الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      من فتح النون من (ياسين) أو كسرها; فلالتقاء [الساكنين، على أنه بناه] [ ص: 396 ] على الوصل، ولم يقدر الوقف على حرف التهجي] فاختار الكسر; لأنه الأصل في التقاء الساكنين، والفتح; لخفته بعد الياء، ومن ضم; جاز أن تكون الضمة لالتقاء الساكنين; نحو: (نحن) و {هيت لك} [يوسف:23] وروي: أن الكلبي سئل عنها - وهو القارئ بالضم - فقال: هي بلغة طيئ: (يا إنسان).

                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفتح: يحتمل أن يكون أراد (يا إنسان) فاكتفى من جميع الاسم بالسين، فـ (يا) على هذا حرف نداء; كقولك: (يا رجل ومن قرأ: تنزيل العزيز الرحيم بالنصب; فعلى أنه مصدر، ومن رفع; أضمر مبتدأ، والجر جائز على البدل من {القرآن} .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 397 ] ومن قرأ: {فأعشيناهم} بالعين; فهو منقول بالهمزة من (عشي) من (العشا) في العين، ومن قرأ بالغين معجمة; فالمعنى: فغطينا أبصارهم، وهما يرجعان إلى معنى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واضرب لهم مثلا أصحاب القرية : يجوز أن يكون {مثلا} و أصحاب القرية مفعولين لـ {اضرب} ويجوز أن يكون أصحاب القرية بدلا من قوله: {مثلا} على تقدير: واضرب لهم مثلا مثل أصحاب القرية، فحذف المضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      فعززنا بثالث : من قرأ بالتخفيف; فمعناه: غلبنا; ومنه: وعزني في الخطاب [ص 23] ومن شدد; فمعناه: قوينا، وكثرنا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {أين ذكرتم} فمعناه: حيث كنتم فذكرتم، و {أين}: للشرط، وجوابها محذوف; لدلالة طائركم معكم عليه; كأنه قال: أين وجدتم، أو ذكرتم; وجد شؤمكم معكم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 398 ] ومن قرأ: {أن} بالفتح من غير استفهام; فموضع {أن} نصب بقوله: طائركم معكم لأنهم لما قالوا: إنا تطيرنا بكم أجابهم، فقال: بل طائركم معكم أن ذكرتم; أي: لأن ذكرتم، فلم تتذكروا، ولم تنتهوا، ولا يوقف على هذه القراءة، ولا على القراءة التي قبلها على {معكم} .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {آن ذكرتم} فالمعنى: ألأن ذكرتم؟ أدخل همزة الاستفهام على (أن) حسب ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {أين ذكرتم} فهي {إن} التي للجزاء، دخلت عليها همزة الاستفهام; فالمعنى: أإن ذكرتم تشاءمتم؟

                                                                                                                                                                                                                                      ويوقف على قراءتي الاستفهام على {معكم} لأن الاستفهام له صدر الكلام، فهو يقطع ما قبله مما بعده.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي : يجوز أن تكون (ما) استفهاما) [ ص: 399 ] فيه معنى التعجب; كأنه قال: بأي شيء غفر لي ربي؟! على أن إثبات الألف في الاستفهام قليل، فيوقف على هذا على {يعلمون} .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون (ما) والفعل مصدرا، فيكون التقدير: يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي، ويجوز أن تكون بمعنى: (الذي) والعائد من الصلة محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: إن كانت إلا صيحة واحدة : النصب على تقدير: ما كانت عقوبتهم إلا صيحة واحدة، والرفع على الحمل على المعنى; لأن المعنى: قد كانت هناك صيحة واحدة; فكأنه قال: ما وقعت عليهم إلا صيحة واحدة.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنكر هذه القراءة أبو حاتم وكثير من النحويين; بسبب التأنيث، فهو ضعيف; كما يكون (ما قامت إلا هند) ضعيفا; من حيث كان المعنى: ما قام أحد إلا هند.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ {يا حسره على العباد} بإسكان الهاء; جاز أن يكون {على العباد} [ ص: 400 ] متعلقا بـ (الحسرة) وإسكان الهاء; للحرص على البيان وتقرير المعنى في النفس; إذ كان موضع وعظ وتنبيه، والعرب تفعل ذلك في مثله، وإن لم يكن موضعا للوقف، ومن ذلك: ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنه كان يقطع قراته حرفا حرفا) حرصا على البيان والإفهام.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {على العباد} متعلقا بمحذوف، لا بـ (الحسرة) فكأنه قدر الوقف على (حسره) فأسكن الهاء، ثم قال: {على العباد} [أي: أتحسر على العباد].

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {يا حسرة العباد} جاز أن يكون من باب الإضافة إلى الفاعل، فيكون (العباد) فاعلين، كأنهم إذا شاهدوا العذاب تحسروا، فهو كقولك: (يا قيام زيد) ويجوز أن يكون من باب الإضافة إلى المفعول، فيكون (العباد) مفعولين، فكأن العباد يتحسر عليهم من يشفق لهم، وقراءة من قرأ يا حسرة على العباد مقوية لهذا المعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 401 ] وقوله: ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون : قوله: أنهم إليهم لا يرجعون عند سيبويه بدل من {كم} ومعنى {كم} ههنا الخبر; فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن كل لما جميع لدينا محضرون : {إن}: مخففة من الثقيلة، وما بعدها مرفوع بالابتداء، وما بعده الخبر، وبطل عملها حين تغير لفظها، ولزمت اللام في الخبر; للفرق بينها وبين التي بمعنى: (ما) و (ما) عند أبي عبيدة زائدة; والتقدير عنده: وإن كل لجميع لدينا محضرون، فـ{كل}: مبتدأ، والخبر: (لجميع) ويجوز أن يكون (لجميع) بدلا، من (ما) أو نعتا لها; والتقدير: وإن كل لخلق جميع لدينا محضرون، وحسن ذلك; لأن من يعقل وما لا يعقل يحضر يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن شدد جعل (إن) بمعنى: (ما) و (لما) بمعنى: (إلا) وقد تقدم القول في مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 402 ] وقوله: وما عملته أيديهم : يجوز أن تكون (ما) موصولة في موضع جر; عطفا على من ثمره وحذفت الهاء الراجعة إلى الصلة إلى الموصول في قراءة من حذف، وقراءة من قرأ وما عملته أيديهم من غير حذف على الأصل.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون {ما} نافية، فلا تحتاج إلى صلة، ولا راجع، ويحتاج من حذف الهاء -وهو يقدر {ما} نافية- إلى إضمار مفعول لـ {عملت} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {والقمر قدرناه منازل}: من رفع فعلى الابتداء والخبر، أو على تقدير: وآية لهم القمر قدرناه منازل، على الحمل على وآية لهم الليل نسلخ منه النهار .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نصب {والقمر} فبإضمار فعل يفسره ما بعده; وهو {قدرناه}

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في والشمس تجري لمستقر لها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون : يجوز أن تكون {أن} خبر عن {وآية} ويجوز أن يكون خبر {وآية} قوله: {لهم} و (أن) في موضع رفع بالابتداء، والخبر في الجملة، و (أن) وما بعدها في موضع التفسير لـ (الآية).

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 403 ] وجاز أن تكون (أن) مبتدأة; من أجل تعلقها بما قبلها; لأن (أن) الشديدة لا يجوز أن تكون مبتدأة كما تكون الخفيفة.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية