الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      دخول نائب السلطنة الأمير سيف الدين أسندمر اليحياوي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في صبيحة يوم الاثنين حادي عشر شعبان من هذه السنة كان دخول الأمير [ ص: 598 ] سيف الدين أسندمر اليحياوي نائبا على دمشق من جهة الديار المصرية ، وتلقاه الناس ، واحتفلوا له احتفالا زائدا ، وشاهدته حين ترجل لتقبيل العتبة وبعضده الأمير سيف الدين بيدمر الذي كان حاجب الحجاب ، وعين لنيابة حلب المحروسة ، فاستقبل القبلة ، وسجد على العتبة ، وقد بسط له عندها مفارش وصمدة هائلة ، ثم إنه ركب فتعضده بيدمر أيضا ، وسار نحو الموكب ، فأوكب ثم عاد إلى دار السعادة على عادة من تقدمه من النواب ، وجاء تقليد الأمير سيف الدين بيدمر من آخر النهار لنيابة حلب المحروسة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي آخر نهار الثلاثاء بعد العصر ، ورد البريد البشيري ، وعلى يده مرسوم شريف بنفي القاضي بهاء الدين أبي البقاء ، وأولاده ، وأهله إلى طرابلس بلا وظيفة ، فشق ذلك عليه وعلى أهليه ومن يليه ، وتغمم له كثير من الناس ، وسافر ليلة الجمعة ، وقد أذن له في الاستنابة في جهاته ، فاستناب ، ولده الكبير ولي الدين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      واشتهر في شوال أن الأمير سيف الدين منجك الذي كان نائب السلطنة بالشام وهرب ، ولم يطلع له على خبر ، فلما كان في هذا الوقت - ذكر أنه مسك ببلد بحران من معاملة ماردين في زي فقير ، وأنه احتفظ عليه ، وأرسل السلطان فداويه ، وعجب كثير من الناس من ذلك ، ثم لم يظهر لذلك حقيقة ، وكان الذين رأوه ظنوا أنه هو ، فإذا هو فقير من جملة الفقراء ، يشبهه من بعض الوجوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 599 ] واشتهر في ذي القعدة أن الأمير عز الدين فياض بن مهنا ملك العرب خرج عن طاعة السلطان ، وتوجه نحو العراق ، فوردت المراسيم السلطانية لمن بأرض الرحبة من العساكر الدمشقية ، وهم أربعة مقدمين في أربعة آلاف ، وكذلك جيش حلب ، وغيره - بتطلبه ، وإحضاره إلى بين يدي السلطان ، فسعوا في ذلك بكل ما يقدرون عليه ، فعجزوا عن لحاقه ، والدخول وراءه إلى البراري ، وتفارط الحال ، وخلص إلى أرض العراق ، فضاق النطاق ، وتعذر اللحاق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية