الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإذا انقضت مدة المزارعة ، والزرع لم يدرك كان على المزارع أجر مثل نصيبه من الأرض إلى أن يستحصد والنفقة على الزرع عليهما على مقدار حقوقهما ) معناه حتى يستحصد ; لأن في تبقية الزرع بأجر المثل تعديل النظر من الجانبين فيصار إليه ، وإنما كان العمل عليهما ; لأن العقد قد انتهى بانتهاء المدة ، وهذا عمل في المال المشترك ، وهذا بخلاف ما إذا مات رب الأرض والزرع بقل حيث يكون العمل فيه على العامل ، لأن هناك أبقينا العقد في مدته ، والعقد يستدعي العمل على العامل ، أما ها هنا العقد قد انتهى فلم يكن هذا إبقاء ذلك العقد فلم يختص العامل بوجوب العمل عليه ( فإن أنفق أحدهما بغير إذن صاحبه وأمر القاضي فهو متطوع ) ; لأنه لا ولاية له عليه ( ولو أراد رب الأرض أن يأخذ الزرع بقلا لم يكن له ذلك ) ; لأن فيه إضرارا بالمزارع ( ولو أراد المزارع أن يأخذه بقلا قيل لصاحب الأرض : اقلع الزرع فيكون بينكما أو أعطه قيمة نصيبه أو أنفق أنت على الزرع وارجع بما تنفقه في حصته ) ; لأن المزارع لما امتنع من العمل لا يجبر عليه ; لأن إبقاء العقد بعد وجود المنهي نظر له ، وقد ترك النظر لنفسه ، ورب الأرض مخير بين هذه [ ص: 29 ] الخيارات ; لأن بكل ذلك يستدفع الضرر ( ولو مات المزارع بعد نبات الزرع فقالت ورثته نحن نعمل إلى أن يستحصد الزرع وأبى رب الأرض فلهم ذلك ) لأنه لا ضرر على رب الأرض ( ولا أجر لهم بما عملوا ) ; لأنا أبقينا العقد نظرا لهم ، فإن أرادوا قلع الزرع لم يجبروا على العمل لما بينا والمالك على الخيارات الثلاثة لما بينا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية