الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولهم ) أي الشركاء ( القسمة مهايأة ) مياومة مثلا كأن يسقي كل منهم يوما كسائر الأملاك المشتركة ولا نظر لزيادة الماء ونقصه مع التراضي على أن لهم الرجوع عن ذلك قال الزركشي : وتتعين المهايأة إذا تعذر ما مر لبعد أرض بعضهم من المقسم ونحو الخشبة إذا كانت القناة تارة يكثر ماؤها وتارة يقل فتمتنع المهايأة حينئذ كما منعوها في لبون ليحلب هذا يوما وهذا يوما لما فيه من التفاوت الظاهر انتهى .

                                                                                                                              وليس لأحد الشركاء أن يحفر ساقية قبل المقسم ؛ لأن حافة النهر مشتركة بينهم ولكل حرث أرضه وخفضها ورفعها وحينئذ يفرد كل أرضه بساقية يجري الماء فيها إليها ومؤنة ما يخص كلا عليه بخلاف عمارة النهر الأصلية فإنها على جميعهم بقدر الحصص فإن عمرها بعضهم فزاد الماء لم يختص به ؛ لأنه متبرع وإن كان إنما عمرها بعد امتناع الآخرين ولصاحب السفل أن يحرث ويحفر في أرضه ما يدفع به ضررها من غير أن يضر العليا وليس للأعلى ذلك كما أفتى به جمع أي ؛ لأنه به يأخذ أكثر من حقه هذا إن كانا يشربان معا وإلا بأن كان شرب السفلى من ماء العليا فلا منع أي حيث لا ضرر ، ومن ثم امتنع عليه أن يحدث في أرضه شجرا أو نحوه إن أضر بالسفلى لحبسه الماء وأخذه منه فوق ما كان يعتاد قبل إحداث ما ذكر وأفتى الغزالي بأن لصاحب السفلى إجراء الماء المستحق لإجرائه في العليا وإن أضر بنخلها أو زرعها ولا غرم عليه لتقصير صاحبها بالزرع أو الغرس في المجرى المستحق للأسفل .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : لبعد أرض بعضهم من المقسم ) أي لأن الأقرب يحصل له زيادة .

                                                                                                                              ( قوله : ونحو ) عطف على المهايأة ش



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي الشركاء ) إلى قوله ؛ لأن حافة النهر في النهاية قول المتن ( مهايأة ) منصوب إما على الحال من المبتدأ وهو القسمة بناء على صحة الحال منه كما ذهب إليه سيبويه وغيره أو على أنها مفعول بفعل محذوف بتقدير ويقسم مهايأة ويجوز كون القسمة فاعلة بالظرف بناء على قول من جوز عمل الجار بلا اعتماد وهم الكوفيون وعليه فينصب مهايأة على الحال من الفاعل مغني ونهاية أقول : ويجوز كونها حالا من فاعل الظرف المستتر الراجع إلى المبتدأ بل هو لكونه محل وفاق أحسن .

                                                                                                                              ( قوله : قال الزركشي وتتعين المهايأة إلخ ) يؤخذ منه أن المهايأة متعينة في قسمة ماء البئر المشتركة المتعذر قسمتها وهذا إن لم يكن للأصحاب - رحمهم الله - نقل في كيفية قسمة ماء البئر فإن ظفر بنقل فهو المتبع والله أعلم . ا هـ . سيد عمر ( قوله : لبعد أرض بعضهم إلخ ) أي ؛ لأن الأقرب يحصل له زيادة . ا هـ . سم ( قوله : ونحو الخشبة ) عطف على قوله المهايأة ( قوله : إذا كانت القناة إلخ ) يتأمل ؛ لأن المهايأة إنما تكون بالتراضي ومعه لا نظر للتفاوت كما تقدم في قوله ولا نظر إلخ . ا هـ . سيد عمر عبارة ع ش قوله : فتمتنع المهايأة هذا قد يخالف ما مر في قوله ولا نظر لزيادة الماء ونقصه معه التراضي إلا أن يقال المراد بالامتناع هنا عدم الإجبار على ذلك فلا منافاة لكن يرد على ذلك أن المهايأة لا إجبار فيها ، فالأولى أن يقال يصور ذاك بزيادة تارة من اعتياد كتحرك هواء أو نحوه وما هنا بما عهدت الزيادة تارة والنقص أخرى من غير اعتياد وقت بخصوصه للزيادة وآخر للنقص . ا هـ . وحاصله أن ما مر في الزيادة المحتملة وما هنا في الزيادة المحققة المعلومة بالعادة ومقتضاه امتناع المهايأة حينئذ ولو مع التراضي من الجانبين ، ولعل وجهه الجهل بمقدار الزائد وعدم انضباطه وفيه ما لا يخفى فالأولى حمل مقالة الزركشي على الإجبار فيما إذا تنازعوا وضاق الماء كما مر في الشرح تقييد كلام المصنف بذلك .

                                                                                                                              ( قوله : قبل المقسم ) بكسر السين عبارة النهاية وليس لأحدهم توسيع فم لنهر ولا تضييقه ولا تقديم رأس الساقية التي يجري فيها الماء ولا تأخيره ولا غرس شجرة على حافته بدون رضا الباقين كسائر الأملاك المشتركة . ا هـ . زاد المغني ولا بناء قنطرة ورحى عليه . ا هـ . ( قوله : حينئذ ) أي حين إذ تفاوتت أراضيهم بالانخفاض والارتفاع ( قوله : الأصلية ) صفة للنهر والتأنيث هنا وفي قوله فإن عمرها بتأويل العين ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل اشتراط عدم الضرر ( قوله : امتنع عليه ) أي الأعلى ( قوله : في العليا ) متعلق بإجراء الماء ( خاتمة )

                                                                                                                              في المغني والنهاية لا يصح بيع ماء البئر والقناة منفردا عنهما لأنه يزيد شيئا فشيئا ويختلط المبيع بغيره فيتعذر التسليم فإن باعه بشرط أخذه الآن صح ولو باع صاعا من ماء راكد صح لعدم زيادته أو من جار فلا ؛ لأنه لا يمكن ربط العقد بمقدار مضبوط لعدم وقوفه ولو باع ماء القناة مع قراره والماء جار لم يصح البيع في الجميع للجهالة وإن أفهم كلام الروضة البطلان في الماء فقط عملا بتفريق الصفقة فإن اشترى البئر وماءها الظاهر أو جزأهما شائعا وقد عرف عمقها فيهما صح ، وما ينبع في الثانية مشترك بينهما كالظاهر بخلاف ما لو اشتراها أو جزأها الشائع دون الماء أو أطلق فلا يصح ؛ لئلا يختلط الماءان ولو سقى زرعه بماء مغصوب ضمن الماء ببدله والغلة له لأنه المالك للبذر فإن غرم البدل وتحلل من صاحب الماء كانت الغلة أطيب له مما لو غرم البدل فقط ولو أشعل نارا في حطب مباح لم يمنع أحدا الانتفاع بها ولا الاستصباح [ ص: 235 ] منها فإن كان الحطب له فله المنع من الأخذ منها لا الاصطلاء بها ولا الاستصباح منها . ا هـ . قال ع ش قوله م ر صح أي وإن لم يأخذه لكن إذا تأخر مدة واختلط فيها الحادث بالموجود وتنازعا جاء فيه ما قيل في بيع الثمرة إذا اختلط حادثها بموجودها وهو تصديق ذي اليد . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية