الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ) ففيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : المراد بقوله : ( وإن الذين أوتوا الكتاب ) اليهود خاصة ، والكتاب هو التوراة عن السدي ، وقيل : بل المراد أحبار اليهود وعلماء النصارى وهو الصحيح لعموم اللفظ ، والكتاب المتقدم هو التوراة والإنجيل ، ولا بد أن يكونوا عددا قليلا ؛ لأن الكثير لا يجوز عليهم التواطؤ على الكتمان .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : الضمير في قوله : ( أنه الحق ) راجع إلى مذكور سابق ، وقد تقدم ذكر الرسول كما تقدم ذكر القبلة ، فجاز أن يكون المراد أن القوم يعلمون أن الرسول مع شرعه ونبوته حق فيشتمل ذلك على أمر القبلة وغيرها ، ويحتمل أن يرجع إلى هذا التكليف الخاص بالقبلة ، وأنهم يعلمون أنه الحق ، وهذا الاحتمال الأخير أقرب ؛ لأنه أليق بالكلام إذ المقصود بالآية ذلك دون غيره ، ثم اختلفوا في أنهم كيف عرفوا ذلك ؟ وذكروا فيه وجوها :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن قوما من علماء اليهود كانوا عرفوا في كتب أنبيائهم خبر الرسول وخبر القبلة وأنه يصلي إلى القبلتين .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أنهم كانوا يعلمون أن الكعبة هي البيت العتيق الذي جعله الله تعالى قبلة لإبراهيم ، وإسماعيل عليهما السلام .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : أنهم كانوا يعلمون نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر عليه من المعجزات ، ومتى علموا نبوته فقد علموا لا محالة أن كل ما أتى به فهو حق ، فكان هذا التحويل حقا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية