الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( كتاب إحياء الموات ) هو ( الأرض التي لم تعمر قط ) أي لم تتيقن عمارتها في الإسلام من مسلم أو ذمي [ ص: 202 ] وليست من حقوق عامر ولا من حقوق المسلمين

                                                                                                                              وأصله الخبر الصحيح { من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها } وصح أيضا { من أحيا أرضا ميتة فهي له } ولهذا لم يحتج في الملك هنا إلى لفظ ؛ لأنه إعطاء عام منه صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله تعالى أقطعه أرض الدنيا كأرض الجنة ليقطع منهما من شاء ما شاء ومن ثم أفتى السبكي بكفر معارض أولاد تميم رضي الله تعالى عنهم فيما أقطعه صلى الله عليه وسلم له بأرض الشام لكن في إطلاقه نظر ظاهر وأجمعوا عليه في الجملة ويسن التملك به للخبر الصحيح { من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر وما أكلت العوافي أي طلاب الرزق منها فهو له صدقة } ثم تلك الأرض ( إن كانت ببلاد الإسلام فللمسلم ) ولو غير مكلف كمجنون فيما لا يشترط فيه القصد مما يأتي ( تملكها بالإحياء ) ويسن استئذان الإمام وعبر بذلك المشعر بالقصد ؛ لأنه الغالب ( وليس هو ) أي تملك ذلك ( لذمي ) وإن أذن الإمام لخبر الشافعي وغيره مرسلا { عادي الأرض } أي قديمها ونسب لعاد لقدمهم وقوتهم { لله ورسوله ثم هي لكم مني } وإنما جاز [ ص: 203 ] لكافر معصوم نحو احتطاب واصطياد بدارنا لغلبة المسامحة بذلك .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( كتاب إحياء الموات )

                                                                                                                              ( قوله أي لم يتيقن عمارتها إلخ ) أي عبارة شرح الروض ولا يشترط في نفي العمارة التحقق بل يكفي عدم [ ص: 202 ] تحققها بأن لا يرى أثرها ولا دليل عليها من أصول شجر ونهر وجدر وأثاف وأوتاد ونحوها انتهى ( قوله ولو غير مكلف ) شامل لصبي غير مميز ( قوله في المتن وليس هو لذمي ) قال في الروض وإن أحيا ذمي أرضا ميتة أي بدارنا ولو بإذن الإمام نزعت منه ولا أجرة عليه فلو نزعها منه مسلم وأحياها بغير إذن الإمام ملكها فلو زرعها [ ص: 203 ] الذمي وزهد فيها صرف الإمام الغلة في المصالح ولا يحل لأحد تملكها انتهى قال في شرحه ؛ لأنها ملك للمسلمين انتهى وقضيته دخولها في ملك المسلمين بمجرد زهده فيها بدون تمليكه ولا تملك منهم ولا من نائبهم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( كتاب إحياء الموات )

                                                                                                                              قول المتن ( إحياء الموات ) أي وما يذكر معه من قوله فصل منفعة الشارع إلى آخر الكتاب ( قوله هو ) أي شرعا ا هـ ع ش قول المتن ( الأرض التي إلخ ) قال ابن الرفعة وهو قسمان أصلي وهو ما لم يعمر قط وطارئ وهو ما خرب بعد عمارة الجاهلية ا هـ مغني ( قوله أي لم تتيقن ) إلى قوله وكان ذكرهم للإحياء في النهاية إلا قوله لكن في إطلاقه نظر ( قوله أي لم يتيقن عمارتها إلخ ) عبارة المغني وشرح الروض ولا يشترط في نفي العمارة التحقق بل يكفي عدم تحققها بأن لا يرى أثرها ولا دليل عليها من أصول شجر ونهر وجدر وأوتاد ونحوها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لم تتيقن عمارتها إلخ ) يدخل فيه ما تيقن عدم عمارته في الإسلام وهو ظاهر وما شك فيه وسيأتي عدم [ ص: 202 ] جواز إحيائه في قوله م ر ولو لم يعرف هل هي جاهلية إلخ ا هـ ع ش وقوله م ر وسيأتي عدم جواز إحيائه إلخ يأتي في الشرح خلافه

                                                                                                                              ( قوله من حقوق عامر ) أي حريمه ا هـ مغني ( قوله ولا من حقوق المسلمين ) كحافات الأنهار ونحوها ا هـ ع ش عبارة المغني ويستثنى من إطلاقه تملك الأرض التي لم تعمر ما تعلق بها حق المسلمين عموما كالطريق والمقبرة وكذا عرفة ومزدلفة ومنى وما حماه النبي صلى الله عليه وسلم ومن مفهوم قوله لم تعمر قط ما كان معمورا في الجاهلية ثم خرب وبقي آثار عمارتهم فللمسلم تملكه كما سيذكره وما عمره الكافر في موات دار الإسلام فإنه لا يملكه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله من عمر أرضا إلخ ) هو بالتخفيف وهو لغة القرآن قال تعالى { إنما يعمر مساجد الله } ويجوز فيه التشديد وهذا كله حيث لم تعلم الرواية ا هـ ع ش ( قوله فهو أحق بها ) اسم التفضيل ليس على بابه ( قوله وصح أيضا إلخ ) ذكره بعد الأول لما فيه من التصريح بالاختصاص إذ قوله أحق في الأول قد يشعر بأن لغيره فيه حقا ا هـ ع ش ( قوله ولهذا ) أي لصحة هذا الخبر و ( قوله لأنه إعطاء إلخ ) علة للعلية فلا إشكال ( قوله أقطعه ) أي أعطاه

                                                                                                                              ( قوله لكن في إطلاقه نظر ) عبارة ع ش لكن الصحيح عدم تكفيره بالمعارضة إذ غايتها انتزاع عين من يد مستحقها نعم إن حمل على مستحل ذلك فلا يبعد التكفير به ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأجمعوا عليه ) أي على إحياء الموات وإنما قال في الجملة ؛ لأنهم اختلفوا في كيفيته وما يحصل به فلم يجمعوا إلا على مطلق الإحياء رشيدي وكردي ( قوله به ) أي الإحياء و ( قوله فيها ) أي الأرض أي في إحيائها ( أجر ) أي ثواب و ( قوله طلاب الرزق ) أي من إنسان أو بهيمة أو طير ا هـ ع ش قول المتن ( فللمسلم ) أي يجوز له ( تملكها إلخ ) يرد عليه ما لو تحجر مسلم مواتا ولم يترك حقه ولم تمض مدة يسقط فيها حقه فإنه لا يحل لمسلم تملكه وإن كان لو فعل ملكه وإن حمل الجور في كلامه على الصحة فلا إيراد مغني ونهاية ( قوله ولو غير مكلف ) شامل لصبي غير مميز سم على حج وعبارة شيخنا الزيادي أي بشرط تمييزه ا هـ لكن يعارضها قول الشارح كمجنون إلا أن يحمل على مجنون له نوع تمييز وكتب سم على منهج أي ولو رقيقا ويكون لسيده ا هـ وهذا في غير المبعض أما هو فإن كان بينه وبين سيده مهايأة فهو لمن وقع الإحياء في نوبته وإن لم تكن فهو مشترك بينهما ا هـ ع ش ( قوله فيما لا يشترط إلخ ) راجع للغاية عبارة النهاية وإن لم يكن مكلفا كمجنون كما صرح به الماوردي والروياني ومرادهما بذلك فيما لا يشترط إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مما يأتي ) أي في التنبيه الثالث قول المتن ( تملكها بالإحياء ) نعم لو حمى أي الإمام لنعم الصدقة موضعا من الموات فأحياه شخص لم يملكه إلا بإذن الإمام لما فيه من الاعتراض على الأئمة نهاية ومغني ( قوله وعبر بذلك ) أي بالتملك و ( قوله المشعر بالقصد ) فإن التملك يلزمه القصد كردي وع ش ( قوله لأنه الغالب ) أي لأن الغالب في الإحياء أن يقصد المحيي لا لأن القصد شرط في الإحياء فإنه يحصل ممن لا قصد له كالصبي والمجنون ا هـ كردي وهو يوافق ما مر عن سم من عدم اشتراط التمييز عبارة ع ش قوله لأنه إلخ أي التملك ا هـ والأول هو الظاهر المتعين ( قوله أي تملك ذلك ) عبارة المغني أي إحياء الأرض المذكورة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله تملك ذلك لذمي ) مفهومه أنه إذا أحيا ذلك للإرفاق لا يمنع وعليه فينبغي أنه إذا ازدحم مع مسلم في إرادة الإحياء أن يقدم السابق ولو ذميا فإن جاءا معا قدم المسلم على الذمي فإن كانا مسلمين أو ذميين أقرع بينهما وكذا يقال فيما لو اجتمع مسلم وذمي بدار كفر لم يذبونا عن مواتها ا هـ ع ش قول المتن ( لذمي ) ولا لغيره من الكفار كما فهم بالأولى مغني ونهاية ( قوله وإن أذن الإمام ) فلو أحيا ذمي أرضا ميتة بدارنا ولو بإذن الإمام نزعت منه ولا أجرة عليه فلو نزعها منه مسلم وأحياها ملكها وإن لم يأذن له الإمام فإن بقي له فيها عين نقلها ولو زرعها الذمي وزهد فيها أي تركها تبرعا صرف الإمام الغلة في المصالح ولا يحل لأحد تملكها ؛ لأنها ملك المسلمين مغني وروض مع شرحه ( قوله لخبر الشافعي إلخ ) عبارة المغني لأنه استعلاء وهو ممتنع عليهم بدارنا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لله ورسوله إلخ ) فيه دلالة على [ ص: 203 ] ما مر أن الله أقطعه أرض الدنيا كأرض الجنة ا هـ ع ش ( قوله لكافر معصوم إلخ ) مفهومه أن غير المعصوم لا يجوز له ذلك بدارنا وأنه إذا فعل لا يملكه وهو ظاهر ا هـ ع ش وعبارة المغني والأسنى وللذمي والمستأمن الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد بدارنا ونقل تراب من موات دارنا لا ضرر علينا فيه ، وأما الحربي فيمنع من ذلك لكن لو أخذ شيئا من ذلك ملكه كما قاله المتولي ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية