ولا يجب دفعه لطهارة غيره بحال . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية