الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6685 46 - حدثني بشر بن خالد، أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، سمعت أبا وائل، قال: قيل لأسامة: ألا تكلم هذا؟ قال: قد كلمته ما دون أن أفتح بابا أكون أول من يفتحه، وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميرا على رجلين: أنت خير - بعدما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يجاء برجل، فيطرح في النار، فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار، فيقولون: أي فلان، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ بالتعسف من كلام أسامة ، وهو أنه لم يرد فتح الباب بالمجاهرة بالتنكير على الإمام؛ لما يخشى من عاقبة ذلك، من كونه فتنة ربما تؤول إلى أن تموج كموج البحر.

                                                                                                                                                                                  وبشر - بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة - ابن خالد اليشكري، وسليمان هو الأعمش ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ، وأسامة هو ابن زيد حب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في صفة النار، عن علي بن عبد الله . وأخرجه مسلم في آخر الكتاب، عن يحيى بن يحيى وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قيل لأسامة : ألا تكلم هذا " لم يبين هنا من هو القائل لأسامة : ألا تكلم هذا، ولا المشار إليه بقوله: هذا: من هو؟ وقد بين في رواية مسلم : قيل له: ألا تدخل على عثمان رضي الله تعالى عنه، وتكلمه في شأن الوليد بن عقبة ، وما ظهر منه من شرب الخمر؟ وقال الكرماني : ألا تكلم فيما يقع بين الناس من الغيبة والسعي في إطفاء إثارتها.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال: قد كلمته ما دون أن أفتح بابا " أي: كلمته شيئا دون أن أفتح بابا من أبواب الفتن، أي: كلمته على سبيل المصلحة والأدب والسر، بدون أن يكون فيه تهييج للفتنة ونحوها، وكلمة ما موصوفة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أكون أول من يفتحه " وفي رواية الكشميهني : أول من فتحه بصيغة الماضي.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أنت خير " وفي رواية الكشميهني : ائت خيرا بكسر الهمزة والتاء بصيغة الأمر من الإيتاء، وخيرا بالنصب على المفعولية.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يجاء برجل " على صيغة المجهول، وكذلك فيطرح.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فيطحن " على بناء المعلوم.

                                                                                                                                                                                  قوله: " كطحن الحمار " وفي رواية الكشميهني : كما يطحن.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فيطيف به أهل النار " أي يجتمعون حوله، يقال: أطاف به القوم إذا حلقوا حوله حلقة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أي فلان " يعني [ ص: 204 ] يا فلان. فإن قلت: ما مناسبة ذكر أسامة هذا الحديث هنا؟ قلت: ذكره ليتبرأ مما ظنوا به من سكوته عن عثمان في أخيه، وقال: قد كلمته سرا دون أن أفتح باب الإنكار على الأئمة علانية ؛ خشية أن تفترق الكلمة ، ثم عرفهم بأنه لا يداهن أحدا، ولو كان أميرا، بل ينصح له في السر جهده.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية