[ ص: 346 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=31862هجرة الخليل إلى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين [ العنكبوت : 26 - 27 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=71ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=72ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=73وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين [ الأنبياء : 71 - 73 ] . لما هجر قومه في الله ، وهاجر من بين أظهرهم ، وكانت امرأته عاقرا لا يولد لها ، ولم يكن له من الولد أحد ، بل معه ابن أخيه
لوط بن هاران بن آزر وهبه الله تعالى بعد ذلك الأولاد الصالحين ، وجعل في ذريته النبوة والكتاب ، فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته ، وكل كتاب نزل من السماء على نبي من الأنبياء من بعده فعلى أحد نسله وعقبه خلعة من الله وكرامة له حين ترك بلاده وأهله وأقرباءه ، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه عز وجل ودعوة الخلق إليه ، والأرض التي قصدها بالهجرة أرض
الشام ، وهي التي قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=71إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين . قاله
أبي بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
[ ص: 347 ] وقتادة ، وغيرهم .
وروى
العوفي ، عن
ابن عباس قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=71إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين .
مكة ألم تسمع إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=96إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين [ آل عمران : 96 ] . وزعم
كعب الأحبار أنها
حران . وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب أنه خرج من أرض
بابل هو وابن أخيه
لوط ، وأخوه
ناحور ، وامرأة
إبراهيم سارة ، وامرأة أخيه ملكا ، فنزلوا
حران فمات
تارخ أبو
إبراهيم بها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : انطلق
إبراهيم ولوط قبل
الشام فلقي
إبراهيم سارة ، وهي ابنة ملك
حران ، وقد طعنت على قومها في دينهم فتزوجها على أن لا يغيرها . رواه
ابن جرير ، وهو غريب ، والمشهور أنها ابنة عمه
هاران الذي تنسب إليه
حران ، ومن زعم أنها ابنة أخيه
هاران أخت
لوط ، كما حكاه
السهيلي ، عن
القتبي ،
والنقاش فقد أبعد
النجعة ، وقال بلا علم ، وادعى أن تزويج بنت الأخ كان إذ ذاك مشروعا فليس له على ذلك دليل . ولو فرض أن هذا كان مشروعا في وقت ، كما هو منقول عن
الربانيين من
اليهود ، فإن الأنبياء لا تتعاطاه ، والله أعلم . ثم المشهور أن
إبراهيم عليه السلام لما هاجر من
بابل خرج
بسارة مهاجرا من بلاده ، كما تقدم ، والله أعلم . وذكر أهل الكتاب أنه لما قدم
الشام أوحى الله إليه إني جاعل هذه الأرض لخلفك من بعدك فابتنى
إبراهيم مذبحا لله شكرا على هذه النعمة ، وضرب قبته شرقي بيت
[ ص: 348 ] المقدس ، ثم انطلق مرتحلا إلى
اليمن ، وأنه كان جوع أي قحط وشدة ، وغلاء فارتحلوا إلى
مصر ، وذكروا قصة
سارة مع ملكها ، وأن
إبراهيم قال لها قولي : أنا أخته . وذكروا إخدام الملك إياها
هاجر ، ثم أخرجهم منها فرجعوا إلى بلاد
التيمن يعني أرض
بيت المقدس ، وما والاها ومعه دواب وعبيد وأموال .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
محمد بن محبوب ، حدثنا
حماد بن زيد ، عن
أيوب ، عن
محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : لم يكذب
إبراهيم إلا ثلاث كذبات ، ثنتان منهن في ذات الله قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إني سقيم وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بل فعله كبيرهم هذا . وقال : بينا هو ذات يوم
nindex.php?page=treesubj&link=31864وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : هاهنا رجل معه امرأة من أحسن الناس . فأرسل إليه فسأله عنها . فقال : من هذه ؟ قال : أختي . فأتى
سارة فقال : يا
سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني . فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله لي ، ولا أضرك . فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية ، فأخذ مثلها أو أشد ، فقال : ادعي الله لي ، ولا أضرك . فدعت فأطلق فدعا بعض حجبته ، فقال : إنك لم تأتني بإنسان ، وإنما أتيتني بشيطان فأخدمها هاجر . فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده ؛ مهيم ؟ فقالت : رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره ، وأخدم هاجر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء . تفرد به من هذا الوجه موقوفا .
[ ص: 349 ] وقد رواه الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار ، عن
عمرو بن علي الفلاس ، عن
عبد الوهاب الثقفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509765nindex.php?page=treesubj&link=31861إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات كل ذلك في ذات الله : قوله : إني سقيم . وقوله : بل فعله كبيرهم هذا . وبينما هو يسير في أرض جبار من الجبابرة إذ نزل منزلا ، فأتي الجبار ، فقيل له : إنه قد نزل هاهنا رجل معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه فسأله عنها ، فقال : إنها أختي ، فلما رجع إليها قال : إن هذا سألني عنك فقلت : إنك أختي ، وإنه ليس اليوم مسلم غيري وغيرك ، وإنك أختي فلا تكذبيني عنده ، فانطلق بها ، فلما ذهب يتناولها أخذ ، فقال : ادعي الله لي ، ولا أضرك فدعت له فأرسل فذهب يتناولها فأخذ مثلها أو أشد منها فقال : ادعي الله لي ، ولا أضرك . فدعت فأرسل ثلاث مرات ، فدعا أدنى حشمه فقال : إنك لم تأتني بإنسان ، ولكن أتيتني بشيطان أخرجها ، وأعطها هاجر . فجاءت وإبراهيم قائم يصلي ، فلما أحس بها انصرف ، فقال : مهيم ؟ فقالت : كفى الله كيد الظالم ، nindex.php?page=treesubj&link=31865وأخدمني هاجر . وأخرجاه من حديث
هشام . ثم قال
البزار : لا نعلم أسنده عن
محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إلا
هشام . ورواه غيره موقوفا .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
علي بن حفص ، عن ،
ورقاء هو ابن عمر اليشكري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول
[ ص: 350 ] الله صلى الله عليه وسلم :
لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ؛ قوله حين دعي إلى آلهتهم فقال : إني سقيم . وقوله : بل فعله كبيرهم هذا . وقوله لسارة : إنها أختي . قال : ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل : دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس . قال : فأرسل إليه الملك أو الجبار من هذه معك ؟ قال : أختي . قال : فأرسل بها . قال : فأرسل بها إليه . وقال : لا تكذبي قولي ، فإني قد أخبرته أنك أختي ، إن على الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فلما دخلت عليه قام إليها فأقبلت توضأ وتصلي ، وتقول : اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر . قال : فغط حتى ركض برجله . قال
أبو الزناد قال
أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509766اللهم إن يمت يقل : هي قتلته . قال : فأرسل . قال : ثم قام إليها . قال : فقامت توضأ وتصلي ، وتقول : اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر . قال : فغط حتى ركض برجله . قال أبو الزناد ، وقال أبو سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقل هي قتلته . قال : فأرسل . قال : فقال في الثالثة أو الرابعة : ما أرسلتم إلي إلا شيطانا أرجعوها إلى إبراهيم ، وأعطوها هاجر . قال : فرجعت فقالت لإبراهيم : أشعرت ؟ إن الله رد كيد الكافر وأخدم وليدة . تفرد به
أحمد من هذا الوجه ، وهو على شرط الصحيح ، وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
أبي اليمان ، عن
شعيب بن أبي حمزة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
[ ص: 351 ] nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصرا .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد بن جدعان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن
أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمات
إبراهيم الثلاث التي قال :
ما منها كلمة إلا ماحل بها عن دين الله ، فقال : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إني سقيم وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بل فعله كبيرهم هذا وقال للملك حين أراد امرأته : هي أختي . فقوله في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509767 . هي أختي . أي في دين الله ، وقوله لها
إنه ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك . يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ، ويتعين حمله على هذا ؛ لأن
لوطا كان معهم ، وهو نبي عليه السلام ، وقوله لها لما رجعت إليه : مهيم ؟ معناه ما الخبر فقالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509768 . إن الله رد كيد الكافر . وفي رواية
الفاجر . وهو الملك
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509769 . وأخدم جارية . وكان
إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك قام يصلي لله عز وجل ويسأله أن يدفع عن أهله ، وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء ، وهكذا فعلت هي أيضا كلما أراد عدو الله أن ينال منها أمرا قامت إلى وضوئها وصلاتها ، ودعت الله عز وجل بما تقدم من الدعاء العظيم ؛ ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45واستعينوا بالصبر والصلاة . فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله وحبيبه وخليله
إبراهيم عليه السلام .
[ ص: 352 ] وقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نسوة ؛
سارة ،
وأم موسى ،
ومريم عليهن السلام والذي عليه الجمهور أنهن صديقات رضي الله عنهن وأرضاهن ورأيت في بعض الآثار أن الله عز وجل كشف الحجاب فيما بين
إبراهيم عليه السلام ، وبينها فلم يزل يراها منذ خرجت من عنده إلى أن رجعت إليه ، وكان مشاهدا لها وهي عند الملك ، وكيف عصمها الله منه ؛ ليكون ذلك أطيب لقلبه وأقر لعينه وأشد لطمأنينته ، فإنه كان يحبها حبا شديدا لدينها ، وقرابتها منه وحسنها الباهر ، فإنه قد قيل : إنه لم تكن امرأة بعد
حواء إلى زمانها أحسن منها رضي الله عنها ، ولله الحمد والمنة .
وذكر بعض أهل التواريخ : أن
فرعون مصر هذا كان أخا
للضحاك الملك المشهور بالظلم ، وكان عاملا لأخيه على
مصر . ويقال : كان اسمه
سنان بن علوان بن عبيد بن عوج بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح ، وذكر
ابن هشام في التيجان أن الذي أرادها
عمرو بن امرئ القيس بن بايلبون بن سبأ ، وكان على
مصر نقله
السهيلي فالله أعلم .
ثم
nindex.php?page=treesubj&link=31862إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن ، وهي
الأرض المقدسة التي كان فيها ، ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل ، وصحبتهم
هاجر القبطية المصرية ، ثم إن
لوطا عليه السلام نزح بما له من الأموال الجزيلة بأمر
الخليل له في ذلك إلى أرض
الغور ، المعروف
بغور زغر ، فنزل بمدينة
سدوم ، وهي أم تلك البلاد في ذلك الزمان ، وكان أهلها أشرارا كفارا فجارا ،
[ ص: 353 ] وأوحى الله تعالى إلى
إبراهيم الخليل يأمره أن يمد بصره ، وينظر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، وبشره بأن هذه الأرض كلها سأجعلها لك ، ولخلفك إلى آخر الدهر ، وسأكثر ذريتك حتى يصيروا بعدد تراب الأرض ، وهذه البشارة اتصلت بهذه الأمة ، بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الأمة المحمدية ، يؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509770إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها . قالوا : ثم إن طائفة من الجبارين تسلطوا على
لوط عليه السلام فأسروه ، وأخذوا أمواله واستاقوا أنعامه ، فلما بلغ الخبر
إبراهيم الخليل عليه السلام سار إليهم في ثلاثمائة وثمانية عشر رجلا ، فاستنقذ
لوطا عليه السلام واسترجع أمواله ، وقتل من أعداء الله ورسوله خلقا كثيرا وهزمهم ، وساق في آثارهم حتى وصل إلى شمالي
دمشق ، وعسكر بظاهرها عند برزة ، وأظن مقام
إبراهيم المنسوب إليه ببرزة اليوم إنما سمي ؛ لأنه كان موضع موقف جيش
الخليل ، والله أعلم . ثم رجع مؤيدا منصورا إلى بلاده ، وتلقاه ملوك بلاد
بيت المقدس معظمين له مكرمين خاضعين ، واستقر ببلاده صلوات الله وسلامه عليه .
[ ص: 346 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=31862هِجْرَةِ الْخَلِيلِ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ وَدُخُولِهِ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ وَاسْتِقْرَارِهِ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [ الْعَنْكَبُوتِ : 26 - 27 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=71وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=72وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=73وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [ الْأَنْبِيَاءِ : 71 - 73 ] . لَمَّا هَجَرَ قَوْمَهُ فِي اللَّهِ ، وَهَاجَرَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ عَاقِرًا لَا يُولَدُ لَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ أَحَدٌ ، بَلْ مَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ
لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ آزَرَ وَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ الْأَوْلَادَ الصَّالِحِينَ ، وَجَعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ، فَكُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ بَعْدَهُ فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ، وَكُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَعَلَى أَحَدِ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ خِلْعَةً مِنَ اللَّهِ وَكَرَامَةً لَهُ حِينَ تَرَكَ بِلَادَهُ وَأَهْلَهُ وَأَقْرِبَاءَهُ ، وَهَاجَرَ إِلَى بَلَدٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعْوَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ ، وَالْأَرْضُ الَّتِي قَصَدَهَا بِالْهِجْرَةِ أَرْضُ
الشَّامِ ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=71إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ . قَالَهُ
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
[ ص: 347 ] وَقَتَادَةُ ، وَغَيْرُهُمْ .
وَرَوَى
الْعَوْفِيُّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=71إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ .
مَكَّةَ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=96إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ [ آلِ عِمْرَانَ : 96 ] . وَزَعَمَ
كَعْبُ الْأَحْبَارِ أَنَّهَا
حَرَّانُ . وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ نَقْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَرْضِ
بَابِلَ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ
لُوطٌ ، وَأَخُوهُ
نَاحُورُ ، وَامْرَأَةُ
إِبْرَاهِيمَ سَارَةُ ، وَامْرَأَةُ أَخِيهِ مَلْكَا ، فَنَزَلُوا
حَرَّانَ فَمَاتَ
تَارَخُ أَبُو
إِبْرَاهِيمَ بِهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : انْطَلَقَ
إِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ قِبَلَ
الشَّامِ فَلَقِيَ
إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ ، وَهِيَ ابْنَةُ مَلِكِ
حَرَّانَ ، وَقَدْ طَعَنَتْ عَلَى قَوْمِهَا فِي دِينِهِمْ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا يُغَيِّرَهَا . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ، وَهُوَ غَرِيبٌ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا ابْنَةُ عَمِّهِ
هَارَانَ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ
حَرَّانُ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا ابْنَةُ أَخِيهِ
هَارَانَ أُخْتُ
لُوطٍ ، كَمَا حَكَاهُ
السُّهَيْلِيُّ ، عَنِ
الْقُتَبِيِّ ،
وَالنَّقَّاشِ فَقَدْ أَبْعَدَ
النُّجْعَةَ ، وَقَالَ بِلَا عِلْمٍ ، وَادَّعَى أَنَّ تَزْوِيجَ بِنْتِ الْأَخِ كَانَ إِذْ ذَاكَ مَشْرُوعًا فَلَيْسَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ . وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا كَانَ مَشْرُوعًا فِي وَقْتٍ ، كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنِ
الرَّبَّانِيِّينَ مِنَ
الْيَهُودِ ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَتَعَاطَاهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ثُمَّ الْمَشْهُورُ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا هَاجَرَ مِنْ
بَابِلَ خَرَجَ
بِسَارَةَ مُهَاجِرًا مِنْ بِلَادِهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَذَكَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ
الشَّامَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي جَاعِلٌ هَذِهِ الْأَرْضَ لِخَلَفِكَ مِنْ بَعْدِكَ فَابْتَنَى
إِبْرَاهِيمُ مَذْبَحًا لِلَّهِ شُكْرًا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ ، وَضَرَبَ قُبَّتَهُ شَرْقِيَّ بَيْتِ
[ ص: 348 ] الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ مُرْتَحِلًا إِلَى
الْيَمَنِ ، وَأَنَّهُ كَانَ جُوعٌ أَيْ قَحْطٌ وَشِدَّةٌ ، وَغَلَاءٌ فَارْتَحَلُوا إِلَى
مِصْرَ ، وَذَكَرُوا قِصَّةَ
سَارَةَ مَعَ مَلِكِهَا ، وَأَنَّ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَهَا قُولِي : أَنَا أُخْتُهُ . وَذَكَرُوا إِخْدَامَ الْمَلِكِ إِيَّاهَا
هَاجَرَ ، ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِ
التَّيَمُّنِ يَعْنِي أَرْضَ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَمَا وَالَاهَا وَمَعَهُ دَوَابُّ وَعَبِيدٌ وَأَمْوَالٌ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ
أَيُّوبَ ، عَنْ
مُحَمَّدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لَمْ يَكْذِبْ
إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ ، ثِنْتَانِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إِنِّي سَقِيمٌ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا . وَقَالَ : بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ
nindex.php?page=treesubj&link=31864وَسَارَةُ إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ ، فَقِيلَ لَهُ : هَاهُنَا رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ . فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا . فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : أُخْتِي . فَأَتَى
سَارَةَ فَقَالَ : يَا
سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي . فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ ، فَقَالَ : ادْعِي اللَّهَ لِي ، وَلَا أَضُرُّكِ . فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ ، ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ ، فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ ، فَقَالَ : ادْعِي اللَّهَ لِي ، وَلَا أَضُرُّكِ . فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ ، فَقَالَ : إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ ، وَإِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ . فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ ؛ مَهْيَمْ ؟ فَقَالَتْ : رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ أَوِ الْفَاجِرِ فِي نَحْرِهِ ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ . تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَوْقُوفًا .
[ ص: 349 ] وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13863أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ ، عَنْ
عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17240هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509765nindex.php?page=treesubj&link=31861إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ كُلُّ ذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ : قَوْلُهُ : إِنِّي سَقِيمٌ . وَقَوْلُهُ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا . وَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ فِي أَرْضِ جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا ، فَأُتِيَ الْجَبَّارُ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ هَاهُنَا رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : إِنَّهَا أُخْتِي ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَ : إِنَّ هَذَا سَأَلَنِي عَنْكِ فَقُلْتُ : إِنَّكِ أُخْتِي ، وَإِنَّهُ لَيْسَ الْيَوْمَ مُسْلِمٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ ، وَإِنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي عِنْدَهُ ، فَانْطُلِقَ بِهَا ، فَلَمَّا ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا أُخِذَ ، فَقَالَ : ادْعِي اللَّهَ لِي ، وَلَا أَضُرُّكِ فَدَعَتْ لَهُ فَأُرْسِلَ فَذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ مِنْهَا فَقَالَ : ادْعِي اللَّهَ لِي ، وَلَا أَضُرُّكِ . فَدَعَتْ فَأُرْسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَدَعَا أَدْنَى حَشَمِهِ فَقَالَ : إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ ، وَلَكِنْ أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ أَخْرِجْهَا ، وَأَعْطِهَا هَاجَرَ . فَجَاءَتْ وَإِبْرَاهِيمُ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهَا انْصَرَفَ ، فَقَالَ : مَهْيَمْ ؟ فَقَالَتْ : كَفَى اللَّهُ كَيْدَ الظَّالِمِ ، nindex.php?page=treesubj&link=31865وَأَخْدَمَنِي هَاجَرَ . وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ
هِشَامٍ . ثُمَّ قَالَ
الْبَزَّارُ : لَا نَعْلَمُ أَسْنَدَهُ عَنْ
مُحَمَّدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا
هِشَامٌ . وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مَوْقُوفًا .
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ ، عَنْ ،
وَرْقَاءَ هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11863أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13724الْأَعْرَجِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
[ ص: 350 ] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ ؛ قَوْلُهُ حِينَ دُعِيَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ : إِنِّي سَقِيمٌ . وَقَوْلُهُ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا . وَقَوْلُهُ لِسَارَةَ : إِنَّهَا أُخْتِي . قَالَ : وَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ : دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ اللَّيْلَةَ بِامْرَأَةٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ . قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ أَوِ الْجَبَّارُ مَنْ هَذِهِ مَعَكَ ؟ قَالَ : أُخْتِي . قَالَ : فَأَرْسِلْ بِهَا . قَالَ : فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ . وَقَالَ : لَا تُكَذِّبِي قَوْلِي ، فَإِنِّي قَدْ أَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي ، إِنْ عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَقْبَلَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي ، وَتَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ . قَالَ : فَغَطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ . قَالَ
أَبُو الزِّنَادِ قَالَ
أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509766اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَلْ : هِيَ قَتَلَتْهُ . قَالَ : فَأُرْسِلَ . قَالَ : ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا . قَالَ : فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي ، وَتَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ . قَالَ : فَغَطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ . قَالَ أَبُو الزِّنَادِ ، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ ، عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا قَالَتِ : اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَلْ هِيَ قَتَلَتْهُ . قَالَ : فَأُرْسِلَ . قَالَ : فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ : مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إِلَّا شَيْطَانًا أَرْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَأَعْطُوهَا هَاجَرَ . قَالَ : فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ لِإِبْرَاهِيمَ : أَشَعَرْتَ ؟ إِنَّ اللَّهَ رَدَّ كَيْدَ الْكَافِرِ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً . تَفَرَّدَ بِهِ
أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ ، وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، عَنْ
أَبِي الْيَمَانِ ، عَنْ
شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11863أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ
[ ص: 351 ] nindex.php?page=showalam&ids=13724الْأَعْرَجِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ مُخْتَصَرًا .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16621عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَلِمَاتِ
إِبْرَاهِيمَ الثَّلَاثِ الَّتِي قَالَ :
مَا مِنْهَا كَلِمَةٌ إِلَّا مَاحَلَ بِهَا عَنْ دِينِ اللَّهِ ، فَقَالَ : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إِنِّي سَقِيمٌ وَقَالَ : nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وَقَالَ لِلْمَلِكِ حِينَ أَرَادَ امْرَأَتَهُ : هِيَ أُخْتِي . فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509767 . هِيَ أُخْتِي . أَيْ فِي دِينِ اللَّهِ ، وَقَوْلُهُ لَهَا
إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ . يَعْنِي زَوْجَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ غَيْرِي وَغَيْرَكِ ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا ؛ لِأَنَّ
لُوطًا كَانَ مَعَهُمْ ، وَهُوَ نَبِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَوْلُهُ لَهَا لَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهِ : مَهْيَمْ ؟ مَعْنَاهُ مَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509768 . إِنَّ اللَّهَ رَدَّ كَيْدَ الْكَافِرِ . وَفِي رِوَايَةٍ
الْفَاجِرِ . وَهُوَ الْمَلِكُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509769 . وَأَخْدَمَ جَارِيَةً . وَكَانَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وَقْتِ ذُهِبَ بِهَا إِلَى الْمَلِكِ قَامَ يُصَلِّي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ أَهْلِهِ ، وَأَنْ يَرُدَّ بَأْسَ هَذَا الَّذِي أَرَادَ أَهْلَهُ بِسُوءٍ ، وَهَكَذَا فَعَلَتْ هِيَ أَيْضًا كُلَّمَا أَرَادَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ يَنَالَ مِنْهَا أَمْرًا قَامَتْ إِلَى وُضُوئِهَا وَصَلَاتِهَا ، وَدَعَتِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الدُّعَاءِ الْعَظِيمِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ . فَعَصَمَهَا اللَّهُ وَصَانَهَا لِعِصْمَةِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
[ ص: 352 ] وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى نُبُوَّةِ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ ؛
سَارَةَ ،
وَأُمِّ مُوسَى ،
وَمَرْيَمَ عَلَيْهِنَّ السَّلَامُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُنَّ صَدِّيقَاتٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَأَرْضَاهُنَّ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَشَفَ الْحِجَابَ فِيمَا بَيْنَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَبَيْنَهَا فَلَمْ يَزَلْ يَرَاهَا مُنْذُ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى أَنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ ، وَكَانَ مُشَاهِدًا لَهَا وَهِيَ عِنْدَ الْمَلِكِ ، وَكَيْفَ عَصَمَهَا اللَّهُ مِنْهُ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَطْيَبَ لِقَلْبِهِ وَأَقَرَّ لِعَيْنِهِ وَأَشَدَّ لِطُمَأْنِينَتِهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا لِدِينِهَا ، وَقَرَابَتِهَا مِنْهُ وَحُسْنِهَا الْبَاهِرِ ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ : إِنَّهُ لَمْ تَكُنِ امْرَأَةٌ بَعْدَ
حَوَّاءَ إِلَى زَمَانِهَا أَحْسَنَ مِنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّوَارِيخِ : أَنَّ
فِرْعَوْنَ مِصْرَ هَذَا كَانَ أَخًا
لِلضَّحَّاكِ الْمَلِكِ الْمَشْهُورِ بِالظُّلْمِ ، وَكَانَ عَامِلًا لِأَخِيهِ عَلَى
مِصْرَ . وَيُقَالُ : كَانَ اسْمُهُ
سِنَانَ بْنَ عِلْوَانَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوجِ بْنِ عِمْلَاقِ بْنِ لَاوَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ، وَذَكَرَ
ابْنُ هِشَامٍ فِي التِّيجَانِ أَنَّ الَّذِي أَرَادَهَا
عَمْرُو بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ بَايلبونَ بْنِ سَبَأٍ ، وَكَانَ عَلَى
مِصْرَ نَقَلَهُ
السُّهَيْلِيُّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31862إِنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجَعَ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ إِلَى أَرْضِ التَّيَمُّنِ ، وَهِيَ
الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ الَّتِي كَانَ فِيهَا ، وَمَعَهُ أَنْعَامٌ وَعَبِيدٌ وَمَالٌ جَزِيلٌ ، وَصَحِبَتْهُمْ
هَاجَرُ الْقِبْطِيَّةُ الْمِصْرِيَّةُ ، ثُمَّ إِنَّ
لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَحَ بِمَا لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ الْجَزِيلَةِ بِأَمْرِ
الْخَلِيلِ لَهُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَرْضِ
الْغَوْرِ ، الْمَعْرُوفِ
بِغَوْرِ زُغَرَ ، فَنَزَلَ بِمَدِينَةَ
سَدُومَ ، وَهِيَ أُمُّ تِلْكَ الْبِلَادِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَكَانَ أَهْلُهَا أَشْرَارًا كُفَّارًا فُجَّارًا ،
[ ص: 353 ] وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَمُدَّ بَصَرَهُ ، وَيَنْظُرَ شَمَالًا وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا ، وَبَشَّرَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ كُلَّهَا سَأَجْعَلُهَا لَكَ ، وَلِخَلَفِكَ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ ، وَسَأُكْثِرُ ذُرِّيَّتَكَ حَتَّى يَصِيرُوا بِعَدَدِ تُرَابِ الْأَرْضِ ، وَهَذِهِ الْبِشَارَةُ اتَّصَلَتْ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، بَلْ مَا كَمَلَتْ وَلَا كَانَتْ أَعْظَمَ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ ، يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509770إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زَوَى لِي مِنْهَا . قَالُوا : ثُمَّ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ الْجَبَّارِينَ تَسَلَّطُوا عَلَى
لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَسَرُوهُ ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُ وَاسْتَاقُوا أَنْعَامَهُ ، فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَارَ إِلَيْهِمْ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فَاسْتَنْقَذَ
لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاسْتَرْجَعَ أَمْوَالَهُ ، وَقَتَلَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ خَلْقًا كَثِيرًا وَهَزَمَهُمْ ، وَسَاقَ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى وَصَلَ إِلَى شَمَالِيِّ
دِمَشْقَ ، وَعَسْكَرَ بِظَاهِرِهَا عِنْدَ بَرْزَةَ ، وَأَظُنُّ مَقَامَ
إِبْرَاهِيمَ الْمَنْسُوبَ إِلَيْهِ بِبَرْزَةَ الْيَوْمَ إِنَّمَا سُمِّيَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْضِعَ مَوْقِفِ جَيْشِ
الْخَلِيلِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ثُمَّ رَجَعَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا إِلَى بِلَادِهِ ، وَتَلَقَّاهُ مُلُوكُ بِلَادِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُعَظِّمِينَ لَهُ مُكْرِمِينَ خَاضِعِينَ ، وَاسْتَقَرَّ بِبِلَادِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ .