الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
ولهذا يقول : الأطباء : إن الجذام والسل من الأمراض المعدية المتوارثة وإن كل مرض له نتن وريح يعدي كالجذام ، والسل ، والجرب ، والحمى الوبائية [ ص: 364 ] والرمد وإنه أعدى بالنظر إليه ، والقروح الرديئة ، والوباء وهو يحدث في آخر الصيف ولا يريدون بذلك معنى العدوى بل لأجل الرائحة وهم أبعد الناس عن الإيمان بيمن وشؤم ، لا سيما وقد يكون في بدن الصحيح قبول واستعداد لذلك الداء ، والطبيعة سريعة الانفعال نقالة لا سيما مع الخوف ، والوهم فإنه مسئول على القوى ، والطبائع ، ويتوجه احتمال يجب ذلك هنا .

وفي قوله { لا يورد ممرض على مصح } عملا بظاهر الأمر ، والنهي لما في ذلك من الضرر وهذا ظاهر كلام بعض العلماء وأظنه قول ابن قتيبة في كتاب اختلاف الحديث .

واختار بعض أصحابنا أن النهي ، والأمر احتياطا للمؤمن الضعيف ضعيف الإيمان ، والتوكل ويحمل ما خالف في ذلك على المؤمن القوي ، قوي الإيمان ، والتوكل فيدفع قوة ذلك قوة العدوى كما تدفع قوة الطبيعة قوة العلة فيكون قوله عليه السلام اختلف لاختلاف قوى الناس وطباعهم وحمل بعض العلماء أكله عليه السلام مع المجذوم لأن ذلك الجذام كان يسيرا لا يعدي مثله ، ومن الناس من قال حديث { لا عدوى ولا طيرة } رجع أبو هريرة عن التحدث به وتركه وقال الراوي فلا أدري أنسي أبو هريرة أم نسخ أحد الحديثين الآخر وحديث جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل مع مجذوم } لا يصح ، وقد قال شعبة غيره اتقوا هذه الغرائب ، والله أعلم .

وقال ابن هبيرة في قوله " إنا قد بايعناك فارجع " قال لا يجوز أن يقول " إنا قد بايعناك فارجع " إلا وبايعه وإنما المعنى قد حصلت له البيعة [ ص: 365 ] فلا يقدم مع الوفد خوفا على الناس أن يظنوا إن أصابهم أمر أنه تعدى منه وقد ظهر من هذا أنه لا يلزمه التنحي وتوجه أنهم إذا كثروا لزمه وذكر القاضي عياض أنه قول الأكثر وقد سبق في التداوي في العائن .

التالي السابق


الخدمات العلمية