الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      صفحة جزء
      [ حرمة حل السحر بالسحر ]


      وحله بالوحي نصا يشرع أما بسحر مثله فيمنع

      ( وحله ) ; يعني حل السحر عن المسحور ( بـ ) الرقى والتعاويذ والأدعية من ( الوحي ) الكتاب والسنة ( نصا ) أي بالنص ( يشرع ) كما رقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين ، وكما يشمل ذلك أحاديث الرقى المتقدمة في بابها التي أمر بها الشارع صلى الله عليه وسلم وندب إليها ، ومن أعظمها : فاتحة الكتاب وآية الكرسي والمعوذتان وآخر سورة الحشر ، فإن ضم إلى ذلك الآيات التي فيها التعوذ [ ص: 566 ] من الشياطين مطلقا والآيات التي يتضمن لفظها إبطال السحر كقوله تعالى : ( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ) ( الأعراف : 119 ) وقوله عز وجل : ( ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ) ( يونس : 81 ) وقوله تعالى : ( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ) ( طه : 69 ) ونحوها ، كان ذلك حسنا ، ومثل ذلك الأدعية والتعاويذ المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في الأحاديث الصحيحة كما تقدم كثير منها في باب الرقى ، وكحديث : " ربنا الله الذي في السماء تبارك اسمك ، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء ، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع ، فيبرأ " رواه أبو داود . وكحديث عثمان بن أبي العاص أنه قال : أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد يهلكني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " امسح بيمينك سبع مرات وقل : أعوذ بعزة الله وقدرته وسلطانه من شر ما أجد " . قال : ففعلت فأذهب الله ما كان بي ، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وكتب السنة من الأمهات وغيرها مشحونات بالأدعية والتعوذات الكافية الشافية بإذن الله عز وجل ، فمن ابتغى ذلك وجده ، والله الموفق .

      ( أما ) حل السحر عن المسحور ( بسحر مثله فيحرم ) فإنه معاونة للساحر وإقرار له على عمله ، وتقرب إلى الشيطان بأنواع القرب ليبطل عمله عن المسحور ، ولهذا قال الحسن : لا يحل السحر إلا ساحر . ولما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : لو تنشرت . فقال : " أما أنا فقد شفاني الله وعافاني ، وخشيت أن أثير على الناس [ ص: 567 ] شرا " . وقال أبو داود في كتاب الطب من سننه : " باب في النشرة " حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا عقيل بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه يحدث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال : " هو من عمل الشيطان " . ولهذا ترى كثيرا من السحرة الفجرة في الأزمان التي لا سيف فيها يردعهم يتعمد سحر الناس ممن يحبه أو يبغضه ليضطره بذلك إلى سؤاله حله ليتوصل بذلك إلى أموال الناس بالباطل فيستحوذ على أموالهم ودينهم ، نسأل الله تعالى العافية .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية