الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بحير بن ورقاء الصريمي البصري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد الأشراف بخراسان ، والقواد والأمراء ، وهو الذي حارب ابن خازم وقتله ، وقتل بكير بن وشاح .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم قتل في هذه السنة :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو أمية الجعفي الكوفي ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      شهد اليرموك ، وحدث عن جماعة من الصحابة ، وكان من كبار المخضرمين ، ويقال : إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه ، والصحيح أنه لم يره ، وكان مولده عام ولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : إنه ولد بعده بسنتين . وعاش مائة وعشرين سنة ، لم ير يوما محتبيا ولا متساندا ، وافتض بكرا عام وفاته ، وكانت وفاته في سنة إحدى وثمانين ، قاله أبو عبيد وغير واحد . وقيل : إنه توفي في سنة ثنتين [ ص: 312 ] وثمانين . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بن شداد بن الهاد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان من العباد الزهاد العلماء ، وله وصايا وكلمات حسان ، وقد روى عدة أحاديث عن الصحابة ، وعنه خلق من التابعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 313 ] محمد بن علي بن أبي طالب : أبو القاسم وأبو عبد الله أيضا ، وهو المعروف بابن الحنفية ، وكانت أمه أمة سوداء سندية من سبي بني حنيفة ، اسمها خولة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولد محمد في خلافة عمر بن الخطاب ، ووفد على معاوية ، وعلى عبد الملك بن مروان ، وقد صرع مروان يوم الجمل ، وقعد على صدره ، وأراد قتله ، فناشده مروان بالله ، وتذلل له فأطلقه ، فلما وفد على عبد الملك ذكره بذلك ، فقال : عفوا يا أمير المؤمنين . فعفا عنه ، وأجزل له الجائزة ، وكان محمد بن علي من سادات قريش ، ومن الشجعان المشهورين ، ومن الأقوياء المذكورين ، ولما بويع لابن الزبير لم يبايعه ، فجرى بينهما شر عظيم ، حتى هم ابن الزبير به وبأهله ، كما تقدم ذلك فلما قتل ابن الزبير ، واستقر أمر عبد الملك ، وبايعه ابن عمر ، تابعه ابن الحنفية ، وقدم المدينة فمات بها في هذه السنة . وقيل : في التي قبلها ، أو في التي بعدها . ودفن بالبقيع ، والرافضة يزعمون أنه بجبل رضوى ، وأنه حي يرزق ، وهم ينتظرونه ، وقد قال كثير عزة في ذلك :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألا إن الأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواء     علي والثلاثة من بنيه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      هم الأسباط ليس بهم خفاء     فسبط سبط إيمان وبر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وسبط غيبته كربلاء      [ ص: 314 ] وسبط لا تراه العين حتى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يقود الخيل يقدمها لواء     تغيب لا يرى عنهم زمانا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      برضوى عنده عسل وماء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 315 ] وقال الزبير بن بكار : كانت شيعته تزعم أنه لم يمت ، وفيه يقول السيد :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألا قل للوصي فدتك نفسي     أطلت بذلك الجبل المقاما
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أضر بمعشر والوك منا     وسموك الخليفة والإماما
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعادوا فيك أهل الأرض طرا     مقامك عنهم ستين عاما
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وما ذاق ابن خولة طعم موت     ولا وارت له أرض عظاما
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لقد أمسى بمورق شعب رضوى     تراجعه الملائكة الكلاما
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وإن له به لمقيل صدق     وأندية تحدثه كراما
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      هدانا الله إذ حزتم لأمر     به وعليه نلتمس التماما
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تمام مودة المهدي حتى     تروا راياته تترى نظاما

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذهب طائفة من الرافضة إلى إمامته ، وأنه ينتظر خروجه في آخر الزمان ، كما ينتظر طائفة أخرى منهم الحسن بن محمد العسكري ، الذي يخرج في زعمهم من سرداب سامرا ، وهذا من خرافاتهم وهذيانهم وجهلهم وضلالهم وبهتانهم ، وسنزيد ذلك وضوحا في موضعه إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية