الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيهات .

الأول : شرط الالتفاف أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه ، ولا يلزم عليه أن يكون في ( أنت صديقي ) التفات .

الثاني : شرطه أيضا أن يكون في جملتين ، صرح به صاحب الكشاف وغيره ، وإلا يلزم عليه أن يكون نوعا غريبا .

الثالث : ذكر التنوخي في " الأقصى القريب " وابن الأثير وغيرهما نوعا غريبا من الالتفات ؛ وهو بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلمه كقوله : غير المغضوب عليهم بعد أنعمت ، فإن المعنى : ( غير الذين غضبت عليهم ) ، وتوقف فيه صاحب " عروس الأفراح " .

الرابع : قال ابن أبي الإصبع : جاء في القرآن من الالتفات قسم غريب جدا ، لم أظفر في الشعر بمثاله ؛ وهو أن يقدم المتكلم في كلامه مذكورين مرتبين ، ثم يخبر عن الأول منهما ، وينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثاني ، ثم يعود إلى الإخبار عن الأول كقوله : إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد [ العاديات : 6 ، 7 ] ، انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى ، ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه تعالى إلى الإخبار عن الإنسان : وإنه لحب الخير لشديد [ العاديات : 8 ] ، قال : وهذا يحسن أن يسمى التفات الضمائر .

الخامس : يقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر ، ذكره التنوخي وابن الأثير ، وهو ستة أقسام أيضا .

مثاله من الواحد إلى الاثنين : قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض [ يونس : 78 ] ، وإلى الجمع : ياأيها النبي إذا طلقتم النساء [ الطلاق : 1 ] .

[ ص: 160 ] ومن الاثنين إلى الواحد : فمن ربكما ياموسى [ طه : 49 ] ، فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى [ طه : 117 ] .

وإلى الجمع : وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة [ يونس : 87 ] .

ومن الجمع إلى الواحد : وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين [ يونس : 87 ] .

وإلى الاثنين : يامعشر الجن والإنس إن استطعتم إلى قوله : فبأي آلاء ربكما تكذبان [ الرحمن : 33 ، 34 ] .

السادس : ويقرب منه أيضا الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر إلى آخر .

مثاله من الماضي إلى المضارع : أرسل الرياح فتثير [ فاطر : 9 ] ، خر من السماء فتخطفه الطير [ الحج : 31 ] ، إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله [ الحج : 25 ] .

وإلى الأمر : قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم [ الأعراف : 2 ] ، وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا [ الحج : 30 ] .

ومن المضارع إلى الماضي : ويوم ينفخ في الصور ففزع [ النمل : 87 ] ، ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم [ الكهف : 47 ] .

وإلى الأمر : قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء [ هود : 54 ] .

ومن الأمر إلى الماضي : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا [ البقرة : 125 ] .

وإلى المضارع : وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون [ الأنعام : 72 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية