الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6702 63 - حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، حدثنا عقبة بن خالد، حدثنا عبيد الله، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن جده حفص بن عاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا.

                                                                                                                                                                                  قال عقبة: وحدثنا عبيد الله، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله، إلا أنه قال: يحسر عن جبل من ذهب .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه ذكر عقيب الحديث السابق، وبينهما مناسبة في كون كل منهما من أشراط الساعة، والمناسب للمناسب للشيء مناسب لذلك الشيء.

                                                                                                                                                                                  وشيخه عبد الله بن سعيد هو أبو سعيد الأشج ، مشهور بكنيته وصفته، وهو من الطبقة الوسطى الثالثة من شيوخ البخاري ، وعاش بعد البخاري سنة واحدة، ومات سنة سبع وخمسين ومائتين. وعقبة - بالقاف - ابن خالد الكوفي ، وعبد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم، المشهور بالعمري . وخبيب - بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة - ابن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الفتن، عن سهل بن عثمان ، عن عقبة . وأخرجه أبو داود في الملاحم، والترمذي في صفة الجنة جميعا، عن أبي سعيد ، عن عبد الله بن سعيد بن الأشج به.

                                                                                                                                                                                  قوله: " عن جده حفص بن عاصم " أي ابن عمر بن الخطاب ، والضمير لعبيد الله بن عمر لا لشيخه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يوشك " أي يقرب، وهو بكسر الشين المعجمة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " الفرات " نهر مشهور بالتاء المجرورة. وقيل: يجوز أن يكتب بالهاء كالتابوت والتابوه، والعنكبوت والعنكبوه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أن يحسر " بفتح أوله وسكون الحاء المهملة وكسر السين المهملة وفتحها، أي ينكشف عن الكنز لذهاب مائه، وهو لازم ومتعد.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا " هذا يشعر بأن الأخذ منه ممكن بأن يكون دنانير أو قطعا أو تبرا، ولكن وجه منع الأخذ؛ لأنه مستعقب للبليات، وهو آية من الآيات.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين : إنما نهى عن الأخذ منه؛ لأنه للمسلمين فلا يؤخذ إلا بحقه. واعترض عليه بأنه غير ظاهر، وإنما النهي لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال عليه.

                                                                                                                                                                                  وأخرج مسلم من حديث أبي بن كعب : سمعت رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقول: يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فإذا سمع الناس ساروا إليه، فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: وقع عند ابن ماجه فيه: فيقتل من كل عشرة تسعة . قلت: هذه رواية شاذة، والمحفوظ رواية مسلم . ويمكن الجمع باختلاف تقسيم الناس إلى طائفتين.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال عقبة " هو ابن [ ص: 214 ] خالد المذكور، وهو موصول بالسند المذكور: وحدثنا عبيد الله هو العمري المذكور. وأشار بهذا إلى أن لعبيد الله المذكور إسنادين: أحدهما: فيه " عن كنز من ذهب " والآخر: " عن جبل من ذهب " رواه عبيد الله عن أبي الزناد - بالزاي والنون - عبد الله بن ذكوان ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية