[ ص: 70 ] فصل ( في
nindex.php?page=treesubj&link=29327غزوة بني قريظة )
وما أحل الله تعالى بهم من البأس الشديد ، مع ما أعد الله لهم في الآخرة من العذاب الأليم ، وذلك لكفرهم
nindex.php?page=treesubj&link=30836ونقضهم العهود التي كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وممالأتهم الأحزاب عليه ، فما أجدى ذلك عنهم شيئا ، وباءوا بغضب من الله ورسوله ، والصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة ، وقد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا
( الأحزاب : 25 27 ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
محمد بن مقاتل ، حدثنا
عبد الله ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن
سالم ونافع ، عن
عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من الغزو والحج والعمرة ، يبدأ فيكبر ثم يقول : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون ، لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب [ ص: 71 ] وحده .
قال
محمد بن إسحاق رحمه الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510486ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون ، ووضعوا السلاح ، فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما حدثني الزهري - معتجرا بعمامة من إستبرق ، على بغلة عليها رحالة ، عليها قطيفة من ديباج فقال : أوقد وضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال : " نعم " . nindex.php?page=treesubj&link=30832فقال جبريل : ما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم ، إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن في الناس : من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة
قال
ابن هشام : واستعمل على
المدينة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12508عبد الله بن أبي شيبة ، حدثنا
ابن نمير ، عن
هشام ، عن أبيه ، عن
عائشة قالت :
لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل ، أتاه جبريل فقال : قد وضعت السلاح ، والله ما وضعناه ، فاخرج إليهم . قال : " فإلى أين ؟ " قال : هاهنا وأشار إلى بني قريظة . فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم [ ص: 72 ] وقال
أحمد : وحدثنا
حسن ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الأحزاب دخل المغتسل يغتسل ، وجاء جبريل فرأيته من خلل الباب قد عصب رأسه الغبار ، فقال : يا محمد ، أوضعتم أسلحتكم ؟ فقال : ما وضعنا أسلحتنا بعد ، انهد إلى بني قريظة .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
موسى ، حدثنا
جرير بن حازم ، عن
حميد بن هلال ، عن
أنس بن مالك قال : كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق
بني غنم ، موكب
جبريل حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
بني قريظة .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
عبد الله بن محمد بن أسماء ، حدثنا
جويرية بن أسماء ، عن
نافع ، عن
ابن عمر قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : " nindex.php?page=treesubj&link=30834لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصلي العصر حتى نأتيها . وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يرد منا ذلك . فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم وهكذا رواه
مسلم ، عن
عبد الله بن محمد بن أسماء به .
[ ص: 73 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13933الحافظ البيهقي : حدثنا
أبو عبد الله الحافظ ،
وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13720أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا
محمد بن خالد بن خلي ، حدثنا
بشر بن شعيب ، عن أبيه ، حدثنا
الزهري أخبرني
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، أن عمه
عبيد الله أخبره
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510487أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من طلب الأحزاب ، وضع عنه اللأمة واغتسل واستجمر ، فتبدى له جبريل عليه السلام ، فقال : عذيرك من محارب ، ألا أراك قد وضعت اللأمة وما وضعناها بعد . قال : فوثب النبي صلى الله عليه وسلم فزعا ، فعزم على الناس أن لا يصلوا صلاة العصر حتى يأتوا بني قريظة . قال : فلبس الناس السلاح ، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس ، فاختصم الناس عند غروب الشمس ، فقال بعضهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم علينا أن لا نصلي حتى نأتي بني قريظة ، فإنما نحن في عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس علينا إثم . وصلى طائفة من الناس احتسابا ، وتركت طائفة منهم الصلاة حتى غربت الشمس ، فصلوها حين جاءوا بني قريظة احتسابا ، فلم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا من الفريقين .
ثم روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
عبد الله العمري ، عن أخيه
عبيد الله ، عن
[ ص: 74 ] nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن
عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=3510488أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها ، فسلم علينا رجل ونحن في البيت ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا ، وقمت في أثره فإذا بدحية الكلبي ، فقال : " هذا جبريل أمرني أن أذهب إلى بني قريظة ، وقال : قد وضعتم السلاح ، لكنا لم نضع ، طلبنا المشركين حتى بلغنا حمراء الأسد " وذلك حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا وقال لأصحابه : " عزمت عليكم أن لا تصلوا صلاة العصر حتى تأتوا بني قريظة " . فغربت الشمس قبل أن يأتوهم ، فقالت طائفة من المسلمين : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد أن تدعوا الصلاة ، فصلوا . وقالت طائفة : والله إنا لفي عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما علينا من إثم فصلت طائفة إيمانا واحتسابا ، وتركت طائفة إيمانا واحتسابا ، ولم يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا من الفريقين ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بمجالس بينه وبين بني قريظة ، فقال : " هل مر بكم أحد ؟ " فقالوا : مر علينا دحية الكلبي على بغلة شهباء ، تحته قطيفة ديباج . فقال : " ذلك جبريل أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم ويقذف في قلوبهم الرعب " فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمر أصحابه أن يستروه بالجحف حتى يسمعهم كلامه ، فناداهم : " يا إخوة القردة والخنازير " . فقالوا : يا أبا القاسم ، لم تكن فحاشا . فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد [ ص: 75 ] بن معاذ ، وكانوا حلفاءه ، فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم ولهذا الحديث طرق جيدة ، عن
عائشة وغيرها .
وقد اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=30834المصيب من الصحابة يومئذ ، من هو ؟ بل الإجماع على أن كلا من الفريقين مأجور ومعذور ، غير معنف ؛ فقالت طائفة من العلماء : الذين أخروا الصلاة يومئذ عن وقتها المقدر لها ، حتى صلوها في
بني قريظة هم المصيبون ؛ لأن أمرهم يومئذ بتأخير الصلاة خاص ، فيقدم على عموم الأمر بها في وقتها المقدر لها شرعا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم الظاهري في كتابه " السيرة " : وعلم الله أنا لو كنا هناك ، لم نصل العصر إلا في
بني قريظة ، ولو بعد أيام . وهذا القول منه ماش على قاعدته الأصلية في الأخذ بالظاهر . وقالت طائفة أخرى من العلماء : بل الذين صلوا الصلاة في وقتها لما أدركتهم وهم في مسيرهم ، هم المصيبون ؛ لأنهم فهموا أن المراد إنما هو تعجيل السير إلى
بني قريظة ، لا تأخير الصلاة ، فعملوا بمقتضى الأدلة الدالة على أفضلية الصلاة في أول وقتها ، مع فهمهم عن الشارع ما أراد ، ولهذا لم يعنفهم ، ولم يأمرهم بإعادة الصلاة في وقتها التي حولت إليه يومئذ ، كما يدعيه أولئك ، وأما أولئك الذين أخروا ، فعذروا بحسب ما فهموا وأكثر ما كانوا يؤمرون بالقضاء ، وقد فعلوه . وأما على قول من يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=1406تأخير الصلاة لعذر القتال كما فهمه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، حيث احتج على ذلك بحديث
ابن عمر [ ص: 76 ] المتقدم في هذا ، فلا إشكال على من أخر ، ولا على من قدم أيضا . والله أعلم .
ثم قال
ابن إسحاق : وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
علي بن أبي طالب ومعه رايته ، وابتدرها الناس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة في " مغازيه " عن
الزهري :
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغتسله ، كما يزعمون قد رجل أحد شقيه ، أتاه جبريل على فرس عليه لأمته ، حتى وقف بباب المسجد عند موضع الجنائز ، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له جبريل : غفر الله لك ، أوقد وضعت السلاح ؟ قال : " نعم " . فقال جبريل : لكنا لم نضعه منذ نزل بك العدو ، وما زلت في طلبهم حتى هزمهم الله . ويقولون : إن على وجه جبريل لأثر الغبار . فقال له جبريل : إن الله قد أمرك بقتال بني قريظة فأنا عامد إليهم بمن معي من الملائكة ؛ لأزلزل بهم الحصون ، فاخرج بالناس . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثر جبريل ، فمر على مجلس بني غنم ، وهم ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألهم فقال : " مر عليكم فارس آنفا ؟ " قالوا : مر علينا nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي على فرس أبيض ، تحته نمط أو قطيفة ديباج ، عليه اللأمة . فذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ذاك جبريل " . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشبه nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي بجبريل . فقال : [ ص: 77 ] " الحقوني ببني قريظة ، فصلوا فيهم العصر " . فقاموا وما شاء الله من المسلمين فانطلقوا إلى بني قريظة فحانت صلاة العصر وهم بالطريق ، فذكروا الصلاة فقال بعضهم لبعض : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمركم أن تصلوا العصر في بني قريظة ؟ ! وقال آخرون : هي الصلاة . فصلى منهم قوم ، وأخرت طائفة الصلاة حتى صلوها في بني قريظة بعد أن غابت الشمس ، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من عجل منهم الصلاة ومن أخرها ، فذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعنف واحدا من الفريقين . قال : فلما رأى علي بن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا تلقاه وقال : ارجع يا رسول الله ، فإن الله كافيك اليهود . وكان علي قد سمع منهم قولا سيئا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه ، رضي الله عنهن ، فكره علي أن يسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم تأمرني بالرجوع ؟ " فكتمه ما سمع منهم فقال : " أظنك سمعت لي منهم أذى ، فامض فإن أعداء الله لو قد رأوني ، لم يقولوا شيئا مما سمعت " فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصنهم ، وكانوا في أعلاه ، نادى بأعلى صوته نفرا من أشرافهم ، حتى أسمعهم فقال : " أجيبوا يا معشر يهود يا إخوة القردة ، قد نزل بكم خزي الله عز وجل " فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة ، ورد الله حيي بن أخطب ، حتى دخل حصن بني قريظة . وقذف الله في قلوبهم الرعب ، واشتد عليهم الحصار ، فصرخوا بأبي لبابة بن عبد المنذر ، وكانوا حلفاء الأنصار ، فقال أبو لبابة : لا آتيهم حتى يأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد أذنت لك " . فأتاهم أبو لبابة [ ص: 78 ] فبكوا إليه وقالوا : يا أبا لبابة ، ماذا ترى وماذا تأمرنا ، فإنه لا طاقة لنا بالقتال . فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه ، وأمر عليه أصابعه ، يريهم أنما يراد بكم القتل . فلما انصرف أبو لبابة سقط في يده ، ورأى أنه قد أصابته فتنة عظيمة ، فقال : والله لا أنظر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحدث لله توبة نصوحا ، يعلمها الله من نفسي ، فرجع إلى المدينة فربط يديه إلى جذع من جذوع المسجد . وزعموا أنه ارتبط قريبا من عشرين ليلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما ذكر - حين راث عليه أبو لبابة : " أما فرغ أبو لبابة من حلفائه ؟ " . قالوا : يا رسول الله ، قد والله انصرف من عند الحصن ، وما ندري أين سلك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد حدث لأبي لبابة أمر ، ما كان عليه " . فأقبل رجل من عند المسجد فقال : يا رسول الله ، قد رأيت أبا لبابة ارتبط بحبل إلى جذع من جذوع المسجد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أصابته بعدي فتنة ولو جاءني لاستغفرت له ، وإذ قد فعل هذا فلن أحركه من مكانه حتى يقضي الله فيه ما يشاء .
وهكذا رواه
ابن لهيعة ، عن
أبي الأسود ، عن
عروة . وكذا ذكره
محمد بن إسحاق في " مغازيه " في مثل سياق
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن
الزهري ، ومثل
[ ص: 79 ] رواية
أبي الأسود ، عن
عروة . قال
ابن إسحاق : ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بئر من آبار
بني قريظة من ناحية أموالهم يقال لها : بئر أنا . فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة ، حتى جهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، وقد كان
حيي بن أخطب دخل معهم حصنهم ، حين رجعت عنهم
قريش وغطفان ؛ وفاء
لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه فلما أيقنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم ، قال
كعب بن أسد : يا معشر
يهود ، قد نزل بكم من الأمر ما ترون ، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا ، فخذوا بما شئتم منها . قالوا : وما هن ؟ قال : نتابع هذا الرجل ونصدقه ، فوالله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل ، وأنه للذي تجدونه في كتابكم ، فتأمنون به على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم . قالوا : لا نفارق حكم التوراة أبدا ، ولا نستبدل به غيره . قال : فإذا أبيتم علي هذه ، فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثم نخرج إلى
محمد وأصحابه رجالا مصلتين بالسيوف ، لم نترك وراءنا ثقلا حتى يحكم الله بيننا وبين
محمد ، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه ، وإن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء قالوا : أنقتل هؤلاء المساكين ؟! فما خير العيش بعدهم ! قال : فإن أبيتم علي هذه ، فالليلة ليلة السبت ، وإنه عسى أن يكون
محمد وأصحابه قد أمنونا فيها ، فانزلوا لعلنا نصيب من
محمد وأصحابه غرة . قالوا : أنفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا إلا من قد علمت ، فأصابه ما لم يخف عنك من المسخ . فقال : ما بات
[ ص: 80 ] رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما . ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا
أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف - وكانوا حلفاء
الأوس - نستشيره في أمرنا . فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه ، قام إليه الرجال ، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه ، فرق لهم وقالوا : يا
أبا لبابة ، أترى أن ننزل على حكم
محمد ؟ قال : " نعم " . وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح . قال
أبو لبابة : فوالله ما زالت قدماي من مكانهما ، حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . ثم انطلق
أبو لبابة على وجهه ، ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده ، وقال : لا أبرح مكاني حتى يتوب الله علي ما صنعت . وعاهد الله أن لا أطأ
بني قريظة أبدا ، ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا .
قال
ابن هشام : وأنزل الله ، فيما قال
سفيان بن عيينة ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
عبد الله بن أبي قتادة :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=27ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ( الأنفال : 27 ) قال
ابن هشام : أقام مرتبطا ست ليال ، تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله حتى يتوضأ ويصلي ثم يرتبط ، حتى نزلت توبته في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ( التوبة : 12 )
[ ص: 81 ] وقول
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : إنه مكث عشرين ليلة مرتبطا به ، أشبه . والله أعلم .
وذكر
ابن إسحاق أن الله أنزل توبته على رسوله من آخر الليل وهو في بيت
أم سلمة فجعل يبتسم فسألته
أم سلمة ، فأخبرها بتوبة الله على
أبي لبابة ، فاستأذنته أن تبشره ، فأذن لها فخرجت فبشرته ، فثار الناس إليه يبشرونه ، وأرادوا أن يحلوه من رباطه فقال : والله لا يحلني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفجر حله من رباطه رضي الله عنه وأرضاه .
قال
ابن إسحاق : ثم إن
ثعلبة بن سعية ،
وأسيد بن سعية ،
وأسد بن عبيد - وهم نفر من
بني هدل ، ليسوا من
بني قريظة ولا
النضير - نسبهم فوق ذلك ، هم بنو عم القوم ، أسلموا في تلك الليلة التي نزلت فيها
قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج في تلك
عمرو بن سعدى القرظي ، فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم
محمد بن مسلمة تلك الليلة ، فلما رآه قال : من هذا ؟ قال : أنا
عمرو بن سعدى . وكان
عمرو قد أبى أن يدخل مع
بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لا أغدر
بمحمد أبدا .
[ ص: 82 ] فقال
محمد بن مسلمة حين عرفه : اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام . ثم خلى سبيله فخرج على وجهه ، حتى بات في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة تلك الليلة ، ثم ذهب فلم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا . فذكر شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510490ذاك رجل نجاه الله بوفائه " . وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من
بني قريظة ، فأصبحت رمته ملقاة ، ولم يدر أين ذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تلك المقالة . والله أعلم أي ذلك كان .
قال
ابن إسحاق : فلما أصبحوا ونزلوا على
nindex.php?page=treesubj&link=30833حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتواثبت الأوس فقالوا : يا رسول الله ، إنهم موالينا دون
الخزرج ، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت . يعنون عفوه عن
بني قينقاع حين سأله فيهم
عبد الله بن أبي ، كما تقدم . قال
ابن إسحاق : فلما كلمته
الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا معشر الأوس ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ " . قالوا : بلى قال : " فذلك إلى nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ " . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من
أسلم ، يقال لها :
رفيدة . في مسجده ، وكانت تداوي الجرحى ، فلما حكمه في
بني قريظة ، أتاه قومه
[ ص: 83 ] فحملوه على حمار قد وطئوا له بوسادة من أدم ، وكان رجلا جسيما جميلا ، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون : يا
أبا عمرو ، أحسن في مواليك ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم . فلما أكثروا عليه قال : قد آن
لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم . فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار
بني عبد الأشهل ، فنعى لهم رجال
بني قريظة قبل أن يصل إليهم
سعد ؛ عن كلمته التي سمع منه ، فلما انتهى
سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510492قوموا إلى سيدكم " . فأما المهاجرون من
قريش فيقولون : إنما أراد الأنصار . وأما الأنصار فيقولون : قد عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين . فقاموا إليه فقالوا : يا
أبا عمرو ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم . فقال
سعد : عليكم بذلك عهد الله وميثاقه ، أن الحكم فيهم لما حكمت ؟ قالوا : نعم . قال : وعلى من هاهنا ؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " . قال سعد : فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال وتقسم الأموال ، وتسبى الذراري والنساء . قال
ابن إسحاق : فحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، عن
عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة بن وقاص الليثي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لسعد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510493 " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة " .
[ ص: 84 ] وقال
ابن هشام : حدثني من أثق به من أهل العلم ، أن
علي بن أبي طالب صاح ، وهم محاصرو
بني قريظة : يا كتيبة الإيمان . وتقدم هو
nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام ، وقال : والله لأذوقن ما ذاق
حمزة أو أقتحم حصنهم . فقالوا : يا
محمد ، ننزل على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ
وقد قال الإمام
أحمد : حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
سعد بن إبراهيم ، سمعت
أبا أمامة بن سهل ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري ، قال : نزل أهل
قريظة على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ قال : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
سعد ، فأتاه على حمار ، فلما دنا قريبا من المسجد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510494 " قوموا لسيدكم . أو : خيركم " . ثم قال : " إن هؤلاء نزلوا على حكمك " . قال : تقتل مقاتلتهم وتسبي ذريتهم . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قضيت بحكم الله " . وربما قال : " قضيت بحكم الملك " . وفي رواية : " الملك " . أخرجاه في " الصحيحين " من طرق ، عن
شعبة .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
حجين ويونس قالا : حدثنا
الليث بن [ ص: 85 ] سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، أنه قال : رمي يوم الأحزاب
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ، فقطعوا أكحله ، فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار ، فانتفخت يده فنزفه فحسمه أخرى ، فانتفخت يده فنزفه فلما رأى ذلك ، قال : اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من
بني قريظة . فاستمسك عرقه ، فما قطر قطرة حتى نزلوا على حكم
سعد ، فأرسل إليه فحكم أن تقتل رجالهم ، وتسبى نساؤهم وذراريهم ؛ يستعين بهم المسلمون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510495 " أصبت حكم الله فيهم " . وكانوا أربعمائة ، فلما فرغ من قتلهم ، انفتق عرقه فمات . وقد رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي جميعا ، عن
قتيبة ، عن
الليث ، به . وقال
الترمذي : حسن صحيح .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
ابن نمير ، عن
هشام ، أخبرني أبي ، عن
عائشة قالت :
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ، ووضع السلاح واغتسل ، فأتاه جبريل وعلى رأسه الغبار ، فقال : قد وضعت السلاح! فوالله ما وضعتها ، اخرج إليهم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأين ؟ " . قال : هاهنا . وأشار إلى بني قريظة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم . قال هشام : فأخبرني أبي أنهم نزلوا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم فرد الحكم فيهم إلى سعد ، قال : فإني أحكم أن تقتل المقاتلة وتسبى النساء والذرية وتقسم أموالهم . قال هشام : قال أبي : فأخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لقد حكمت فيهم بحكم الله .
[ ص: 86 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
زكريا بن يحيى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير ، حدثنا
هشام ، عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510496عن عائشة ، قالت : أصيب سعد يوم الخندق ، رماه رجل من قريش يقال له : حبان بن العرقة . رماه في الأكحل ، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب ، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ، وضع السلاح واغتسل ، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار ، فقال : قد وضعت السلاح! والله ما وضعته ، اخرج إليهم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأين ؟ " فأشار إلى بني قريظة ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا على حكمه ، فرد الحكم إلى سعد ، قال : فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة وأن تسبى النساء والذرية ، وأن تقسم أموالهم . قال هشام : فأخبرني أبي ، عن عائشة ، أن سعدا قال : اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك ، من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه ، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فإن كان بقي من حرب قريش شيء ، فأبقني له حتى أجاهدهم فيك ، وإن كنت وضعت الحرب ، فافجرها واجعل موتي فيها . فانفجرت من لبته فلم يرعهم - وفي المسجد خيمة من بني غفار - إلا الدم يسيل إليهم ، فقالوا : يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم ؟ فإذا هو سعد يغذو جرحه دما ، فمات [ ص: 87 ] منها وهكذا رواه
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير ، به .
قلت : كان دعا أولا بهذا الدعاء قبل أن يحكم في
بني قريظة ، ولهذا قال فيه : ولا تمتني حتى تقر عيني من
بني قريظة . فاستجاب الله له ، فلما حكم فيهم ، وأقر الله عينه أتم قرار ، دعا ثانيا بهذا الدعاء ، فجعلها الله له شهادة رضي الله عنه وأرضاه . وسيأتي ذكر وفاته قريبا . إن شاء الله .
وقد رواه الإمام
أحمد من وجه آخر ، عن
عائشة مطولا جدا ، وفيه فوائد ، فقال : حدثنا
يزيد ، أنبأنا
محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده
nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة بن وقاص قال : أخبرتني
عائشة قالت : خرجت يوم الخندق أقفو الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي ، فإذا أنا
بسعد بن معاذ ، ومعه ابن أخيه
الحارث بن أوس يحمل مجنه . قالت : فجلست إلى الأرض فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه ، فأنا أتخوف على أطراف
سعد قالت : وكان
سعد من أعظم الناس وأطولهم ، فمر وهو يرتجز ويقول :
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل ما أحسن الموت إذا حان الأجل
[ ص: 88 ] قالت : فقمت فاقتحمت حديقة ، فإذا نفر من المسلمين ، وإذا فيهم
عمر بن الخطاب ، وفيهم رجل عليه تسبغة له ؛ تعني المغفر ، فقال
عمر : ما جاء بك ، والله إنك لجريئة ، وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوز . فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت لي ساعتئذ فدخلت فيها فرفع الرجل التسبغة عن وجهه ، فإذا هو
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله ، فقال : يا
عمر ، ويحك ، إنك قد أكثرت منذ اليوم ، وأين التحوز أو الفرار إلا إلى الله عز وجل ؟ قالت : ويرمي
سعدا رجل من
قريش يقال له :
ابن العرقة وقال : خذها وأنا
ابن العرقة ، فأصاب أكحله فقطعه ، فدعا الله
سعد ، فقال : اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من
بني قريظة . قالت : وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية قالت : فرقأ كلمه ، وبعث الله الريح على المشركين وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قويا عزيزا . فلحق
أبو سفيان ومن معه بتهامة ، ولحق
[ ص: 89 ] عيينة بن بدر ومن معه
بنجد ، ورجعت
بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة وأمر بقبة من أدم فضربت على
سعد في المسجد . قالت : فجاءه
جبريل وإن على ثناياه لنقع الغبار ، فقال : أقد وضعت السلاح ؟ لا والله ما وضعت الملائكة السلاح بعد ، اخرج إلى
بني قريظة فقاتلهم . قالت : فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا ، فمر على
بني غنم ، وهم جيران المسجد حوله فقال : " من مر بكم ؟ " . قالوا : مر بنا
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي وكان
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي تشبه لحيته وسنه ووجهه
جبريل عليه السلام ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة ، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء ، قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فاستشاروا
أبا لبابة بن عبد المنذر ، فأشار إليهم أنه الذبح ، قالوا : ننزل على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510497 " انزلوا على حكم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ " . فأتي به على حمار عليه إكاف من ليف ، قد حمل عليه وحف به قومه ، فقالوا : يا
أبا عمرو ، حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت قالت : ولا يرجع إليهم شيئا ، ولا يلتفت إليهم ، حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه ، فقال : قد آن لي أن لا أبالي في الله لومة لائم -
[ ص: 90 ] قال : قال
أبو سعيد : فلما طلع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510498قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " . قال
عمر : سيدنا الله - قال : " أنزلوه " . فأنزلوه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احكم فيهم " . فقال
سعد : فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ، وتقسم أموالهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510499لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله " . ثم دعا
سعد ، فقال : اللهم إن كنت أبقيت على نبيك صلى الله عليه وسلم من حرب
قريش شيئا فأبقني لها ، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم ، فاقبضني إليك . قالت : فانفجر كلمه ، وكان قد برئ حتى لا يرى منه إلا مثل الخرص ، ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة : فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر وعمر . قالت : فوالذي نفس
محمد بيده إني لأعرف بكاء
عمر من بكاء
أبي بكر وأنا في حجرتي ، وكانوا كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29رحماء بينهم ( الفتح : 29 ) قال
علقمة : فقلت : يا أمه ، فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ؟ قالت : كانت عينه لا تدمع على
[ ص: 91 ] أحد ولكنه كان إذا وجد ، فإنما هو آخذ بلحيته وهذا الحديث إسناده جيد وله شواهد من وجوه كثيرة وفيه التصريح بدعاء
سعد مرتين ؛ مرة قبل حكمه في
بني قريظة ، ومرة بعد ذلك كما قلناه أولا ، ولله الحمد والمنة ، وسنذكر كيفية وفاته ودفنه وفضله في ذلك رضي الله عنه وأرضاه بعد فراغنا من القصة .
قال
ابن إسحاق : ثم استنزلوا فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة في دار
بنت الحارث - امرأة من
بني النجار - قلت : هي
نسيبة بنت الحارث بن كرز بن حبيب بن عبد شمس ، وكانت تحت
مسيلمة الكذاب ، ثم خلف عليها
عبد الله بن عامر بن كريز - ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلى سوق
المدينة فخندق بها خنادق ، ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق ، فخرج بهم إليه أرسالا ، وفيهم عدو الله
حيي بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهم ستمائة أو سبعمائة ، والمكثر لهم يقول : كانوا ما بين الثمانمائة والتسعمائة . قلت : وقد تقدم فيما رواه
الليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبى الزبير ، عن
جابر ، أنهم كانوا أربعمائة . فالله أعلم .
قال
ابن إسحاق وقد قالوا
لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى
[ ص: 92 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا : يا كعب ما تراه يصنع بنا ؟ قال : أفي كل موطن لا تعقلون ، ألا ترون الداعي لا ينزع ، وأنه من ذهب به منكم لا يرجع ، هو والله القتل . فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم ، وأتي
بحيي بن أخطب وعليه حلة له فقاحية ، قد شقها عليه من كل ناحية قدر أنملة ؛ لئلا يسلبها ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ، فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما والله ما لمت نفسي في عداوتك ، ولكنه من يخذل الله ، يخذل . ثم أقبل على الناس فقال : أيها الناس إنه لا بأس بأمر الله ، كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على
بني إسرائيل . ثم جلس فضربت عنقه فقال
جبل بن جوال الثعلبي :
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه من يخذل الله يخذل
لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها وقلقل يبغي العز كل مقلقل
وقد ذكر
ابن إسحاق قصة
الزبير بن باطا ، وكان شيخا كبيرا ، وكان قد من يوم بعاث على
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس وجز ناصيته ، فلما
[ ص: 93 ] كان هذا اليوم أراد أن يكافئه فجاءه فقال : هل تعرفني يا
أبا عبد الرحمن ؟ قال : وهل يجهل مثلي مثلك ؟ فقال له
ثابت : أريد أن أكافئك فقال : إن الكريم يجزي الكريم . فذهب
ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطلقه ؛ فأطلقه له ، ثم جاءه فأخبره ، فقال : شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة ؟ فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطلق له امرأته وولده ، فأطلقهم له ، ثم جاءه ، فأخبره فقال : أهل بيت
بالحجاز لا مال لهم ، فما بقاؤهم على ذلك ؟ فأتى ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستطلق مال
الزبير بن باطا ، فأطلقه له ، ثم جاءه فأخبره ، فقال له : يا
ثابت ، ما فعل الذي كان وجهه مرآة صينية تتراءى فيها عذارى الحي ؟ يعني
كعب بن أسد . قال : قتل . قال : فما فعل سيد الحاضر والبادي
حيي بن أخطب ؟ قال : قتل . قال : فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحاميتنا إذا فررنا ؛
عزال بن شموأل ؟ قال : قتل . قال : فما فعل المجلسان ؟ يعني
بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة قال : ذهبوا قتلوا . قال : فإني أسألك يا
ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم ، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير ، فما أنا بصابر لله فيلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة . فقدمه
ثابت فضربت عنقه ، فلما بلغ
أبا بكر الصديق قوله : ألقى الأحبة . قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا . قال
ابن إسحاق " فيلة "
[ ص: 94 ] بالفاء والياء المثناة من أسفل . وقال
ابن هشام : بالقاف والباء الموحدة . وقال
ابن هشام الناضح : البعير الذي يستقي الماء لسقي النخل . وقال
أبو عبيدة : معناه إفراغة دلو .
قال
ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتل كل من أنبت منهم ، فحدثني
شعبة بن الحجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510500عن عطية القرظي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يقتل من بني قريظة كل من أنبت منهم ، وكنت غلاما ، فوجدوني لم أنبت فخلوا سبيلي . ورواه أهل السنن الأربعة من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ، عن
عطية القرظي نحوه . وقد استدل به من ذهب من العلماء إلى أن إنبات
nindex.php?page=treesubj&link=14939الشعر الخشن حول الفرج دليل [ ص: 95 ] على البلوغ بل هو بلوغ في أصح قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ومن العلماء من يفرق بين صبيان أهل الذمة ، فيكون بلوغا في حقهم دون غيرهم ؛ لأن المسلم قد يتأذى بذلك المقصد .
وقد روى
ابن إسحاق ، عن
أيوب بن عبد الرحمن أن
سلمى بنت قيس أم المنذر استطلقت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
رفاعة بن سموال وكان قد بلغ فلاذ بها ، وكان يعرفهم قبل ذلك ، فأطلقه لها ، وكانت قالت : يا رسول الله ، إن
رفاعة يزعم أنه سيصلي ويأكل لحم الجمل . فأجابها إلى ذلك فأطلقه .
قال
ابن إسحاق : وحدثني
محمد بن جعفر بن الزبير ، عن
عروة ، عن
عائشة قالت : لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة قالت : والله إنها لعندي تحدث معي تضحك ظهرا وبطنا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالها في السوق ، إذ هتف هاتف باسمها : أين فلانة ؟ قالت : أنا والله قالت : قلت لها : ويلك ما لك ؟ قالت : أقتل . قلت : ولم ؟ قالت : لحدث أحدثته . قالت : فانطلق بها فضربت عنقها . وكانت
عائشة تقول : فوالله ما أنسى عجبا منها ؛ طيب نفسها وكثرة ضحكها ، وقد عرفت أنها تقتل . وهكذا رواه
[ ص: 96 ] الإمام
أحمد ، عن
يعقوب بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
محمد بن إسحاق ، به .
قال
ابن إسحاق : هي التي طرحت الرحا على
خلاد بن سويد فقتلته . يعني فقتلها رسول الله صلى الله عليه وسلم به . قاله
ابن إسحاق في موضع آخر وسماها
نباتة امرأة الحكم القرظي .
قال
ابن إسحاق : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=treesubj&link=30837قسم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين بعد ما أخرج الخمس ، وقسم للفارس ثلاثة أسهم ، سهمين للفرس وسهما لراكبه ، وسهما للراجل ، وكانت الخيل يومئذ ستا وثلاثين .
قال : وكان أول فيء وقعت فيه السهمان وخمس .
قال
ابن إسحاق : وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
سعد بن زيد بسبايا من
بني قريظة إلى
نجد ، فابتاع بها خيلا وسلاحا ، وكان رسول الله
[ ص: 97 ] صلى الله عليه وسلم قد اصطفى من نسائهم
ريحانة بنت عمرو بن خنافة ، إحدى نساء
بني عمرو بن قريظة ، وكان عليها ، حتى توفي عنها وهي في ملكه ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليها الإسلام فامتنعت ، ثم أسلمت بعد ذلك ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها ، وقد عرض عليها أن يعتقها ويتزوجها ، فاختارت أن تستمر على الرق ليكون أسهل عليها ، فلم تزل عنده حتى توفي عليه الصلاة والسلام .
ثم تكلم
ابن إسحاق على ما نزل من الآيات في قصة الخندق من أول سورة الأحزاب . وقد ذكرنا ذلك مستقصى في تفسيرها . ولله الحمد والمنة .
وقد قال
ابن إسحاق :
nindex.php?page=treesubj&link=34048واستشهد من المسلمين يوم بني قريظة خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو الخزرجي ، طرحت عليه رحا فشدخته شدخا شديدا ، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510501 " إن له لأجر شهيدين " . قلت : كان الذي ألقى عليه الرحا ، تلك المرأة التي لم يقتل من
بني قريظة امرأة غيرها ، كما تقدم . والله أعلم .
قال
ابن إسحاق : ومات
أبو سنان بن محصن بن حرثان من
بني أسد بن خزيمة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم محاصر
بني قريظة ، فدفن في مقبرتهم اليوم .
[ ص: 70 ] فَصْلٌ ( فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29327غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ )
وَمَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ مِنَ الْبَأْسِ الشَّدِيدِ ، مَعَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ، وَذَلِكَ لِكُفْرِهِمْ
nindex.php?page=treesubj&link=30836وَنَقْضِهِمُ الْعُهُودَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُمَالَأَتِهِمُ الْأَحْزَابَ عَلَيْهِ ، فَمَا أَجْدَى ذَلِكَ عَنْهُمْ شَيْئًا ، وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا
( الْأَحْزَابِ : 25 27 ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ
سَالِمٍ وَنَافِعٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنَ الْغَزْوِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، يَبْدَأُ فَيُكَبِّرُ ثُمَّ يَقُولُ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ [ ص: 71 ] وَحْدَهُ .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510486وَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ عَنِ الْخَنْدَقِ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَالْمُسْلِمُونَ ، وَوَضَعُوا السِّلَاحَ ، فَلَمَّا كَانَتِ الظُّهْرُ أَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ - مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ، عَلَى بَغْلَةٍ عَلَيْهَا رِحَالَةٌ ، عَلَيْهَا قَطِيفَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ : أَوَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . nindex.php?page=treesubj&link=30832فَقَالَ جِبْرِيلُ : مَا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ السِّلَاحَ بَعْدُ ، وَمَا رَجَعْتُ الْآنَ إِلَّا مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ ، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ يَا مُحَمَّدُ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَإِنِّي عَامِدٌ إِلَيْهِمْ فَمُزَلْزِلٌ بِهِمْ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ : مَنْ كَانَ سَامِعًا مُطِيعًا فَلَا يُصَلِّيَنَّ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ
قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : وَاسْتَعْمَلَ عَلَى
الْمَدِينَةِ nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12508عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ
هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ : قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ ، وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ . قَالَ : " فَإِلَى أَيْنَ ؟ " قَالَ : هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ . فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ [ ص: 72 ] وَقَالَ
أَحْمَدُ : وَحَدَّثَنَا
حَسَنٌ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْأَحْزَابِ دَخَلَ الْمُغْتَسَلَ يَغْتَسِلُ ، وَجَاءَ جِبْرِيلُ فَرَأَيْتُهُ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَوَضَعْتُمْ أَسْلِحَتَكُمْ ؟ فَقَالَ : مَا وَضَعْنَا أَسْلِحَتَنَا بَعْدُ ، انْهَدْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ .
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
مُوسَى ، حَدَّثَنَا
جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا فِي زُقَاقِ
بَنِي غَنْمٍ ، مَوْكِبَ
جِبْرِيلَ حِينَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ .
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءٍ ، حَدَّثَنَا
جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ : " nindex.php?page=treesubj&link=30834لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ " فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا نُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى نَأْتِيَهَا . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ نُصَلِّي ، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ . فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَهَكَذَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءٍ بِهِ .
[ ص: 73 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ،
وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13720أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِّيٍّ ، حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، حَدَّثَنَا
الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ عَمَّهُ
عُبَيْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510487أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ مِنْ طَلَبِ الْأَحْزَابِ ، وَضَعَ عَنْهُ اللَّأْمَةَ وَاغْتَسَلَ وَاسْتَجْمَرَ ، فَتَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ : عَذِيرَكَ مِنْ مُحَارِبٍ ، أَلَا أَرَاكَ قَدْ وَضَعْتَ اللَّأْمَةَ وَمَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ . قَالَ : فَوَثَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا ، فَعَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ لَا يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعَصْرِ حَتَّى يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ . قَالَ : فَلَبِسَ النَّاسُ السِّلَاحَ ، فَلَمْ يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَاخْتَصَمَ النَّاسُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزَمَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نُصَلِّيَ حَتَّى نَأْتِيَ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَإِنَّمَا نَحْنُ فِي عَزِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَيْسَ عَلَيْنَا إِثْمٌ . وَصَلَّى طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ احْتِسَابًا ، وَتَرَكَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الصَّلَاةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَصَلَّوْهَا حِينَ جَاءُوا بَنِي قُرَيْظَةَ احْتِسَابًا ، فَلَمْ يُعَنِّفْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ .
ثُمَّ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ ، عَنْ أَخِيهِ
عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنِ
[ ص: 74 ] nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
عَائِشَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=3510488أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ وَنَحْنُ فِي الْبَيْتِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا ، وَقُمْتُ فِي أَثَرِهِ فَإِذَا بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ، فَقَالَ : " هَذَا جِبْرِيلُ أَمَرَنِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَقَالَ : قَدْ وَضَعْتُمُ السِّلَاحَ ، لَكِنَّا لَمْ نَضَعْ ، طَلَبْنَا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى بَلَغْنَا حَمْرَاءَ الْأَسَدِ " وَذَلِكَ حِينَ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَنْدَقِ . فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : " عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُصَلُّوا صَلَاةَ الْعَصْرِ حَتَّى تَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ " . فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُمْ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ أَنْ تَدَعُوا الصَّلَاةَ ، فَصَلَّوْا . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : وَاللَّهِ إِنَّا لَفِي عَزِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا عَلَيْنَا مِنْ إِثْمٍ فَصَلَّتْ طَائِفَةٌ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، وَتَرَكَتْ طَائِفَةٌ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، وَلَمْ يُعَنِّفْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِمَجَالِسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَقَالَ : " هَلْ مَرَّ بِكُمْ أَحَدٌ ؟ " فَقَالُوا : مَرَّ عَلَيْنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ ، تَحْتَهُ قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ . فَقَالَ : " ذَلِكَ جِبْرِيلُ أُرْسِلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لِيُزَلْزِلَهُمْ وَيَقْذِفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ " فَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَسْتُرُوهُ بِالْجَحَفِ حَتَّى يُسْمِعَهُمْ كَلَامَهُ ، فَنَادَاهُمْ : " يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ " . فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، لَمْ تَكُنْ فَحَّاشًا . فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ [ ص: 75 ] بْنِ مُعَاذٍ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ ، فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ جَيِّدَةٌ ، عَنْ
عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30834الْمُصِيبِ مِنَ الصَّحَابَةِ يَوْمَئِذٍ ، مَنْ هُوَ ؟ بَلِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَأْجُورٌ وَمَعْذُورٌ ، غَيْرُ مُعَنَّفٍ ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : الَّذِينَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ يَوْمَئِذٍ عَنْ وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا ، حَتَّى صَلَّوْهَا فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ هُمُ الْمُصِيبُونَ ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ خَاصٌّ ، فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ الْأَمْرِ بِهَا فِي وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فِي كِتَابِهِ " السِّيرَةِ " : وَعَلِمَ اللَّهُ أَنَّا لَوْ كُنَّا هُنَاكَ ، لَمْ نُصَلِّ الْعَصْرَ إِلَّا فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ . وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ مَاشٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فِي الْأَخْذِ بِالظَّاهِرِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنَ الْعُلَمَاءِ : بَلِ الَّذِينَ صَلَّوُا الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا لَمَّا أَدْرَكَتْهُمْ وَهُمْ فِي مَسِيرِهِمْ ، هُمُ الْمُصِيبُونَ ؛ لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ تَعْجِيلُ السَّيْرِ إِلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ ، لَا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ ، فَعَمِلُوا بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ، مَعَ فَهْمِهِمْ عَنِ الشَّارِعِ مَا أَرَادَ ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَنِّفْهُمْ ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا الَّتِي حُوِّلَتْ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ ، كَمَا يَدَّعِيهِ أُولَئِكَ ، وَأَمَّا أُولَئِكَ الَّذِينَ أَخَّرُوا ، فَعُذِرُوا بِحَسَبِ مَا فَهِمُوا وَأَكْثَرُ مَا كَانُوا يُؤْمَرُونَ بِالْقَضَاءِ ، وَقَدْ فَعَلُوهُ . وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ
nindex.php?page=treesubj&link=1406تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ لِعُذْرِ الْقِتَالِ كَمَا فَهِمَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، حَيْثُ احْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ [ ص: 76 ] الْمُتَقَدِّمِ فِي هَذَا ، فَلَا إِشْكَالَ عَلَى مَنْ أَخَّرَ ، وَلَا عَلَى مَنْ قَدَّمَ أَيْضًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : وَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَعَهُ رَايَتُهُ ، وَابْتَدَرَهَا النَّاسُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي " مَغَازِيهِ " عَنِ
الزُّهْرِيِّ :
فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُغْتَسَلِهِ ، كَمَا يَزْعُمُونَ قَدْ رَجَّلَ أَحَدَ شِقَّيْهِ ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَى فَرَسٍ عَلَيْهِ لَأْمَتُهُ ، حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ، أَوَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . فَقَالَ جِبْرِيلُ : لَكِنَّا لَمْ نَضَعْهُ مُنْذُ نَزَلَ بِكَ الْعَدُوُّ ، وَمَا زِلْتُ فِي طَلَبِهِمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ . وَيَقُولُونَ : إِنَّ عَلَى وَجْهِ جِبْرِيلَ لَأَثَرَ الْغُبَارِ . فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ بِقِتَالِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَنَا عَامِدٌ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ ؛ لِأُزَلْزِلَ بِهِمُ الْحُصُونَ ، فَاخْرُجْ بِالنَّاسِ . فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثَرِ جِبْرِيلَ ، فَمَرَّ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي غَنْمٍ ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ : " مَرَّ عَلَيْكُمْ فَارِسٌ آنِفًا ؟ " قَالُوا : مَرَّ عَلَيْنَا nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى فَرَسٍ أَبْيَضَ ، تَحْتَهُ نَمَطٌ أَوْ قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ ، عَلَيْهِ اللَّأْمَةُ . فَذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ذَاكَ جِبْرِيلُ " . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَبِّهُ nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بِجِبْرِيلَ . فَقَالَ : [ ص: 77 ] " الْحَقُونِي بِبَنِي قُرَيْظَةَ ، فَصَلُّوا فِيهِمُ الْعَصْرَ " . فَقَامُوا وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَانْطَلَقُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَهُمْ بِالطَّرِيقِ ، فَذَكَرُوا الصَّلَاةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكُمْ أَنْ تُصَلُّوا الْعَصْرَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ؟ ! وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ الصَّلَاةُ . فَصَلَّى مِنْهُمْ قَوْمٌ ، وَأَخَّرَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ حَتَّى صَلَّوْهَا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ أَنْ غَابَتِ الشَّمْسُ ، فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَجَّلَ مِنْهُمُ الصَّلَاةَ وَمَنْ أَخَّرَهَا ، فَذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ . قَالَ : فَلَمَّا رَأَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا تَلَقَّاهُ وَقَالَ : ارْجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيكَ الْيَهُودَ . وَكَانَ عَلِيٌّ قَدْ سَمِعَ مِنْهُمْ قَوْلًا سَيِّئًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ ، فَكَرِهَ عَلِيٌّ أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لِمَ تَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ ؟ " فَكَتَمَهُ مَا سَمِعَ مِنْهُمْ فَقَالَ : " أَظُنُّكَ سَمِعْتَ لِي مِنْهُمْ أَذًى ، فَامْضِ فَإِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ لَوْ قَدْ رَأَوْنِي ، لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا مِمَّا سَمِعْتَ " فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِصْنِهِمْ ، وَكَانُوا فِي أَعْلَاهُ ، نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ نَفَرًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ ، حَتَّى أَسْمَعَهُمْ فَقَالَ : " أَجِيبُوا يَا مَعْشَرَ يَهُودَ يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ خِزْيُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَتَائِبِ الْمُسْلِمِينَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، وَرَدَّ اللَّهُ حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ ، حَتَّى دَخَلَ حِصْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ . وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ ، فَصَرَخُوا بِأَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ : لَا آتِيهِمْ حَتَّى يَأْذَنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ أَذِنْتُ لَكَ " . فَأَتَاهُمْ أَبُو لُبَابَةَ [ ص: 78 ] فَبَكَوْا إِلَيْهِ وَقَالُوا : يَا أَبَا لُبَابَةَ ، مَاذَا تَرَى وَمَاذَا تَأْمُرُنَا ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْقِتَالِ . فَأَشَارَ أَبُو لُبَابَةَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ ، وَأَمَرَّ عَلَيْهِ أَصَابِعَهُ ، يُرِيهِمْ أَنَّمَا يُرَادُ بِكُمُ الْقَتْلُ . فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو لُبَابَةَ سُقِطَ فِي يَدِهِ ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَنْظُرُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحْدِثَ لِلَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ، يَعْلَمُهَا اللَّهُ مِنْ نَفْسِي ، فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَرَبَطَ يَدَيْهِ إِلَى جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ . وَزَعَمُوا أَنَّهُ ارْتَبَطَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذُكِرَ - حِينَ رَاثَ عَلَيْهِ أَبُو لُبَابَةَ : " أَمَا فَرَغَ أَبُو لُبَابَةَ مِنْ حُلَفَائِهِ ؟ " . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ وَاللَّهِ انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِ الْحِصْنِ ، وَمَا نَدْرِي أَيْنَ سَلَكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ حَدَثَ لِأَبِي لُبَابَةَ أَمْرٌ ، مَا كَانَ عَلَيْهِ " . فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ رَأَيْتُ أَبَا لُبَابَةَ ارْتَبَطَ بِحَبْلٍ إِلَى جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ أَصَابَتْهُ بَعْدِي فِتْنَةٌ وَلَوْ جَاءَنِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ ، وَإِذْ قَدْ فَعَلَ هَذَا فَلَنْ أُحَرِّكَهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيهِ مَا يَشَاءُ .
وَهَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ
عُرْوَةَ . وَكَذَا ذَكَرَهُ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي " مَغَازِيهِ " فِي مِثْلِ سِيَاقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، وَمِثْلِ
[ ص: 79 ] رِوَايَةِ
أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ
عُرْوَةَ . قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بِئْرٍ مِنْ آبَارِ
بَنِي قُرَيْظَةَ مِنْ نَاحِيَةِ أَمْوَالِهِمْ يُقَالُ لَهَا : بِئْرُ أَنَّا . فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، حَتَّى جَهَدَهُمُ الْحِصَارُ ، وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، وَقَدْ كَانَ
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ دَخَلَ مَعَهُمْ حِصْنَهُمْ ، حِينَ رَجَعَتْ عَنْهُمْ
قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ ؛ وَفَاءً
لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ بِمَا كَانَ عَاهَدَهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَيْقَنُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَنْهُمْ حَتَّى يُنَاجِزَهُمْ ، قَالَ
كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ : يَا مَعْشَرَ
يَهُودَ ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الْأَمْرِ مَا تَرَوْنَ ، وَإِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ خِلَالًا ثَلَاثًا ، فَخُذُوا بِمَا شِئْتُمْ مِنْهَا . قَالُوا : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : نُتَابِعُ هَذَا الرَّجُلَ وَنُصَدِّقُهُ ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَأَنَّهُ لَلَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ ، فَتَأْمَنُونَ بِهِ عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ . قَالُوا : لَا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدًا ، وَلَا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ . قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ ، فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا ، ثُمَّ نَخْرُجْ إِلَى
مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ رِجَالًا مُصْلِتِينَ بِالسُّيُوفِ ، لَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا ثَقَلًا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ
مُحَمَّدٍ ، فَإِنْ نَهْلِكْ نَهْلِكْ وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا نَسْلًا نَخْشَى عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَظْهَرْ فَلَعَمْرِي لَنَجِدَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَبْنَاءَ قَالُوا : أَنَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينَ ؟! فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ ! قَالَ : فَإِنْ أَبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ ، فَاللَّيْلَةُ لَيْلَةُ السَّبْتِ ، وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ
مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَمِنُونَا فِيهَا ، فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا نُصِيبُ مِنْ
مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ غِرَّةً . قَالُوا : أَنُفْسِدُ سَبْتَنَا وَنُحْدِثُ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَنْ كَانَ قَبْلنَا إِلَّا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ ، فَأَصَابَهُ مَا لَمْ يَخْفَ عَنْكَ مِنَ الْمَسْخِ . فَقَالَ : مَا بَاتَ
[ ص: 80 ] رَجُلٌ مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الدَّهْرِ حَازِمًا . ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا
أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ - وَكَانُوا حُلَفَاءَ
الْأَوْسِ - نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا . فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ ، قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ ، وَجَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ ، فَرَقَّ لَهُمْ وَقَالُوا : يَا
أَبَا لُبَابَةَ ، أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ
مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ . قَالَ
أَبُو لُبَابَةَ : فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا ، حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ انْطَلَقَ
أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وَجْهِهِ ، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ارْتَبَطَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِهِ ، وَقَالَ : لَا أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ مَا صَنَعْتُ . وَعَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا أَطَأَ
بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا ، وَلَا أُرَى فِي بَلَدٍ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهِ أَبَدًا .
قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ ، فِيمَا قَالَ
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=27يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( الْأَنْفَالِ : 27 ) قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : أَقَامَ مُرْتَبِطًا سِتَّ لَيَالٍ ، تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ فَتَحُلُّهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ ثُمَّ يَرْتَبِطُ ، حَتَّى نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( التَّوْبَةِ : 12 )
[ ص: 81 ] وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ : إِنَّهُ مَكَثَ عِشْرِينَ لَيْلَةً مُرْتَبِطًا بِهِ ، أَشْبَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَذَكَرَ
ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ تَوْبَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَهُوَ فِي بَيْتِ
أُمِّ سَلَمَةَ فَجَعَلَ يَبْتَسِمُ فَسَأَلَتْهُ
أُمُّ سَلَمَةَ ، فَأَخْبَرَهَا بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَى
أَبِي لُبَابَةَ ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تُبَشِّرَهُ ، فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ فَبَشَّرَتْهُ ، فَثَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ يُبَشِّرُونَهُ ، وَأَرَادُوا أَنْ يَحِلُّوهُ مِنْ رِبَاطِهِ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا يَحِلُّنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ حَلَّهُ مِنْ رِبَاطِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ إِنَّ
ثَعْلَبَةَ بْنَ سَعْيَةَ ،
وَأُسَيْدَ بْنَ سَعْيَةَ ،
وَأَسَدَ بْنَ عُبَيْدٍ - وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ
بَنِي هَدْلٍ ، لَيْسُوا مِنْ
بَنِي قُرَيْظَةَ وَلَا
النَّضِيرِ - نَسَبُهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ ، هُمْ بَنُو عَمِّ الْقَوْمِ ، أَسْلَمُوا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا
قُرَيْظَةُ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ فِي تِلْكَ
عَمْرُو بْنُ سُعْدَى الْقُرَظِيُّ ، فَمَرَّ بِحَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : أَنَا
عَمْرُو بْنُ سُعْدَى . وَكَانَ
عَمْرٌو قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَ
بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : لَا أَغْدِرُ
بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا .
[ ص: 82 ] فَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حِينَ عَرَفَهُ : اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنِي إِقَالَةَ عَثَرَاتِ الْكِرَامِ . ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ فَخَرَجَ عَلَى وَجْهِهِ ، حَتَّى بَاتَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْمَدِينَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ تَوَجَّهَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا . فَذُكِرَ شَأْنُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510490ذَاكَ رَجُلٌ نَجَّاهُ اللَّهُ بِوَفَائِهِ " . وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ أُوثِقَ بِرُمَّةٍ فِيمَنْ أُوثِقَ مِنْ
بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَأَصْبَحَتْ رُمَّتُهُ مُلْقَاةً ، وَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ ذَهَبَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ تِلْكَ الْمَقَالَةَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَنَزَلُوا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30833حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَوَاثَبَتِ الْأَوْسُ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُمْ مَوَالِينَا دُونَ
الْخَزْرَجِ ، وَقَدْ فَعَلْتَ فِي مَوَالِي إِخْوَانِنَا بِالْأَمْسِ مَا قَدْ عَلِمْتَ . يَعْنُونَ عَفْوَهُ عَنْ
بَنِي قَيْنُقَاعَ حِينَ سَأَلَهُ فِيهِمْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، كَمَا تَقَدَّمَ . قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ
الْأَوْسُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" يَا مَعْشَرَ الْأَوْسِ أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ ؟ " . قَالُوا : بَلَى قَالَ : " فَذَلِكَ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ " . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي خَيْمَةٍ لِامْرَأَةٍ مِنْ
أَسْلَمَ ، يُقَالُ لَهَا :
رُفَيْدَةُ . فِي مَسْجِدِهِ ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى ، فَلَمَّا حَكَّمَهُ فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ ، أَتَاهُ قَوْمُهُ
[ ص: 83 ] فَحَمَلُوهُ عَلَى حِمَارٍ قَدْ وَطَّئُوا لَهُ بِوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ ، وَكَانَ رَجُلًا جَسِيمًا جَمِيلًا ، ثُمَّ أَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَقُولُونَ : يَا
أَبَا عَمْرٍو ، أَحْسِنْ فِي مَوَالِيكَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَلَّاكَ ذَلِكَ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ . فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ : قَدْ آنَ
لِسَعْدٍ أَنْ لَا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ . فَرَجَعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى دَارِ
بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ، فَنَعَى لَهُمْ رِجَالَ
بَنِي قُرَيْظَةَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ
سَعْدٌ ؛ عَنْ كَلِمَتِهِ الَّتِي سَمِعَ مِنْهُ ، فَلَمَّا انْتَهَى
سَعْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510492قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ " . فَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ مِنْ
قُرَيْشٍ فَيَقُولُونَ : إِنَّمَا أَرَادَ الْأَنْصَارَ . وَأَمَّا الْأَنْصَارُ فَيَقُولُونَ : قَدْ عَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ . فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا : يَا
أَبَا عَمْرٍو ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَلَّاكَ أَمْرَ مَوَالِيكَ لِتَحْكُمَ فِيهِمْ . فَقَالَ
سَعْدٌ : عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ ، أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ لَمَا حَكَمْتُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : وَعَلَى مَنْ هَاهُنَا ؟ فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْلَالًا لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ " . قَالَ سَعْدٌ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلَ الرِّجَالُ وَتُقْسَمَ الْأَمْوَالُ ، وَتُسْبَى الذَّرَارِيُّ وَالنِّسَاءُ . قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : فَحَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16276عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16590عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِسَعْدٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510493 " لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ " .
[ ص: 84 ] وَقَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَنَّ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَاحَ ، وَهُمْ مُحَاصِرُو
بَنِي قُرَيْظَةَ : يَا كَتِيبَةَ الْإِيمَانِ . وَتَقَدَّمَ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لَأَذُوقَنَّ مَا ذَاقَ
حَمْزَةُ أَوْ أَقْتَحِمُ حِصْنَهُمْ . فَقَالُوا : يَا
مُحَمَّدُ ، نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، سَمِعْتُ
أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ ، سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، قَالَ : نَزَلَ أَهْلُ
قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ : فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
سَعْدٍ ، فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ ، فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510494 " قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ . أَوْ : خَيْرِكُمْ " . ثُمَّ قَالَ : " إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ " . قَالَ : تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِي ذُرِّيَّتَهُمْ . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ " . وَرُبَّمَا قَالَ : " قَضَيْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ " . وَفِي رِوَايَةٍ : " الْمَلَكِ " . أَخْرَجَاهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ
شُعْبَةَ .
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
حُجَيْنٌ وَيُونُسُ قَالَا : حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ بْنُ [ ص: 85 ] سَعْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ قَالَ : رُمِيَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّارِ ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ فَنَزَفَهُ فَحَسَمَهُ أُخْرَى ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ فَنَزَفَهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ، قَالَ : اللَّهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ
بَنِي قُرَيْظَةَ . فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ ، فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ
سَعْدٍ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ رِجَالُهُمْ ، وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهِمْ ؛ يَسْتَعِينُ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510495 " أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ " . وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمْ ، انْفَتَقَ عِرْقُهُ فَمَاتَ . وَقَدْ رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ جَمِيعًا ، عَنْ
قُتَيْبَةَ ، عَنِ
اللَّيْثِ ، بِهِ . وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
ابْنَ نُمَيْرٍ ، عَنْ
هِشَامٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَنْدَقِ ، وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَعَلَى رَأْسِهِ الْغُبَارُ ، فَقَالَ : قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ! فَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهَا ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَيْنَ ؟ " . قَالَ : هَاهُنَا . وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ . قَالَ هِشَامٌ : فَأَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ ، قَالَ : فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَتُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ . قَالَ هِشَامٌ : قَالَ أَبِي : فَأُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ .
[ ص: 86 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16421عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا
هِشَامٌ ، عَنْ أَبِيهِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510496عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ . رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَنْدَقِ ، وَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ ، فَقَالَ : قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ! وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَيْنَ ؟ " فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ ، فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ ، قَالَ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ . قَالَ هِشَامٌ : فَأَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ سَعْدًا قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ ، مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ ، فَأَبْقِنِي لَهُ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ ، فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهَا . فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ فَلَمْ يَرُعْهُمْ - وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ - إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ ؟ فَإِذَا هُوَ سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا ، فَمَاتَ [ ص: 87 ] مِنْهَا وَهَكَذَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16421عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، بِهِ .
قُلْتُ : كَانَ دَعَا أَوَّلًا بِهَذَا الدُّعَاءِ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَلِهَذَا قَالَ فِيهِ : وَلَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ
بَنِي قُرَيْظَةَ . فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ، فَلَمَّا حَكَمَ فِيهِمْ ، وَأَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ أَتَمَّ قَرَارٍ ، دَعَا ثَانِيًا بِهَذَا الدُّعَاءِ ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ شَهَادَةً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ . وَسَيَأْتِي ذِكْرُ وَفَاتِهِ قَرِيبًا . إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
عَائِشَةَ مُطَوَّلًا جِدًّا ، وَفِيهِ فَوَائِدُ ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ ، أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16590عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ : أَخْبَرَتْنِي
عَائِشَةُ قَالَتْ : خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو النَّاسَ فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الْأَرْضِ وَرَائِي ، فَإِذَا أَنَا
بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ
الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ . قَالَتْ : فَجَلَسْتُ إِلَى الْأَرْضِ فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ ، فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ
سَعْدٍ قَالَتْ : وَكَانَ
سَعْدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ ، فَمَرَّ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ :
لَبِّثْ قَلِيلًا يُدْرِكِ الْهَيْجَا حَمَلْ مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ
[ ص: 88 ] قَالَتْ : فَقُمْتُ فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً ، فَإِذَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِذَا فِيهِمْ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ ؛ تَعْنِي الْمِغْفَرَ ، فَقَالَ
عُمَرُ : مَا جَاءَ بِكِ ، وَاللَّهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ ، وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يَكُونَ بَلَاءٌ أَوْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ . فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ لِي سَاعَتَئِذٍ فَدَخَلْتُ فِيهَا فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبِغَةَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَإِذَا هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ : يَا
عُمَرُ ، وَيْحَكَ ، إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَوِ الْفِرَارُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَتْ : وَيَرْمِي
سَعْدًا رَجُلٌ مِنْ
قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ :
ابْنُ الْعَرِقَةِ وَقَالَ : خُذْهَا وَأَنَا
ابْنُ الْعَرِقَةِ ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ ، فَدَعَا اللَّهَ
سَعْدٌ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ
بَنِي قُرَيْظَةَ . قَالَتْ : وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَتْ : فَرَقَأَ كَلْمُهُ ، وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ، وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا . فَلَحِقَ
أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِتِهَامَةَ ، وَلَحِقَ
[ ص: 89 ] عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ وَمَنْ مَعَهُ
بِنَجْدٍ ، وَرَجَعَتْ
بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
الْمَدِينَةِ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَضُرِبَتْ عَلَى
سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ . قَالَتْ : فَجَاءَهُ
جِبْرِيلُ وَإِنَّ عَلَى ثَنَايَاهُ لَنَقْعُ الْغُبَارِ ، فَقَالَ : أَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ ؟ لَا وَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ السِّلَاحَ بَعْدُ ، اخْرُجْ إِلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ . قَالَتْ : فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأْمَتَهُ ، وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ أَنْ يَخْرُجُوا ، فَمَرَّ عَلَى
بَنِي غَنْمٍ ، وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ فَقَالَ : " مَنْ مَرَّ بِكُمْ ؟ " . قَالُوا : مَرَّ بِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسِنُّهُ وَوَجْهُهُ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ ، قِيلَ لَهُمُ : انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَاسْتَشَارُوا
أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ ، قَالُوا : نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510497 " انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ " . فَأُتِيَ بِهِ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ ، قَدْ حُمِلَ عَلَيْهِ وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ ، فَقَالُوا : يَا
أَبَا عَمْرٍو ، حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَايَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ قَالَتْ : وَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُورِهِمُ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ ، فَقَالَ : قَدْ آنَ لِي أَنْ لَا أُبَالِيَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ -
[ ص: 90 ] قَالَ : قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمَّا طَلَعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510498قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ " . قَالَ
عُمَرُ : سَيِّدُنَا اللَّهُ - قَالَ : " أَنْزِلُوهُ " . فَأَنْزَلُوهُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " احْكُمْ فِيهِمْ " . فَقَالَ
سَعْدٌ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ ، وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510499لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ " . ثُمَّ دَعَا
سَعْدٌ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَرْبِ
قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا ، وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ . قَالَتْ : فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ ، وَكَانَ قَدْ بَرِئَ حَتَّى لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا مِثْلُ الْخُرْصِ ، وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ . قَالَتْ : فَوَالَّذِي نَفْسُ
مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ بُكَاءَ
عُمَرَ مِنْ بُكَاءِ
أَبِي بَكْرٍ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي ، وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ( الْفَتْحِ : 29 ) قَالَ
عَلْقَمَةُ : فَقُلْتُ : يَا أُمَّهْ ، فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ؟ قَالَتْ : كَانَتْ عَيْنُهُ لَا تَدْمَعُ عَلَى
[ ص: 91 ] أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ ، فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِدُعَاءِ
سَعْدٍ مَرَّتَيْنِ ؛ مَرَّةً قَبْلَ حُكْمِهِ فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَمَرَّةً بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ، وَسَنَذْكُرُ كَيْفِيَّةَ وَفَاتِهِ وَدَفْنَهُ وَفَضْلَهُ فِي ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ بَعْدَ فَرَاغِنَا مِنَ الْقِصَّةِ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ اسْتُنْزِلُوا فَحَبَسَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْمَدِينَةِ فِي دَارِ
بِنْتِ الْحَارِثِ - امْرَأَةٍ مِنْ
بَنِي النَّجَّارِ - قُلْتُ : هِيَ
نُسَيْبَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرْزِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، وَكَانَتْ تَحْتَ
مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ - ثُمَّ خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُوقِ
الْمَدِينَةِ فَخَنْدَقَ بِهَا خَنَادِقَ ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ فِي تِلْكَ الْخَنَادِقِ ، فَخُرِجَ بِهِمْ إِلَيْهِ أَرْسَالًا ، وَفِيهِمْ عَدُوَّ اللَّهِ
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَكَعْبُ بْنُ أَسَدٍ رَأْسُ الْقَوْمِ وَهُمْ سِتُّمِائَةٍ أَوْ سَبْعُمِائَةٍ ، وَالْمُكَثِّرُ لَهُمْ يَقُولُ : كَانُوا مَا بَيْنَ الثَّمَانِمِائَةِ وَالتِّسْعِمِائَةِ . قُلْتُ : وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا رَوَاهُ
اللَّيْثُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبَى الزُّبَيْرِ ، عَنْ
جَابِرٍ ، أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ . فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ قَالُوا
لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ وَهُمْ يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى
[ ص: 92 ] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَالًا : يَا كَعْبُ مَا تَرَاهُ يُصْنَعُ بِنَا ؟ قَالَ : أَفِي كُلِّ مَوْطِنٍ لَا تَعْقِلُونَ ، أَلَا تَرَوْنَ الدَّاعِيَ لَا يَنْزِعُ ، وَأَنَّهُ مَنْ ذُهِبَ بِهِ مِنْكُمْ لَا يَرْجِعُ ، هُوَ وَاللَّهِ الْقَتْلُ . فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الدَّأْبَ حَتَّى فُرِغَ مِنْهُمْ ، وَأُتِيَ
بِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ لَهُ فُقَّاحِيَّةٌ ، قَدْ شَقَّهَا عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ ؛ لِئَلَّا يُسْلَبَهَا ، مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ مَا لُمْتُ نَفْسِي فِي عَدَاوَتِكَ ، وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُلِ اللَّهَ ، يُخْذَلْ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَمْرِ اللَّهِ ، كِتَابٌ وَقَدَرٌ وَمَلْحَمَةٌ كَتَبَهَا اللَّهُ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ . ثُمَّ جَلَسَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَقَالَ
جَبَلُ بْنُ جَوَّالٍ الثَّعْلَبِيُّ :
لَعَمْرُكَ مَا لَامَ ابْنُ أَخْطَبَ نَفْسَهُ وَلَكِنَّهُ مَنْ يَخْذُلِ اللَّهَ يُخْذَلِ
لَجَاهَدَ حَتَّى أَبْلَغَ النَّفْسَ عُذْرَهَا وَقَلْقَلَ يَبْغِي الْعِزَّ كُلَّ مُقَلْقَلِ
وَقَدْ ذَكَرَ
ابْنُ إِسْحَاقَ قِصَّةَ
الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطَا ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا ، وَكَانَ قَدْ مَنَّ يَوْمَ بُعَاثٍ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=215ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَجَزَّ نَاصِيَتَهُ ، فَلَمَّا
[ ص: 93 ] كَانَ هَذَا الْيَوْمُ أَرَادَ أَنْ يُكَافِئَهُ فَجَاءَهُ فَقَالَ : هَلْ تَعْرِفُنِي يَا
أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : وَهَلْ يَجْهَلُ مِثْلِي مِثْلَكَ ؟ فَقَالَ لَهُ
ثَابِتٌ : أُرِيدُ أَنْ أُكَافِئَكَ فَقَالَ : إِنَّ الْكَرِيمَ يَجْزِي الْكَرِيمَ . فَذَهَبَ
ثَابِتٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَطْلَقَهُ ؛ فَأَطْلَقَهُ لَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ فَمَا يَصْنَعُ بِالْحَيَاةِ ؟ فَذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَطْلَقَ لَهُ امْرَأَتَهُ وَوَلَدَهُ ، فَأَطْلَقَهُمْ لَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ ، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ : أَهْلُ بَيْتٍ
بِالْحِجَازِ لَا مَالَ لَهُمْ ، فَمَا بَقَاؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ ؟ فَأَتَى ثَابِتٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَطْلَقَ مَالَ
الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطَا ، فَأَطْلَقَهُ لَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا
ثَابِتُ ، مَا فَعَلَ الَّذِي كَانَ وَجْهُهُ مِرْآةً صِينِيَّةً تَتَرَاءَى فِيهَا عَذَارَى الْحَيِّ ؟ يَعْنِي
كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ . قَالَ : قُتِلَ . قَالَ : فَمَا فَعَلَ سَيِّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ؟ قَالَ : قُتِلَ . قَالَ : فَمَا فَعَلَ مُقَدِّمَتُنَا إِذَا شَدَدْنَا وَحَامِيَتُنَا إِذَا فَرَرْنَا ؛
عَزَّالُ بْنُ شَمَوْأَلَ ؟ قَالَ : قُتِلَ . قَالَ : فَمَا فَعَلَ الْمَجْلِسَانِ ؟ يَعْنِي
بَنِي كَعْبِ بْنِ قُرَيْظَةَ وَبَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ قَالَ : ذَهَبُوا قُتِلُوا . قَالَ : فَإِنِّي أَسْأَلُكَ يَا
ثَابِتُ بِيَدِي عِنْدَكَ إِلَّا أَلْحَقْتَنِي بِالْقَوْمِ ، فَوَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ خَيْرٍ ، فَمَا أَنَا بِصَابِرٍ لِلَّهِ فَيْلَةَ دَلْوٍ نَاضِحٍ حَتَّى أَلْقَى الْأَحِبَّةَ . فَقَدَّمَهُ
ثَابِتٌ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ ، فَلَمَّا بَلَغَ
أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَوْلُهُ : أَلْقَى الْأَحِبَّةَ . قَالَ : يَلْقَاهُمْ وَاللَّهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا مُخَلَّدًا . قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ " فَيْلَةُ "
[ ص: 94 ] بِالْفَاءِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ أَسْفَلَ . وَقَالَ
ابْنُ هِشَامٍ : بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ . وَقَالَ
ابْنُ هِشَامٍ النَّاضِحُ : الْبَعِيرُ الَّذِي يَسْتَقِي الْمَاءَ لِسَقْيِ النَّخْلِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : مَعْنَاهُ إِفْرَاغَةُ دَلْوٍ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ أَنْبَتَ مِنْهُمْ ، فَحَدَّثَنِي
شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510500عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ أَنْ يُقْتَلَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ كُلُّ مَنْ أَنْبَتَ مِنْهُمْ ، وَكُنْتُ غُلَامًا ، فَوَجَدُونِي لَمْ أُنْبِتْ فَخَلَّوْا سَبِيلِي . وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ
عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ نَحْوَهُ . وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ إِنْبَاتَ
nindex.php?page=treesubj&link=14939الشَّعْرِ الْخَشِنِ حَوْلَ الْفَرَجِ دَلِيلٌ [ ص: 95 ] عَلَى الْبُلُوغِ بَلْ هُوَ بُلُوغٌ فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ صِبْيَانِ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، فَيَكُونُ بُلُوغًا فِي حَقِّهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ قَدْ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ الْمَقْصِدِ .
وَقَدْ رَوَى
ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ
سَلْمَى بِنْتَ قَيْسٍ أُمَّ الْمُنْذِرِ اسْتَطْلَقَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رِفَاعَةَ بْنَ سِمْوَالَ وَكَانَ قَدْ بَلَغَ فَلَاذَ بِهَا ، وَكَانَ يَعْرِفُهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَأَطْلَقَهُ لَهَا ، وَكَانَتْ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ
رِفَاعَةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَيُصَلِّي وَيَأْكُلُ لَحْمَ الْجَمَلِ . فَأَجَابَهَا إِلَى ذَلِكَ فَأَطْلَقَهُ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ
عُرْوَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمْ يُقْتَلْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَتْ : وَاللَّهِ إِنَّهَا لِعِنْدِي تَحَدَّثُ مَعِي تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ رِجَالَهَا فِي السُّوقِ ، إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ بِاسْمِهَا : أَيْنَ فُلَانَةُ ؟ قَالَتْ : أَنَا وَاللَّهِ قَالَتْ : قُلْتُ لَهَا : وَيْلَكِ مَا لَكِ ؟ قَالَتْ : أُقْتَلُ . قُلْتُ : وَلِمَ ؟ قَالَتْ : لِحَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ . قَالَتْ : فَانْطُلِقَ بِهَا فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا . وَكَانَتْ
عَائِشَةُ تَقُولُ : فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى عَجَبًا مِنْهَا ؛ طِيبَ نَفْسِهَا وَكَثْرَةَ ضَحِكِهَا ، وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ . وَهَكَذَا رَوَاهُ
[ ص: 96 ] الْإِمَامُ
أَحْمَدُ ، عَنْ
يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، بِهِ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : هِيَ الَّتِي طَرَحَتِ الرَّحَا عَلَى
خَلَّادِ بْنِ سُوَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ . يَعْنِي فَقَتَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ . قَالَهُ
ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَسَمَّاهَا
نُبَاتَةَ امْرَأَةَ الْحَكَمِ الْقُرَظِيِّ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=30837قَسَمَ أَمْوَالَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ الْخُمُسَ ، وَقَسَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ ، سَهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ وَسَهْمًا لِرَاكِبِهِ ، وَسَهْمًا لِلرَّاجِلِ ، وَكَانَتِ الْخَيْلُ يَوْمَئِذٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ .
قَالَ : وَكَانَ أَوَّلَ فَيْءٍ وَقَعَتْ فِيهِ السُّهْمَانُ وَخُمِّسَ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ بِسَبَايَا مِنَ
بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَى
نَجْدٍ ، فَابْتَاعَ بِهَا خَيْلًا وَسِلَاحًا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ
[ ص: 97 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اصْطَفَى مِنْ نِسَائِهِمْ
رَيْحَانَةَ بِنْتَ عَمْرِو بْنِ خُنَافَةَ ، إِحْدَى نِسَاءِ
بَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ ، وَكَانَ عَلَيْهَا ، حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَامْتَنَعَتْ ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِهَا ، وَقَدْ عَرَضَ عَلَيْهَا أَنْ يُعْتِقَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا ، فَاخْتَارَتْ أَنْ تَسْتَمِرَّ عَلَى الرِّقِّ لِيَكُونَ أَسْهَلَ عَلَيْهَا ، فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
ثُمَّ تَكَلَّمَ
ابْنُ إِسْحَاقَ عَلَى مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ فِي قِصَّةِ الْخَنْدَقِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي تَفْسِيرِهَا . وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَقَدْ قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ :
nindex.php?page=treesubj&link=34048وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ خَلَّادُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْخَزْرَجِيُّ ، طُرِحَتْ عَلَيْهِ رَحًا فَشَدَخَتْهُ شَدْخًا شَدِيدًا ، فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510501 " إِنَّ لَهُ لَأَجْرَ شَهِيدَيْنِ " . قُلْتُ : كَانَ الَّذِي أَلْقَى عَلَيْهِ الرَّحَا ، تِلْكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي لَمْ يُقْتَلْ مِنْ
بَنِي قُرَيْظَةَ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا ، كَمَا تَقَدَّمَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : وَمَاتَ
أَبُو سِنَانِ بْنُ مِحْصَنِ بْنِ حُرْثَانَ مِنْ
بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَاصِرٌ
بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَدُفِنَ فِي مَقْبَرَتِهِمُ الْيَوْمَ .