الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر من تزوج من النساء ومن ولد له من الأولاد الذكور والإناث

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان له عبد الرحمن ، وبه كان يكنى ، وعبد الله ، وكان ضعيف العقل ، وأمهما فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف ، وقد تزوج بأختها منفردة عنها بعدها ، وهي كنود بنت قرظة ، وهي التي كانت معه حين افتتح قبرس ، وتزوج نائلة بنت عمارة الكلبية ، فأعجبته ، وقال لميسون [ ص: 463 ] بنت بحدل : ادخلي فانظري إلى ابنة عمك ، فدخلت فسألها عنها ، فقالت : إنها لكاملة الجمال ، ولكن رأيت تحت سرتها خالا ، وإني لأرى هذه يقتل زوجها ، ويوضع رأسه في حجرها . فطلقها معاوية فتزوجها بعده حبيب بن مسلمة الفهري ، ثم خلف عليها بعده النعمان بن بشير ، فقتل ووضع رأسه في حجرها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن أشهر أولاده يزيد ، وأمه ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة الكلبي ، وهي التي دخلت على نائلة ، فأخبرت معاوية عنها بما أخبرته ، وكانت حازمة عظيمة الشأن جمالا ورياسة وعقلا ودينا ، دخل عليها معاوية يوما ومعه خادم خصي ، فاستترت منه ، وقالت : ما هذا الرجل معك ؟ فقال : إنه خصي ، فاظهري عليه . فقالت : ما كانت المثلة لتحل له ما حرم الله عليه . وحجبته عنها . وفي رواية أنها قالت له : إن مجرد مثلتك له لن تحل ما حرمه الله عليه . وقد ولي ابنها يزيد الخلافة بعد أبيه . وذكر ابن جرير أن ميسون هذه ولدت لمعاوية بنتا أخرى يقال لها : أمة رب المشارق . ماتت صغيرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ورملة ، تزوجها عمرو بن عثمان بن عفان ، كانت دارها بدمشق عند عقبة السمك تجاه زقاق الرمان . قاله ابن عساكر ، قال : ولها طاحون معروفة إلى الآن .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 464 ] وهند بنت معاوية ، تزوجها عبد الله بن عامر ، فلما أدخلت عليه بالخضراء ، أرادها عن نفسها فتمنعت عليه ، وأبت أشد الإباء ، فضربها فصرخت ، فلما سمع الجواري صوتها صرخن وعلت أصواتهن ، فسمع معاوية ، فنهض إليهن ، فاستعلمهن ما الخبر ، فقلن : سمعنا صوت سيدتنا فصحنا . فدخل فإذا بها تبكي من ضربه ، فقال لابن عامر : ويحك ! مثل هذه تضرب في مثل هذه الليلة ؟ ! ثم قال له : اخرج من هاهنا . فخرج وخلا بها معاوية فقال لها : يا بنية ، إنه زوجك الذي أحله الله لك ، أو ما سمعت قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من الخفرات البيض أما حرامها فصعب وأما حلها فذلول

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم خرج معاوية من عندها ، وقال لزوجها : ادخل فقد مهدت لك خلقها ووطأته ، فدخل ابن عامر ، فوجدها قد طابت أخلاقها ، فقضى حاجته منها ، رحمهم الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية