الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا آجر الناظر ) الوقف على معين ، أو جهة إجارة صحيحة ( فزادت الأجرة في المدة ، أو ظهر طالب بالزيادة ) قال الإمام وقد كثر وإلا تعتبر جزما ( لم ينفسخ العقد في الأصح ) ؛ لأنه جرى بالغبطة في وقته فأشبه ارتفاع القيمة أو الأجرة بعد بيع أو إجارة مال المحجور ومر أنه لو كان هو المستحق ، أو أذن له جاز إيجاره بدون أجرة المثل وعليه فينبغي انفساخها بانتقالها لغيره ممن لم يأذن في ذلك وإفتاء ابن الصلاح فيما إذا آجر بأجرة معدومة فشهد اثنان أنها أجرة المثل حالة العقد ثم تغيرت الأحوال وزادت أجرة المثل بأنه يتبين بطلانها وخطؤهما ؛ لأن تقويم المنافع المستقبلة إنما يصح حيث استمرت حالة العقد بخلاف ما لو طرأ عليه أحوال تختلف بها قيمة المنفعة فإنه بان أن المقوم لها أولا لم يطابق تقويمه المقوم قال الأذرعي مشكل جدا ؛ لأنه يؤدي إلى سد باب إجارة الأوقاف إذ طرو التغيير الذي ذكره كثير والذي يقع في النفس أنا ننظر إلى أجرة المثل التي تنتهي إليها الرغبات حالة العقد في جميع المدة المعقود عليها مع قطع النظر عما عساه يتجدد انتهى وهو واضح موافق لكلامهم .

                                                                                                                              ولو دفع الناظر للمستحق ما آجر به الوقف مدة فمات المستحق أثناءها رجع من استحق بعده على تركته بحصة ما بقي من المدة وهل الناظر طريق ؛ لأنه لا يتعين عليه الدفع إلا بعد مضي مدة يستحق بها المعلوم ، أو لا ؛ لأنه لا تقصير منه لا سيما ، والأجرة ملكها المدفوع إليه بمجرد العقد فلم يسغ للناظر إمساكها عنه ولا منعه من التصرف فيها ولا نظر لما يتوقع بعد كما صرحوا به في نظائر لذلك كالمؤجر يملك الأجرة ، والمرأة تملك الصداق بالعقد وإن احتمل سقوط بعض الأجرة وكل المهر بالفسخ في الأثناء وكالموصى له بمنفعة دار حياته فآجرها مدة يملك الأجرة ويأخذها وإن احتمل موته أثناء المدة رجح كلا مرجحون والذي يتجه أن المدة إن قصرت بحيث يغلب على الظن حياة الموقوف عليه إلى انتهائها وخاف الناظر [ ص: 295 ] من بقائها عنده أو عند غيره عليها لم يكن طريقا وإلا كان

                                                                                                                              ولو حكم حاكم بصحة إجارة وقف وأن الأجرة أجرة المثل فإن ثبت بالتواتر أنها دونها تبين بطلان الحكم والإجارة وإلا فلا كما يأتي بسطه آخر الدعاوى وأفتى أبو زرعة فيمن استأجر وقفا بشرطه وحكم له حاكم شافعي بموجبه بعدم انفساخها بموت أحدهما وزيادة راغب أثناء المدة بأن هذا إفتاء لا حكم ؛ لأن الحكم بالشيء قبل وقوعه لا معنى له كيف ، والموت أو الزيادة قد يوجدان وقد لا فلمن رفع له الحكم بمذهبه انتهى ، وما علل به ممنوع وفيه تحقيق بسطته في أواخر الوقف من الفتاوى وفي كتابي المستوعب في بيع الماء والحكم بالموجب المسطر أوائل البيع من الفتاوى فراجعه فإنه مهم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 294 ] قوله على معين ) متعلق بالوقف وقوله وقد كثر أي : الطالب بالزيادة ش ( قوله : وإفتاء ابن الصلاح إلى قوله قال الأذرعي مشكل ) في شرح م ر ما نصه ويعلم مما سيأتي آخر الدعوى والبينات أن كلامه أي : ابن الصلاح مفروض فيما إذا كانت العين باقية بحالها بحيث يقطع بكذب تلك البينة الأولى فإن لم تكن كذلك لم يعتد بالبينة الثانية واستمر الحكم بالأولى وبما قررنا اندفع كلام الأذرعي أن إفتاءه مشكل جدا إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو لا ) [ ص: 295 ] اعتمده م ر ( قوله : ولو حكم حاكم بصحة إجارة الواقف وأن الأجرة أجرة المثل إلخ ) أجر الوقف بأجرة شهدت البينة أنها أجرة المثل وحكم حاكم به ، ثم شهدت بينة بأنها دون أجرة المثل فإن كانت العين باقية بحالها بحيث يقطع بكذب الأولى عمل بالبينة الثانية وتبين غلط الأولى ونقض الحكم وإن تغيرت العين فالحكم صحيح لا يجوز نقضه ولا التفات إلى البينة الثانية هذا ملخص ما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي م ر

                                                                                                                              ( قوله : بأن هذا إفتاء لا حكم إلخ ) بل الوجه أنه حكم يمتنع على من رفع إليه الحكم بخلافه وقد دل كلام الأصحاب في مواضع على الاعتداد بالحكم بالموجب وتناوله الآثار وإن تأخرت م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : الوقف ) إلى قوله انتهى في النهاية ( قوله : على معين إلخ ) متعلق بالوقف و ( قوله وقد كثر ) أي : الطالب بالزيادة ش ا هـ سم عبارة النهاية ومحل الخلاف كما قاله الإمام إذا كثر الطالب وإلا إلخ ا هـ قال ع ش قوله مر إذا كثر الطالب أي : كثرة يغلب عليه الظن أنه إذا لم يأخذ واحد منهم أخذ الآخر ا هـ وعبارة السيد البصري قوله وقد كثر أي : الطالب ؛ لأن كثرته تشعر بأن التصرف الأول جرى على خلاف الغبطة بخلافه إذا قل ؛ لأنه قد يكون زيادته حينئذ وإن كثرت لخصوص رغبته فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومر إلخ ) أي : في باب الإجارة ا هـ رشيدي

                                                                                                                              ( قوله : لو كان هو ) أي : المؤجر و ( قوله : أو أذن له ) أي : أذن المستحق للمؤجر ( قوله : وعليه فينبغي إلخ ) تقدم له في الإجارة نقله عن ابن الرفعة نعم قوله ممن إلخ من زيادته هنا وكذا قوله ، أو أذن له وقوله لانتقالها أي : نظارة الوقف صادق بانتقالها بزوال الأهلية أو بالموت للأجنبي ، أو المستحق وحينئذ فلو كان الناظر الأول أجنبيا وآجره بدون أجرة المثل بإذن المستحق ، ثم انتقل النظر إلى أجنبي آخر مع بقاء المستحق الآذن فينبغي عدم الانفساخ وإن اقتضى الصنيع خلافه هذا وينبغي أن يلحق بانتقال النظارة انتقال الاستحقاق من الآذن إلى غيره مع بقاء الناظر المؤجر بإذن المستحق والله أعلم ا هـ سيد عمر ( قوله : ممن لم يأذن له ) أي : أما إذا أذن له في ذلك فلا تنفسخ الإجارة بانتقال الحق له لرضاه أولا بإسقاط حقه بالإذن على ما أفهمه التقييد بقوله ممن لم يأذن له وقد يتوقف فيه بأن إذنه قبل انتقال الحق له لغو وذلك يقتضي انفساخ الإجارة بانتقال الحق عن المؤجر ا هـ ع ش أقول ما قاله مبني على إرجاع ضمير بانتقالها إلى العين الموقوفة وأما على إرجاعه إلى النظارة كما مر عنالسيد عمر وتفسير من في قول الشارح ممن بالمستحق حال الإجارة فلا إفهام ولا توقف ( قوله : وإفتاء ابن الصلاح ) إلى قوله ولو دفع في المغني ( قوله : وزادت إلخ ) عبارة المغني وطرأت أسباب توجب زيادة أجرة المثل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بأنه يتبين بطلانها ) ضعيف ا هـ ع ش ( قوله وخطؤهما ) أي : الشاهدين

                                                                                                                              ( قوله حيث استمرت إلخ ) عبارة المغني إذا استمر الحال الموجودة حالة التقويم التي هي حالة العقد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : تقويمه المقوم ) عبارة النهاية تقويمه الصواب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : قال الأذرعي إلخ ) خبر إفتاء ابن الصلاح عبارة النهاية ويعلم مما سيأتي آخر الدعوى والبينات أن كلامه أي : ابن الصلاح مفروض فيما إذا كانت العين باقية بحالها بحيث يقطع بكذب تلك البينة الأولى فإن لم يكن كذلك لم يعتد بالبينة الثانية واستمر الحكم بالأولى وبما قررناه اندفع كلام الأذرعي أن إفتاءه مشكل جدا ؛ لأنه يؤدي إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والذي يقع في النفس إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله : في جميع المدة إلخ ) أي : بالنسبة إلى جميع إلخ ، والجار متعلق بقوله تنتهي إلخ ( قوله : مع قطع النظر إلخ ) أي : ومع مراعاة كون الأجرة معجلة ، أو مقسطة على الشهور مثلا ا هـ ع ش ( قوله : ولو دفع الناظر للمستحق ) أي : أو قبض المستحق الناظر ( قوله : رجع من استحق إلخ ) أي : إذا لم يكن وارثا له ( قوله : أو لا ) اعتمده مر ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله : بالعقد إلخ ) راجع إلى المؤجر أيضا ( قوله : في الأثناء ) هذا إنما يظهر في الأجرة فكان الأولى أن يزيد قوله وقبل الوطء [ ص: 295 ] ليرجع إلى المهر ( قوله : من بقائها ) أي : الأجرة ( قوله : عليها ) متعلق بخلاف ( قوله : لم يكن ) أي الناظر ( قوله : وإلا كان ) شامل لما إذا لم يجد إلا مستأجرا بمدة طويلة وكون الناظر طريقا حينئذ محل نظر فليراجع ( قوله : ولو حكم ) إلى قوله وفيه تحقيق في النهاية ( قوله : فإن ثبت بالتواتر إلخ ) مفهومه أنه لو ثبت ذلك ببينة لم يحكم بالبطلان وهو ظاهر ا هـ ع ش ( قوله : تبين بطلان الحكم إلخ ) أي : فيرد الناظر ما قبضه من المستأجر إن كان باقيا وإلا فبدله من ماله إن كان صرفه في غير مصالح الوقف ومن مال الوقف إن كان صرفه في مصالحه ولو بإيجار مدة طويلة حيث تعينت لتوفية ما قبضه من المستأجر الأول ، والكلام كله حيث لم يفسق بتعديه بالإجارة والصرف وإلا فمعلوم أنه لا يجوز له الإجارة ثانيا ولا تصح منه لانعزاله ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : وبعد انفساخها إلخ ) من عطف المرادف ( قوله : وزيادة إلخ ) الواو بمعنى ، أو ( قوله : بأن هذا إفتاء لا حكم إلخ ) بل الوجه أنه حكم يمتنع على من رفع إليه الحكم بخلافه وقد دل كلام الأصحاب في مواضع على الاعتداد بالحكم بالموجب وتناوله الآثار وإن تأخرت مر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : قد يوجدان ) الأولى الإفراد ( قوله : فلمن إلخ ) خبر مقدم للحكم ( قوله : وما علل به ) أي : من قوله ؛ لأن الحكم إلخ ( قوله : ممنوع ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله : وفيه إلخ ) أي : في الحكم بالموجب ( قوله : المستوعب إلخ ) بدل ، أو عطف بيان من كتابي إلخ ( قوله : المسطر إلخ ) نعت لقوله كتابي ( خاتمة )

                                                                                                                              ، لو نبتت شجرة بمقبرة فثمرتها مباحة للناس تبعا للمقبرة وصرفها إلى مصالح المقبرة أولى من صرفها للناس لا ثمرة شجرة غرست للمسجد فيه فليست مباحة بلا عوض بل يصرف الإمام عوضها لمصالح المسجد وإنما خرجت الشجرة عن ملك غارسها هنا بلا لفظ للقرينة الظاهرة وخرج بغرسها للمسجد غرسها مسبلة فيحوز أكلها بلا عوض وكذا إن جهلت نيته حيث جرت العادة به وتقلع الشجرة من المسجد إن رآه الإمام بل إن جعل البقعة مسجدا وفيها شجرة فللإمام قلعها وإن أدخلها الواقف في الوقف ا هـ مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية