الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن ) ( عجز عن الرمي ) لعلة لا يرجى زوالها قبل فوات وقت الرمي كمرض أو حبس يقينا أو ظنا فيما يظهر ( استناب ) من يرمي عنه وجوبا كما بحثه الإسنوي ولو بأجرة فاضلة عما يعتبر في الفطرة فيما يظهر حلالا كان النائب أو محرما إذ الاستنابة جائزة في النسك ، فكذلك في أبعاضه فليس المراد العجز الذي ينتهي إلى اليأس كما في استنابة الحج ، ولا فرق في الحبس بين أن يكون بحق أو لا كما في المجموع ، لكن شرط ابن الرفعة أن يحبس بحق ، قال الإسنوي : وهو باطل نقلا ومعنى ، وصورة المحبوس بحق أن يجب عليه قود لصغير فإنه يحبس حتى يبلغ ، وما أشبهها وقد حكى ذلك البندنيجي عن النص ، قال الزركشي : وهو الذي في الحاوي والتتمة والبيان وغيرها ، وسيأتي في الحصر أنه إذا حبس بحق لا يباح له التحلل ، قال الوالد رحمه الله تعالى : لا مخالفة بينهما إذ كلام المجموع في حق عاجز عن أدائه ومفهوم النص وغيره في حق قادر على ذلك ثم إن استناب من قد رمى عن نفسه أو حلالا فرمى عنه وقع عنه كما في طواف الحامل لغيره وإن كان النائب لم يرم عن نفسه ولو بعض الجمرات فرمى وقع عن نفسه ; لأن رميه يقع عنه دون المستنيب كالحج .

                                                                                                                            لكن يخالف ما مر في الطواف عن الغير إذا كان محرما فإنه يقع عن الغير إذا نواه له ، ويفرق بأن الطواف لما كان مثل الصلاة أثرت فيه نية الصرف إلى غيره ، بخلاف الرمي فإنه ليس شبيها بالصلاة ، وقياس السعي أن يكون كالرمي ويحتمل إلحاقه بالطواف ; لأن الله تعالى سماه طوافا بقوله { أن يطوف بهما } وإذا استناب عنه من رمى أو حلالا سن له أن يناوله الحصى ، ويكبر كذلك إن أمكنه وإلا تناولها النائب وكبر بنفسه ، ولا ينعزل نائبه في الرمي عنه بإغمائه والمجنون في جميع ذلك كالمغمى عليه ، صرح به المتولي وغيره ، فيجزئه رميه عنه ، ولو برئ [ ص: 315 ] من عذره في الوقت بعد الرمي لم تلزمه إعادته لكنها تسن ، ويفارق نظيره في الحج بأن الرمي تابع ويجبر تركه بدم بخلاف الحج فيهما وبأن الرمي على الفور وقد ظن العجز حتى يخرج الوقت والحج على التراخي أما إغماء النائب فظاهر كلامه أنه ينعزل به وهو القياس ، وكلامهم يفهم أنه لو ظن القدرة في اليوم الثالث ، وقلنا بالأصح أن أيام الرمي كيوم واحد أنه لا تجوز له الاستنابة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وما أشبهها ) كأن حبست الحامل لقود حتى تضع ( قوله : وقع عن نفسه ) أي فيرمي عن المستنيب بعد ( قوله : بخلاف الرمي فإنه إلخ ) هذا مخالف لما قدمه في قوله وصرف الرمي بالنية إلخ ، [ ص: 315 ] إلا أن يقال : إنما تقدم في الصرف لغير أعمال الحج بخلاف ما هنا ( قوله : حتى يخرج الوقت ) أي إلى أن يخرج إلخ



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وصورة المحبوس بحق { رمي جمرة العقبة } ) أي الذي له الاستنابة بأن يكون عاجزا عنه ، وهو الحق المراد في كلام المجموع لا الحق الذي هو مفهوم ما في النص وغيره مما يأتي ، كما يعلم من جمع والده الآتي ، وكان الأصوب تأخير هذا إلى ما هناك وجعله مثالا في كلام والده ( قوله : وقد حكى ذلك ) يعني ما شرطه ابن الرفعة وهو من جملة كلام المجموع أيضا كما يعلم من عبارة شرح الروض ونصها : قال في المجموع : ولو بحق بالاتفاق ، لكن شرط ابن الرفعة أن يحبس بغير حق ، وذكر أن البندنيجي حكاه عن النص .

                                                                                                                            قال الزركشي : وهو الذي في الحاوي إلخ ( قوله : وسيأتي في المحصر ) هذا من الزركشي تقوية لكلام ابن الرفعة بالقياس على المحصر .

                                                                                                                            ( قوله : إذ كلام المجموع في حق عاجز ) يجوز قراءته بالإضافة ، فحق هنا بغير معنى الحق فيما تقدم فكأنه قال : بالنسبة لعاجز عن أدائه ، ويجوز قراءته بالتنوين فيكون الحق بمعناه المتقدم ، لكن يتعين في عاجز الرفع ، والتقدير في حق هو عاجز عن أدائه ، ولا يجوز فيه الجر حينئذ وصفا للحق كما لا يخفى .

                                                                                                                            وأما قوله الآتي في حق قادر على ذلك [ ص: 315 ] فيتعين فيه الإضافة كما هو ظاهر




                                                                                                                            الخدمات العلمية