الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6769 52 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن أبي ليلى. ح، وحدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأخبر محيصة أن عبد الله قتل وطرح في فقير أو عين، فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه. قالوا: ما قتلناه والله. ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم، وأقبل هو وأخوه حويصة - وهو أكبر منه - وعبد الرحمن بن سهل، فذهب ليتكلم - وهو الذي كان بخيبر - فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمحيصة: كبر كبر - يريد السن، فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب. فكتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم به، فكتب: ما قتلناه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا. قال: أفتحلف لكم يهود؟ قالوا: ليسوا بمسلمين! فوداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عنده مائة ناقة حتى أدخلت الدار، قال سهل: فركضتني منها ناقة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " فكتب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " ؛ أي: إلى أهل خيبر " به " أي: بالخبر الذي نقل إليه.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه من طريقين؛ أحدهما: عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي ليلى - بفتح اللامين مقصورا - ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة ، وقيل: أبو ليلى هو عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل . قال الكرماني : وقيل: لم يرو عنه إلا مالك فقط، فهو نقض على قاعدة البخاري حيث قالوا: شرطه أن يكون لراويه راويان.

                                                                                                                                                                                  والطريق الآخر: عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك - إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في القسامة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (من كبراء قومه) ؛ أي: عظمائهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أن عبد الله بن سهل ) ؛ أي ابن زيد بن كعب الحارثي ، (محيصة) بضم الميم وفتح الحاء المهملة، وأما الياء آخر الحروف فمشددة مكسورة أو مخففة ساكنة وبإهمال الصاد؛ ابن مسعود بن كعب الحارثي .

                                                                                                                                                                                  قوله: (من جهد) بفتح الجيم؛ الفقر والاشتداد ونكاية العيش.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وطرح في فقير) بالفاء المفتوحة والقاف المكسورة والياء آخر الحروف الساكنة والراء، وهو فم القناة والحفيرة التي يغرس فيها الفسيلة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وأخوه حويصة ) بالمهملتين على وزن محيصة في الوجهين.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وهو) ؛ أي: حويصة .

                                                                                                                                                                                  قوله: (كبر) ؛ أي: قدم الأسن في الكلام.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إما أن يدوا) ؛ أي: إما أن يعطي اليهود الدية، من ودى إذا أعطى الدية، ومضارعه يدي، أصله يودي؛ حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة فصار على وزن يعل.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فكتب: ما قتلناه) ، في رواية الكشميهني : " فكتبوا " وهذا أوجه. قال الكرماني : " فكتب " أي: كتب الحي المسمى باليهود - وفيه تكلف، وقال بعضهم: وأقرب منه أن يراد الكاتب عنهم؛ لأن الذي يباشر الكتابة إنما هو واحد. قلت: هذا أيضا فيه تكلف، والأقرب منه والأصوب " كتبوا " بصيغة الجمع، والأولى أن يكون " كتب " على صيغة المجهول، ولفظ: " ما قتلناه " مرفوع به محلا؛ أي: كتب هذا اللفظ.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أتحلفون) ، قال الكرماني : كيف عرضت اليمين على الثلاثة وإنما هي للوارث خاصة وهو أخوه؟ قلت: كان معلوما عندهم أن اليمين يختص به، فأطلق الخطاب لهم لأنه كان لا يعمل شيئا إلا بمشورتهما؛ إذ هو كان كالولد لهما.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فوداه) ؛ أي: فأعطى ديته رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، إنما أعطاه من عنده قطعا للنزاع وجبرا لخاطرهم، وإلا فاستحقاقهم لم يثبت.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية