الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الثـاني )

اختلف في إعادة الأعراض التي كانت قائمة بالأجسام في الدنيا فمذهب الأكثرين أنها تعاد بأشخاصها التي كانت قائمة بالجسم حال الحياة وإليه ميل أبي الحسن الأشعري من غير فرق فيها بين الأعراض التي يطول بقاء نوعها كالبياض وبين غيرها كالأصوات وسواء كان مقدورا للعبد كالضرب أو لا كالعلم والجهل لأن نسبتها إلى قدرته تعالى كنسبة الأعيان وقد قام [ ص: 161 ] الدليل على إعادتها فكذا أعراضها ، وما قيل يلزم عليه قيام العرض ، يعني الإعادة بالعرض المعاد ، وهو محال ، فباطل لإمكان تعلق الإعادة بالأعيان أولا ، وبالذات وبالأعراض ثانيا وبالعرض ، هذا كله أن لو قلنا باستحالة قيام العرض بالعرض ، فكيف ونحن بمعزل عن ذلك ، وقد شاهدنا قيام العرض بالعرض بالمحسوس وغيره كليل حالك ، وحركة بطيئة ، وأحمر قان ، وغير ذلك .

وقيل بمنع إعادة الأعراض مطلقا كما ذهب إليه بعض الأشاعرة .

وذهب أكثر المعتزلة إلى امتناع إعادة الأعراض التي لا تبقى كالأصوات والإرادات ؛ لاختصاصها عندهم بالأوقات ، وقسموا الباقية إلى ما يكون مقدورا للعبد فمنعوا إعادتها ، وإلى ما لا يكون مقدورا للعبد فجوزوا إعادتها . وقد قال ابن العربي في سراج المريدين ، والقرطبي في تذكرته :

الذي عند أهل السنة أن تلك الأجساد الدنيوية تعاد بأعيانها ، وبأعراضها بلا خلاف بينهم - مع أن الخلاف منقول عند متكلمي الأشعرية كالسعد ، والبيضاوي ، وغيرهما .

قلت :

وقد نقل الإجماع غير واحد من العلماء من آخرهم الشيخ مرعي وغيره عن أهل السنة : أن الأجساد الدنيوية تعاد بأعيانها وأعراضها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية