الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رحمه الله تعالى : " فمن ذلك الدهن كله في الرأس ، وذلك أن كل الأدهان في ترجيل الشعر وإذهاب الشعث سواء ، وهكذا المحرم يفتدي بأن يدهن رأسه ، أو لحيته بزيت لما وصفت ، وأما مد يديها فلا بأس إلا الطيب كما لا يكون بذلك بأس للمحرم وإن خالفت المحرم في بعض أمرها " . قال الماوردي : أما الدهن فمما تستوي فيه المعتدة والمحرمة لوجود معناهما فيه : لأنه يحدث الزينة فمنعت منه المعتدة ، ويزيل الشعث فمنعت منه المحرمة ، وإذا كان كذلك فهو على ضربين : طيب ، وغير طيب ، فأما الطيب فنوعان : ما كان طيبا لذاته كالبان . الثاني : ما أدخل عليه الطيب كالورد والبنفسج ، وهما في الحكم سواء ، ويحرم على المعتدة أن تستعمله في الشعر والبدن : لأنه طيب وترجيل . [ ص: 278 ] وأما غير الطيب فكالزيت والشيرج فيحرم عليها استعماله في ترجيل الشعر لما يحدث فيه من حسن منظره وشدة بصيصه ولا يحرم عليها استعماله في بدنها : لأن فيه تنميس البدن واجتذاب الوسخ ، فلم يكن فيه زينة تمنع به المعتدة ولا إزالة الشعث تمنع به المحرمة ، فلو قرع رأسها حتى ذهب شعرها جاز أن تستعمله في رأسها كما تستعمله في بدنها : لأنه قد صار بذهاب الشعر كالبدن ولو حلقته لم يجز أن تدهنه : لأن شعرها ينبت بصيصا مرجلا ، ولو نبت في وجهها شعر لحية لم يجز أن تستعمله فيها وإن نفخت باللحية لما في الدهن من ترجيلها وبصيص شعرها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية