الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وقال مزاحم بن زفر : قال لنا عمر بن عبد العزيز : خمس إذا أخطأ القاضي منهن خطة كانت فيه وصمة؛ أن يكون فهما حليما عفيفا صليبا عالما سؤولا عن العلم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مزاحم - بضم الميم وبالزاي وكسر الحاء المهملة - ابن زفر - بضم الزاي وفتح الفاء وبالراء - الكوفي، وهو ممن أخرج له مسلم . وعمر بن عبد العزيز الخليفة المشهور العادل.

                                                                                                                                                                                  قوله: " خمس " أي: خمس خصال.

                                                                                                                                                                                  قوله: " إذا أخطأ " أي: إذا تجاوز وفات منهن أي: من الخمس المذكورة، وقال الكرماني : ويروى: " منهم" أي: من القضاة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " خطة " بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء، كذا في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني ، وفي روايته عنه " خصلة " بفتح الخاء المعجمة وسكون الصاد المهملة، وهما بمعنى.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وصمة " بفتح الواو وسكون الصاد المهملة أي: عيب وعار.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أن يكون " تفسير لحال القاضي المذكور، وهو جملة في محل [ ص: 242 ] الرفع على الخبرية، تقديره: وهي أن يكون.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فهما " بفتح الفاء وكسر الهاء، قال بعضهم: هو من صيغ المبالغة. قلت: هو من الصفات المشبهة، ووقع في رواية المستملي " فقيها ".

                                                                                                                                                                                  قوله: " حليما " يعني على من يؤذيه ولا يبادر بالانتقام. وقيل: الحلم هو الطمأنينة ، يعني يكون متحملا لسماع كلام المتحاكمين واسع الخلق، غير ضجور ولا غضوب .

                                                                                                                                                                                  قوله: " عفيفا " أي: يكف عن الحرام؛ فإنه إذا كان عالما ولم يكن عفيفا كان ضرره أشد من ضرر الجاهل، ويقال: العفة النزاهة عن القبائح، أي: لا يأخذ الرشوة بصورة الهدية، ولا يميل إلى ذي جاه ونحوه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " صليبا " على وزن فعيل من الصلابة، أي: قويا شديدا يقف عند الحق ولا يميل مع الهوى، ويستخلص حق المحق من المبطل، ولا يتهاون فيه ولا يحاميه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " سؤولا " على وزن فعول أي: كثير السؤال عن العلم، مذاكرا مع أهل العلم؛ لأنه ربما يظهر له من غيره ما هو أقوى مما عنده.

                                                                                                                                                                                  وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور في السنن، عن عبادة بن عباد ، ومحمد بن سعد في الطبقات، عن عفان ، كلاهما قال: حدثنا مزاحم بن زفر قال: قدمنا على عمر بن عبد العزيز في خلافته، وقد أمر أهل الكوفة ، فسألنا عن بلادنا وقاضينا وأمره، وقال: خمس إذا أخطأ إلى آخره. فإن قلت: هذه ستة لا خمسة. قلت: السادس من تتمة الخامس؛ لأن كمال العلم لا يحصل إلا بالسؤال.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية